تكتب : وحدى أفضل ..!! كثيراً ما يكون الفرار هرباً إلى ذلك العالم الافتراضى الذى نضع بجنباته كل مقتنياتنا الروحية الثمينة أفضل كثيراً من الاستغراق فى مثل هذا الضجيج السافر العالق بأغلفة الحياة والذى يصل به الأمر إلى التجرؤ على تهشيم الرؤوس بمطارق الاختناق من التفاصيل السطحية التى تعج ب " وهن" المعنى و"هزال" المضمون و" ضحالة " الفحوى. الوحدة جد قاتلة .. ولكنها قد تكون الترياق الأنسب حين تخلو الساحات من مساحة حقيقية للتماس والاقتراب من الهموم المشتركة والأحلام التوأمية .. فياليتنا نخلق عوالمنا الخاصة بعيداً عن حطام تلك السفينة العالقة بأمواج الحياة .. وتكفى تلك النظرة المتقطعة من آن إلى أخر نحو الإرث المتناثر عبر فقعات الموج الثائر . وكأنه لم يَعُد يتبقى سوى قُصاصات متهالكة من ذاك الشراع الجسور الذى أنهكه الصمود أمام ذلك الإعصار ، فإذا به يقرر الانسحاب وعدم الانتظار للأبد وسط الغيوم الرمادية دون ضمانة تحميه، فكم أرهقته تلك اللطمات الهوائية العاصفة التى كثيراُ ما تلقاها خلال هذه الرحلة الهوجاء ، وأخيراً يطفو جاثياً على سطح الماء متشرذماً مُعتزلاً دوره الدفاعى الطويل . حَرِر إذن ذلك الألم مع موسيقاك المفضلة و دَعها تُعانِق زفيرك المحترق.. من المؤكد أنها تُهاتِفك بطريقتها الخاصة التى تقول شيئاً مختلفاً داخل بهو عالمك الافتراضى .. استسلم فحسب لأصدائها وافرِج عن كل أوجاعك الصامتة ، وتَمتِم مع كل إرتجافة بأوتارها النابضة حتى تودِع مع شدوها الشجى أخر أنّات ألمك.. فإذا بك طافياً ك " ريشة " بيضاء فى مهب رياح النغم ، لا إرادة لك فى ترحالها وهيامها ، فهى تتحرك حسبما تشاء، ولا تضع رِحَالها إلا بمقادير تروقها . وبعد أن تَستقِر كالريشة فوق سفح شاهق ، تُدرِك حينها كم أنت سعيد كونك وحدك، وما عليك فى تلك اللحظة سوى أن تَخفِض جفنيك وتذهب فى ترحال بعيد فى محاولة لاكتشاف ذاتك من جديد ، فهى لحظة أشبه بميلاد جديد ، فلا تخسرها بل اقتنصها وبعناية .. للوحدة فوائد ذهبية ، لن تُدركها إلا مع تسلل نسيم الألفة بينكما .. فلن يمكنك مصافحة ذاتك وقراة طالعها وسط لحظات ضعفها إلا فى تلك الخلوة .. هنا يمكنك تضميد جروحها وتهذيب جنوحها وترويض تمردها وتدليل نرجسيتها ، بل والإصغاء لحديثها الذى غالباً ما يستلزم طقوساً لابد أن تقوم بها بعناية فائقة ، وإلا انسحبت وتركتك وحيداً بالفعل . وثق إنك لست وحدك مادمت تجيد الانفراد بنفسك ، لذا يجوز أن نردد هذه العبارة دون عجب قائلين " وحدى أفضل " .. أنه تداوى الذات بالذات !! المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية