اللحظات الجميلة غالباً ما تخطىء ميلادها ...تأتيك بعد أن أنهكت العمر بحثاً دون جدوى....تصافحك وجها لوجه بعد أن أذبت كل كلماتك على أعتاب معبدها المقدس...تُراقصك بعد أن تهدمت بداخلك لذة الإنتشاء والتحليق ...ترمقها وترمقك وبين كليكما ثأر طويل من ليالِ المناجاة والتوسل. تفك حصارك بعد أن تساوت لديك الحرية والعبودية . أى سر فيك يا دهر لتختصر الطفولة وتلهو بالصبا وتُسقط الكثير والكثير من الحسابات لنجد أنفسنا فى النهاية بمفترق طرق ؟ نتساءل ولا تجيبنا حتى أصداؤنا وعندما تأتينا الإجابات هرولة على طاولة كريستالية ، نزهدها بعد ما أصابنا به الواقع من غُصة . نظل نحلم ونحلم والأحلام تُدَثِر عَراء الواقع ، ويشتد انتماؤنا للحلم لدرجة تخلق بداخلنا معاناة أخرى جديدة وهى الذوبان به وفيه ، فيتحول من وسيلة إلى غاية يتجلى معها جنوح الروح . وقتها نستقر فى منتصف الحلم ، فلا ندرى أيمكننا العودة من حيث بدأنا أم نكمل ما شرعنا به ؟ وهل تسمح لنا وصيفات الحلم بالمضى قُدماً ؟ أم نظل عالقين بين الوجود والعدم ، بين الوجد والوعد ، لنشبه المتصوف الذى يحلق فى عالمه العلوى حد التجلى ليرى مالا يراه سواه ويشعر بما لا يشعره سواه وقد يسمع ما لا تدركه آذان الزمان . لا استعرض أحزاناً أو لطمات القدر، ولكن أتوقف عند لحظة تأمل جانح أشعر فيها كم نهدر أعمارنا فى انتظار الأشياء ، ونخدش كبرياء اللحظات المتاحة بالفعل إلى أن تُصبح ماض مختوم بندم الهادرين . لا استطيع إنكار كم يؤلمنا رحيل الحلم عنا بعد أن صار ونيساً للدرب الرتيب الجاف، ولكن علينا ألا نُفْرِط فى الإنتماء له ، ولنراه دائماً " قارورة" عطرنا المفضل الذى يكفينا نسماته حتى وإن لم ترتديه أوصالنا ، فالروح تختبىء بفواحته وتهدينا إكسيره اليانع مع نفحات الذكريات. فقط أخلد بقاع نفسك وتأهب لقفزة الثقة لتواجه أمواج أمنياتك ، ولتكن أجمل اللحظات هى التى لا تنتظرها فتباغتك وتجبر خاطرك الذى ظل كسيراً لحقبة طويلة، وعليك الإختيار بين حلم مفاجىء أم حلم مهاجر . تُرى أيهما تفضل ؟ نصيحتى ألا تقع فى أسر الأنتظار، فهو يطعن نشوة المتعة فلم تعد تتدلى منها قطرات السعادة والزهو، بل تختنق مع الساعات الطويلة والسنوات البالية نسمات الرضا ، لترى بعدها الأشياء كالغرفة الفارغة ...مجرد حيز من الفراغ . هيا.. هيا أٌقترب من القدر واقذف بجعبته أوراقك ودواوينك ولا تنتظر ساعة إجابة ، بل كن على يقين إنك على موعد مع أجمل لحظاتك ، لكن دون أن تسعى لمعرفة الزمان والمكان . فقط تهيأ لذاك الموعد المبهم ... ولا أقصد استعد ، بل أحصد زهرات الأمل المنثور عبر لقاء يُعيدك مرة أخرى إلى حروفك التى استودعتها (أمانة ) لدى قَدَر يُجيد إنصاف مُرتاديه . لا أهزى بالألم ولا أتفلسف بثقافة الرضا ولكنى أتمتم بعين التجربة ... " قُرة عين" السعادة ألا تنتظرها أو تستجديها ، بل اصنعها وثق فيما صنعت ، كى تنجذب اليك مغانطك وتستنفر طاقاتك الإيجابية ، فالدنيا يا رفاق لا تهوى من يستجديها ، بل يُؤثِرها من يدرك ضألتها فتغدو مشاكسة تسعى لاستمالته وكسب ثقته . ولتحتفظ بهذا الكود بين أوراقك ...." أجمل الاشياء تخطىء أوقاتها " ، واقنع بأن السر يسكن في الجمال ذاته وليس فى توقيت إتيانه . لو أنك استشعرته فحسب ، سيظل يتراقص حولك دون ان تراه . ( كلٌ متاحٌ ) بزاوية الروح ، فلا تجعلها مُهَدمة الأركان ولا تهمل مُداواتها ، فإن سَقِمَت .. سَقِمَت معها أحلامك وأمنياتك وجمال لحظاتك !! شيرين ماهر شيرين ماهر