اقرأني لتراني مذكرات أولى ثانوية عامة (4) دخلت أنا أولى الثانوية العامة جامعتى الإقليميةنزولاً على رغبة اهلى وخوفاً عليّ من القاهرة.جامعات الأقاليم لا تختلف كثيراً عن الجامعات الأم الكبيرة إلا فى عشوائية بعض الأشياء مثل مبانيها وصغر حجم مدرجاتها أو إنضمام كليتين معاً فى مكان واحد مما يسبب إزدحاماً مبالغاً فيه للطلاب وللأساتذة. وربما تبتعد جامعة الأقليم عن دائرة الضوء قليلاً مما يسمح لبعض الأساتذة أن يفعلوا ما يحلو لهم على مستويات عدة، وهو ما يحدث أحياناً فى الجامعات الكبيرة لكن ربما بأسلوب أكثر أناقة وأحياناً بنفس الأسلوب. كان هذا فى الثمانينيات قبل دخول معايير الجودة فى التعليم العالى وتقنين كثير من الأمور وتحسن الأوضاع فيما يتعلق بالمبانى والتقنيات وإن كنت أعترض على تطبيق الكثير من معايير الجودة التى تجعل الأمور لامعة على السطح بينما لا تختلف كثيراً فى أرض الواقع. كتبت هذه الفقرة عزيزى القاريء وأنا فى مقهى فى وسط القاهرة التى أعيش فيها منذ عشرين عاماً بعد زواجى وبعد ان أنهيت جلسة مع طبيبى النفسى الذى يعالجنى من الأرق.ليلة أمس قضى أهل القاهرة جميعاً ليلة عجيبة مع إنفجارات بدت متزامنة فى عدة أماكن من القاهرة الكبرى، وشهد بعض الناس أن الصوت كان مثل يوم القيامة وفوجئنا فى الصباح أن التفجير كان فى مبنى أمن الدولة فى شبرا الخيمة وأنه رغم فظاعة الصوت لدينا فقط عدد من الإصابات دون وفيات!! أمر عجيب حقاً! ولماذا يسمع هذا التفجير أهالى الهرم الذين يبعدون ما يقرب من أربعين كيلومتراً عن شبرا الخيمة؟ ولماذا سمعه الناس فى مدينة نصر أيضا؟ وكيف لتفجير بهذا الحجم أن يسفر عن إصابات فقط؟ هل هناك ما لانعرفه؟ وكيف نعرف أننا نعرف الحقيقة؟ وماعلاقة هذا بما أكتبه عن ذكرياتى كأولى للقسم الأدبى عام 1987 على القطر المصرى كافة؟ وعن دخولى جامعة إقليمية بدلاً من كليات القمة فى القاهرة؟ أرجوك إعمل عقلك معى عزيزى القارئ. فأنا مشوشة فيما يتعلق بالحاضر والماضى. كنت أظننى أقدر على سرد الماضى وتحليله وجذبك لتنتظر مقالى أسبوعياً وربما تستفيد شيئاً أولاتستفيد، ربما تعقب على مسألة الجامعة بأننى شخصية ضعيفة لم تستطع تحقيق أحلامها،و ربما تقول "دحيحة" ولا يعكس كونها أولى الثانوية العامة أى شيء عن مستوى ذكائها، ربما تتهم الأهل بالتقصير، وتتهم الدولة بإهمال أوائلها،وربما ترمى بالجريدة فى القمامة أو تغلق موقع المشهد لو تقرأ على الشبكة أو تغير المقال، ربما تفعل كل هذا ولن ألومك. لكننى أظن أننى أتحدث عن التفجيرات ليس فقط لأنها تٌربكنى بل لأننى أحاول الهروب من الرجوع إلى الموضوع الأساسى وهو الإعتراف بأنه رغم أننى تفوقت فى كليتى الإقليمية وإستفدت من كثير من أساتذتى الكرام فيها، إلا أننى كنت أستحق ماهو أفضل على ما أظن، نوع آخر من الدراسة يربى فى عقلى التفكير النقدى وينمى شخصيتى فى إتجاه مغاير غير منظومة التعليم المصرى العقيمة وأن هذا لاعلاقة له بالجامعات الم فى القاهرة التى هى جزء من نفس التعليم. سافرت كثيرات من صديقاتى الأكثر شجاعة ودرسن فى القاهرة وحدهن وأكملن الحياة فيها، وإلتقيت ببعضهن بالمصادفة عند نفس الطبيب النفسى!! المشهد لا سقف للحرية المشهد لا سقف للحرية