"لقد تطور العمل في مصر حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979، فقد أحدثنا اختراقات سياسية وأمنية واقتصادية في أكثر من موقع، ونجحنا في تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والاجتماعي لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً ومنقسمة إلي أكثر من فئة, لتعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية، ولكي يعجز أي نظام يأتي بعد حسني مبارك في معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشي في هذا البلد".. تصريحات وردت علي لسان "عاموس يادلين"، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان), في حفل أقيم بمناسبة تسليمه مهام منصبه لخلفه الجنرال "آفيف كوخافي"، فهل يعني ذلك شيئا لنا عند التأمل فيما يحدث حولنا الآن؟! تمر مصر بكل هذه الاهوال، ويتسارع التحريض ضد جيشنا من جانب جهلاء او عملاء او مجموعة من الساذجين، في هذا التوقيت الحساس، ونسي البعض اعترافات علنية قالت فيها تنظيمات بعينها ان هدفها اسقاط الجيش المصري لأنه النواة الاساسية للدولة التي لا بد من هدمها! فهل تختلف هذه الاهداف عما تتمناه اسرائيل واعدائنا؟! في الوقت نفسه، لا تضيع اسرائيل وقتا في الاستعداد لفشل جهودها وجهود عملائها في اسقاط الجيش، وتستعد لمعركة تحسبها قريبة، فنجد الجيش الاسرائيلي يبحث استخدام أسلحة جديدة تطلق النار ذاتيا علي الحدود المصرية، ويعلن عن إدخال معدات عسكرية واستخباراتية جديدة للعمل علي الحدود المصرية، من بينها سيارة جيب متطورة، تحمل اسم "جرانيت"، ومهمتها جمع المعلومات الاستخباراتية، بالإضافة إلي طراز جديد من الطيارات الإسرائيلية التي تعمل بدون طيار، ويجري التحكم فيها علي يد القوات البرية. وذكر موقع "والا" الإخباري الإسرائيلي، الاسبوع الماضي، أن قائد القوات البرية بالجيش الإسرائيلي، العميد سامي ترجمان، «وهو من أصول مغربية»، أمر بتزويد القوات المتمركزة علي الحدود المصرية بقوات ومعدات نوعية، من بينها السيارة "جرانيت"، التي تعد احدث السيارات المتطورة لجمع المعلومات الاستخباراتية، ومزودة بوسائل متطورة للمراقبة والإنذار علي مدي مسافات طويلة للغاية. وأوضح ضابط إسرائيلي رفيع المستوي أن السيارة من طراز "فورد 550"، واجتازت فترة التجارب علي الحدود اللبنانية، ومؤهلة للعمل بمساحات واسعة تقدر بمئات الكيلومترات، ومناسبة جدا للعمل علي الحدود المصرية، وبوسعها إجراء مسح للموقع ليلا ونهارا، وتحديد الأهداف عن طريق أجهزة رادار واستشعار متطورة، ورصد الأشخاص المشتبه بهم في مناطق لا تتوافر بها إمكانية الرؤية المباشرة. كما تقرر تزويد القوات الإسرائيلية علي الحدود المصرية بطائرات بلا طيار من طراز "سكاي لارك2"، من إنتاج شركة "ألفيت" للصناعات العسكرية الإسرائيلية، وهدفها التجسس علي ما يجري علي الحدود وداخل العمق المصري في سيناء، وجمع معلومات استخباراتية. وذكر الجيش الإسرائيلي في موقعه علي الانترنت أن قادة الجيش يبحثون استخدام تكنولوجيا متطورة علي الحدود المصرية، تقوم علي فكرة "الروبوت" الذي يفكر كالإنسان، بحيث يكون بمقدور هذه الأسلحة أن تراقب الحدود وتجرم من يحاول اجتيازها وتصدر عليه حكما فوريا بالقتل، عبر إطلاق النار عليه، لافتا إلي أن الأمر يحتاج لنقاش "إبداعي ومتعمق". قناة السويس من ناحية اخري، بدأت الحكومة الإسرائيلية مناقشة مشروع لإنشاء خط حديدي يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، يوفر طريقا جديدا للتجارة بين آسيا وأوروبا يمكن أن ينافس قناة السويس. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في افتتاح مناقشة مجلس الوزراء للمشروع، الاسبوع الماضي، إن المشروع ذو أهمية استراتيجية علي المستويين الإسرائيلي والدولي، وأن فكرة تفريغ حمولات السفن في ميناء ونقلها بالسكك الحديدية لتحملها سفن أخري من ميناء آخر لاقت "اهتماما كبيرا" بين عدد من كبار المصدرين في الهند والصين، وان المشروع في حالة تنفيذه سيؤثر إيجابا علي إسرائيل وبشكل مطلق لخمسين سنة قادمة. ولم ينل المشروع الموافقة النهائية بعد، وما زال يفتقر إلي خطط التمويل. ولم تعلن إسرائيل بعد حجم الحمولات التي تتوقع أن ينقلها الخط المكهرب المقترح، الذي سيمتد لمسافة 350 كيلومترا من إيلات علي البحر الأحمر إلي أسدود علي البحر المتوسط، علي بعد 30 كيلومترا جنوبي تل أبيب. ورفض المسئولون الإسرائيليون أي آراء تري أن المشروع يأتي ردا علي الاضطرابات السياسية في مصر وصعود الأحزاب الإسلامية، برغم استعداد إسرائيل في هدوء لاحتمال انهيار معاهدة السلام مع مصر. وقال مسئول إسرائيلي إن المشروع يمثل ضمانا واقيا في حالة عجز قناة السويس عن النهوض بعبء تزايد حركة التجارة البحرية، وأضاف أن إسرائيل "لا تعتزم بأي حال أن تفعل أي شيء ينال من إيرادات قناة السويس." وقال سامح نبيل، القنصل المصري العام في إسرائيل، إن من السابق لأوانه التعليق علي المشروع المقترح نظرا لأن الموضوع ما زال في مرحلة تمهيدية، ووصف الأمر بأنه "مسألة داخلية بحتة". وقال عوديد عيران، وهو دبلوماسي إسرائيلي متقاعد يعمل الآن باحثا في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، إن "عبور قناة السويس يكلف الكثير من المال بسبب التأخير"، مشيرا إلي الوقت المستهلك في حصول السفن علي تصريح دخول القناة وعبورها. وتوقعت وسائل إعلام إسرائيلية أن تبلغ تكلفة الخط الحديدي نحو ملياري دولار، فيما قالت وزارة النقل الإسرائيلية إنها تبحث عن شركة صينية لإنشائه، وتوقعت أن يستغرق بناؤه خمس سنوات. وشكك عيران في أن تهدد مصر الملاحة الإسرائيلية ثانية كما فعلت حين أغلقت مضائق تيران عام 1967، وقال انه يثق في تأكيد حكومة نتنياهو أن الخط سيكون تجاريا في الأساس أكثر منه رصيدا أمنيا. وربط مسئولون إسرائيليون بين المشروع وجهود أوسع نطاقا لاستغلال المناطق الصحراوية الجنوبية في إسرائيل، بما في ذلك خط أنابيب بين إيلات واسدود يتوقع أن يضخ الغاز الطبيعي من منصات في البحر المتوسط لتصديره عبر البحر الأحمر. من جانبه قال المحلل الاقتصادي لصحيفة معاريف الإسرائيلية، ديفيد ليفكين، إن علي نتنياهو أن يسارع الي تهدئة مخاوف مصر من المشروع، مع التأكيد للمصريين بأن الهدف من المشروع تنمية النقب وإيلات ولا يمكن قبول الاعتراض عليه. وأوضح أن أبرز العراقيل الماثلة أمام التنفيذ تكمن في التمويل، الذي يقدر بالمليارات، مشيرا إلي أن الصين أعربت عن استعدادها لتمويل جزء من المشروع، بينما سيكون علي إسرائيل أن تتحمل معظم التكاليف، وما زال من غير الواضح ما إذا كانت عائدات المشروع ستغطي تكاليفه أم لا. وقال إن المشروع سيوفر دعما للسياحة في إسرائيل، ويعمل علي تنمية صحراء النقب بسرعة، واعترف بأن الهدف الرئيسي منه هو منافسة قناة السويس، وتوطيد العلاقات مع الصين والهند واليابان. أخيرا.. هذا ما تفكر فيه إسرائيل، فماذا نفعل نحن بأنفسنا؟ ولماذا يغيب العقل؟ ولماذا تكون الكلمة العليا للمحرضين والجهلاء؟ ولماذا نسينا فجأة اننا كلنا مصريون؟ وكيف سمحنا باضاعة الامن في بلد كان يفاخر بأمنه؟ ونسينا التراحم والتسامح في بلد، كان يقال إن اهله طيبون؟! لماذا اضعنا العمل والعقل والطيبة والتآلف، وتفرغنا لكل اعمال التحريض والانتقام؟ لماذا نسير في سيناريوهات الهدم؟ ونسينا كل سيناريوهات البناء؟!.. لك الله يا مصر.