يبدو أن توقيت إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 يناير عن اعتزام حكومته إنشاء خط سكك حديد متطور بين مدينتي إيلات وأشدود لنقل البضائع الآسيوية من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط ومنه إلى أوروبا، لا يخرج عن كونه مؤامرة جديدة لايجاد ممر مواز لقناة السويس وعرقلة انتعاش الاقتصاد المصري الذي بدأ يتعافي بعض الشئ بعد مرور عام على ثورة 25 يناير. بل وهناك من رجح أيضا أن تصريحات نتنياهو هي مناورة مفضوحة لابتزاز مجلس الشعب المصري الجديد ومنعه من اتخاذ قرارات ضد إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بتصدير الغاز إليها ومراجعة اتفاقية كامب ديفيد. وكان نتنياهو أعلن في 29 يناير وبالتزامن مع إحياء الذكرى الأولى لثورة 25 يناير في مصر أن الحكومة الإسرائيلية بحثت خطة لبناء خط سكة حديد يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، ويوفر طريقا جديدا للتجارة بين آسيا وأوروبا . وأضاف في تصريحات لوسائل الإعلام الإسرائيلية " فكرة تفريغ حمولات السفن في ميناء ونقلها بالسكك الحديدية إلى ميناء آخر لنقلها بحريا من جديد، لقيت اهتماما كبيرا بين مصدرين كبار في الهند والصين". وتابع نتنياهو " الخط المقترح سيمتد على مسافة 350 كلم من إيلات على البحر الأحمر إلى أسدود على البحر المتوسط ، ولذا فإنه مهم استراتيجيا على المستويين المحلي والدولي". ولم يقف الأمر عند ما سبق، حيث كشف وزير النقل الإسرائيلي يسرائيل كاتس أيضا عن احتمال إسناد إنجاز المشروع لشركات صينية، قائلا:" القدرات المهنية للشركات الصينية في بناء أنظمة السكك الحديدية وشبكات النقل تجعلها من بين أفضل الشركات عالميا للقيام بتلك المهمة، التقيت نظيري الصيني في سبتمبر الماضي وبحثت معه الأمر". بل وكشف مسئول إسرائيلي أيضا في تصريحات لوكالة "رويترز" أن خط السكك الحديدية الجديد الذي أطلق عليه اسم "ميد ريد"، في إشارة إلى البحرين المتوسط والأحمر، سيستخدم كذلك لتصدير الغاز في المستقبل إلى الهند وربما إلى الصين أيضا، انطلاقا من حقول الغاز التي تطورها تل أبيب في البحر المتوسط بعد اكتشافها مؤخرا حقلين ضخمين للغاز الطبيعي هما "تمار ولوثيان" على بعد 80 و130 كلم شمال مدينة حيفا، حيث يقدر احتياطي الأول بنحو 238 مليار متر مكعب والثاني ب450 مليار متر مكعب. وفيما رفض المسئول السابق التعليق على ما إذا كان هذا الخط يأتي ردا على صعود الأحزاب الإسلامية في مصر، إلا أنه كشف ضمنيا أبعاد المؤامرة الصهيونية الجديدة ضد أرض الكنانة، قائلا :" إن خطة السكك الحديدية ضمان واق في حال عجز قناة السويس عن النهوض بعبء تزايد حركة التجارة البحرية العالمية". وتابع "سيكون هناك كثيرا من الضغط على قناة السويس، والفكرة هنا هي إيجاد ضمان في حال عجز القناة عن النهوض بحجم حركة التجارة المنقولة بحرا". ورغم أن البعض يشكك في جدوى المشروع الإسرائيلي بالنظر إلى أنه لن يستطيع تحمل الحمولات الكبيرة التي تنقلها السفن عبر قناة السويس، كما أنه سيستغرق وقتا طويلا في تفريغ تلك الحمولات لتحمل على القطار وإعادة شحنها من جديد بعد استقبالها بميناء الوصول، إلا أن هذا لا ينفي أن مخططات إسرائيل لتهديد الملاحة في قناة السويس التي تعتبر ثالث أكبر مصادر الدخل القومي في مصر لن تتوقف عند حدود معينة. فمعروف أن إسرائيل طرحت قبل سنوات أيضا مشروع إقامة "قناة البحرين" الذي يتضمن مد خط أنابيب بطول 180 كيلومتراً، من البحر الأحمر إلى البحر الميت كمرحلة أولى، وبعد ذلك مد أنبوب من البحر المتوسط إلى البحر الميت لتحقيق حلمها في إيجاد قناة تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط وتكون بديلة لقناة السويس. ورغم أن تل أبيب فشلت في تنفيذ المشروع السابق بسبب تكلفته المالية الباهظة، إلا أنها سارعت حينها لدعم عمليات القرصنة قرب السواحل الصومالية للتأثير على تدفق حركة السفن عبر قناة السويس. ويبدو أن الأسوأ مازال بالانتظار في حال لم يلتزم المصريون الحذر واليقظة ، خاصة أن إسرائيل تسعى بكل ما أوتيت من قوة لإجهاض ثورة 25 يناير بصفة خاصة والربيع العربي بصفة عامة.