تصميم عبقري تألقت به كنيسة العذراء بالزمالك مزج بين العمارة الفرعونية والقبطية والإسلامية في صورة أبدعها الفنان الراحل رمسيس ويصا واصف ليجعلها جزءاً من منظومته الفكرية التي حاول فيها أن يضفي ملامح للهوية المصرية علي أعماله ويبتعد عن العمارة الحديثة المعتمدة علي النهج الأوروبي. وفي وقت كان الطراز المعماري الفريد للكنيسة عرضة للانهيار وكانت الأيقونات التي رسمها الفنان الراحل بيديه مصيرها الطمس، تمكنت جمعية المحافظة علي الآثار المصرية من التصدي للجنة بالكنيسة ونجحت في إزالة التجديدات المشوهة للتراث. وفيما أدلت إدارة الكنيسة بحديث مقتضب للغاية، نفت فيه القيام بأي أعمال ترميم أو تغيير في الأيقونات القديمة التي رسمها الفنان ويصا واصف بيديه، شددت جمعية المحافظة علي الآثار المصرية علي ضرورة عدم المساس بأعمال الفنان القدير. ويقول رئيس مجلس إدارة جمعية المحافظة علي التراث المصري المهندس ماجد الراهب إن "شعب كنيسة العذراء الكائنة بشارع المرعشلي في ضاحية الزمالك أرسل إلي الجمعية العديد من الاستغاثات بخصوص التجديدات التي تقترح لجنة الكنيسة إجراءها بمناسبة يوبيل الكنيسة والاحتفال بمرور خمسين عاما علي إنشائها". ويوضح الراهب أن "التجديدات كانت ستؤثر علي الطراز المعماري الفريد للكنيسة والذي قام بتصميمه المعماري العالمي رمسيس ويصا واصف وكذلك أنه كان هناك تفكير بنزع الأيقونات القديمة". ويضيف المهندس ماجد الراهب أن "الجمعية تحركت علي الفور وناشدت الكنيسة بالالتزام بالتراث المعماري للقدير ويصا واصف واستجابت لجنة الكنيسة بالفعل وقامت بإزالة كل ما يخل بالطابع المعماري للكنيسة وبدأت في تجميع المعلومات حول الفنان ويصا واصف". ويشير رئيس مجلس إدارة جمعية المحافظة علي التراث المصري إلي أن "وفدا من الجمعية التقي مع لجنة الكنيسة برئاسة الأب بولا وتناقش معهم حول التجديدات المطروحة وبين لهم القيمة الفنية للكنيسة واقترح عقد اجتماع آخر لوضع تصور بالتجديدات المطلوب تنفيذها بحيث لا تؤثر علي التراث المعماري للكنيسة وأيقوناتها ووضعها المعماري المتميز والذي لا يوجد له مثيل علي مستوي مصر بأكملها". ويلفت المهندس الراهب إلي أن "حملته التي قادها ضد تجديد الكنيسة واجهت هجوما وانتقادات حادة علي صفحات الإنترنت"، وقال إن "البعض تهكم عليه واتهمه أنه يعمل لصالح أجندات خاصة وأنه يريد أن يأخذ أعمال الترميم لصالح مكتبه". ويؤكد الراهب "ضرورة أن يكون هناك تركيز علي أهمية ويصا واصف الفنية وقيمة أعماله ونشر الوعي بها في وسائل الإعلام"، لافتا إلي تكريم كلية فنون جميلة للراحل ونشرهم لجزء كبير من أعماله الفنية". وفي سياق متصل، يقول مدرس تاريخ العمارة بكلية الفنون الجميلة الدكتور حاتم مرسي إن "الدكتور ويصا من أعلام العمارة المصرية بل إنه عمود العمارة المحلية البيئية الحديثة وإنه يوازي في الأهمية حسن فتحي لكنه لم يأخذ وضعه في الإعلام". ويوضح مرسي أن "المعماري ويصا واصف صمم الكنيسة علي طريقة عصرية مستخدما أيقونات بارزة وهي ما اعتبرها البعض أنها تخالف المعتقدات المسيحية"، مشيرا إلي أن جمعية المحافظة علي الآثار المصرية تبحث حاليا أنسب الحلول لعمل تجديدات لا تتعارض مع الدين أو الشخصية المعمارية للكنيسة". ويضيف الدكتور حاتم مرسي أن "أهمية الكنيسة تعود إلي أنها تراث عبقري معماري تمكن ويصا واصف أن يجمع في كل موضع فيها مفردات معمارية تنتمي لحضارات مصر المختلفة فهي لا تعبر عن عمارة الديانة القبطية والديانة الفرعونية وعمارة الإسلام فقط لكنها تكشف أيضا عن التمازج والترابط بين هذه الديانات عبر حوار بين عناصر كل عمارة منها". ويشير مدرس تاريخ العمارة إلي أن "الواجهة الأمامية للكنيسة تجمع في آن واحد بين البوابة الفرعونية للمعبد وبين إيوان يمثل لمدخل الجامع الإسلامي وقبة مكورة تشير إلي الكنيسة القبطية كذلك الواجهات الجانبية تنظر فيها شبابيك الكرنك الطويلة تفصل بينهما أعمدة بها من الإشارات ما توحي أنها أعمدة معبد فرعوني". ويتابع الدكتور حاتم مرسي أن "أعلي هذه الشبابيك الطويلة توجد شبابيك معقودة تذكر بشبابيك الجوامع والكنائس، وأن برج الكنيسة نفسه يجمع في شكله بين المسلة الفرعونية والمئذنة الإسلامية وبرج الكنيسة، حتي الصليب علي برج الكنيسة وقبتها صممه ويصا برشاقة بحيث تري فيه مفتاح الحياة الفرعوني والصليب القبطي والهلال الإسلامي". ودعا مرسي وسائل الإعلام إلي الاهتمام بالفنان ويصا واصف وتجربته الفريدة التي أسس خلالها مركز الفنون المحلية في قرية الحرانية في محافظة الجيزة المصرية"، لافتا إلي أن "المركز نجح إلي حد كبير في إعادة توطين فنون صناعة السجاد والكليم في تلك القرية وأصبح له سمعة كبيرة وشهرة واسعة في مختلف بيوت التصميمات العالمية".