"العلم لا وطن له .. أما الفن فله وطن .. وكل وطن له فن" إن هذه العبارة هي أحد أقوال الفنان والموسيقار محمد عبد الوهاب والتي تعبر عن ارتقاء الوطن بفنه وارتقاء الفن بوطنه، كذلك الآثار هي نتاج فن أصحابها و تدل علي ثراء أوطانها و قدرة الذين أبدعوا في عملها والعمل علي بقائها، ولأن الفن والآثار هما نتاج حضاري دال علي ثقافة أوطانهما، فلذلك الحفاظ علي كل منهما واجب لإبقاء روح الحياة في التاريخ وشهادة علي بقائه في المستقبل ومواكبة التطور الحضاري ، فمع إعادة توظيف بعض الآثار التي يتاح استخدامها بأسلوب يحفظها من إلحاق الإضرار بها، فهو مواكبة للتطور الحضاري، وفي دراسة الفن وتطويره مع الحفاظ علي تاريخه وقواعده فهو إطلالة جديدة لهذا الفن علي الحياة. بهذه الروح تحرك الفنان محسن فاروق أحد آخر تلاميذ الفنان والموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب للقيام بمشروع بيت الغناء العربي والذي مقره قصر الأمير بَشتاك بالقاهرة الفاطمية ويعد هذا العمل حفاظا علي تراث عربي فني ومعماري رفيع المستوي، ويتضمن نشاطات ثقافية تضمن نشر للثقافة وتأصيل للفن العربي لدي أفراد متعلمين وأميين، بالإضافة إلي انه يقدم لطبقات اجتماعية مختلفة، والجدير بالذكر هنا انه حتي الآن لم يتم تفعيل للنشاط الثقافي بقصر الأمير بَشتاك، لذا نطرح سؤالا مهماً وهو لماذا تم ايقاف افتتاح النشاط الثقافي بمشروع بيت الغناء العربي حتي الآن بعد أن تم تأجيله لمرتين علي التوالي؟!! وعن المشروع يقول الفنان محسن رائد المشروع والمدير الفني لبيت الغناء العربي ان هذا المشروع هو الأول من نوعه، وبإسناد تبعيته لصندوق التنمية الثقافية فهو لتأييد دور الدولة بدعم المشاريع الثقافية، والهدف الأساسي من المشروع هو العمل علي تنمية ثقافة وإبداع المجتمع، ويشير إلي ما قد ظهر في الفترة الأخيرة من هبوط في المستوي الفني لدي الكثير جدا من شباب الخريجين والمبدعين العاملين بحقل الموسيقي العربية اي في مجال الغناء العربي وكذلك المعزوفات العربية، لذا فقد وجد انه من الأولويات أن يقوم بالعمل علي خدمة الموسيقي بقوالبها المختلفة ومعزوفاتها العربية وكذلك قوالب وفنون الغناء العربي بتقديم فرص في صورة دورات تدريبية ذات منهج محدد يستمر لمدة ستة أشهر. لذلك تم عمل حملة لتنمية الثقافة الموسيقية وإعادة التراث، لان المؤسسات التي كانت مسئولة عن هذا أصبحت في غيبوبة وترضي نوعية معينة من الجمهور الذين هم أنصاف مثقفين، وسيكون جميع المدرسين بالبيت مصريين مع عمل تبادل ثقافي والاستعانة ببعض الخبرات من مدرسين أجانب من العالم العربي كمدرسين زائرين في ورش عمل كورش التدريب للأصوات والآلات الموسيقية. تاريخ قصر بشتاك يذكر الفنان محسن أن قصر بشتاك الأثري يعود تاريخ إنشائه إلي عام 1339م، ويقع في شارع بين القصرين، وهو الشارع الذي يضم العديد من المباني والبيوت التي ترجع إلي العصرين المملوكي والفاطمي، وقد أنشأه الأمير سيف الدين بشتاك الناصري أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون، و كان هذا القصر في البداية يقطنه الأمير بدر الدين بكتاش ثم اشتراه الأمير بَشتاك من الورثة، وأضاف إليه المساحات التي كانت حوله، وكان قد أوشك علي الانهيار بعد زلزال 1992م، و تم إصلاح القصر بالاشتراك مع معهد الآثار الألماني عامين بتكلفة حوالي 50 مليون جنيه. ويستكمل بأنه قد قام بتصميم المشروع ثم تقديمه والحصول علي الموافقة عام 2005م، وقد كان اختيار قصر الأمير بشتاك لتنفيذ المشروع يرجع للسيد فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق، أما تسكين المشروع فتم في عام 2008م. أما عن قيمة القصر الأثرية فيضيف أنه حسب وصف الأثريين انه نموذج فريد للعمارة المدنية في العصر المملوكي و يمثل قيمة معمارية وجمالية نادرة في القاهرة الفاطمية، حيث يعتبر أيضا أفخم مباني القرن الثامن الهجري والرابع عشر الميلادي. إعادة التوظيف يذكر الفنان محسن بأنه قد تمت إعادة توظيف حجرات القصر لتوزيع نشاطات المشروع بها، فمثلا قاعة الحفلات الكبري قد ظلت كما هي ما يقرب من 760 عاما وكان يقيم فيها سيد القصر حفلاته، وهي الآن اكبر وأقدم قاعة حفلات تاريخية وسيتم فيها العروض لإحياء التراث العربي. أما الإسطبل فقد حَّول إلي معرض والذي سيسمي ب :جاليري بشتاك" وسيتم به أيضا إقامة الندوات الثقافية بمسمي"صالون مقامات". ويستكمل انه بالنسبة لغرف التدريب فيوجد حاليا فقر في الغرف التي ستكون مناسبة لمركز الإبداع بالقصر، لذا يحاول حاليا الاستعاضة ببعض الأماكن البسيطة في الدورين الثاني والثالث واللذين سيتم تخصيصهما لتدريبات الصوت أو لورش التدريب علي الآلات وذلك بتوزيع الساعات علي المكان. بعد الانتهاء من تسليم بيوت الحريم التابعة للقصر، وذلك بعد إخلائها من الأهالي بواسطة الجهات المتخصصة سيخصص جناح للمكتبة والمتحف، ويتمني أن يتم في اقرب وقت إخلاء ما تبقي من بيوت الحريم الملاصق للقصر الرئيسي لتوفير أماكن أفضل لمركز الإبداع للاستفادة به، حيث انهم بحاجة شديدة لهذه الأماكن لفصول التدريس وتنمية الإبداع والمواهب، بالإضافة إلي عمل المتحف والمكتبة. نظام الدراسة يستكمل الفنان أن نظام الدراسة يعتمد علي أن اي طالب في مجال الغناء أو العزف العربي لآلات معينة وهي الكمان والقانون والناي مع الغناء العربي، إذا اجتاز اختبار القدرات سيحصل علي منحة بدفع 75% من قيمة الدراسة دون النظر إلي جنسيته. ويضيف انه قد تم اختيار هذه الآلات بالتحديد خوفا من اندثارها بسبب هجوم الآلات والألحان والتوزيع الغربي، لأنها تمثل الأصالة وثقافة اللهجة الموسيقية التي تمثلنا كدولة، لتكون آلات تخت شرقي بالعزف بالأسلوب المصري طبقا للمدارس المصرية القديمة وليست المدارس التركية. يؤكد انه لن يحصل علي فرصة الدراسة والتقديم سوي أصحاب المهارات والمبدعين وأيضا لن يتم تخرجه إلا بمشروع، وعن تخرج الطلبة فيقول انه سيتم الإمضاء بالموافقة من أربعة أساتذة مشرفين وإذا تم اعتراض واحد منهم سيتم استمرار الطالب بالدراسة لمدة شهر، وإذا اعترض ثلاثة سيستمر في دراسته ستة أشهر أخري وستكمل التكاليف علي نفقته الخاصة، والفكرة هنا هي توفير فرص حقيقية للموهوبين المستحقين لهذه المنحة والمقدرين لهذا التراث. نشاطات بيت الغناء العربي يعلن الفنان محسن أنه سوف تمارس بعض الأنشطة الثقافية داخل بيت الغناء العربي لإكمال المنظومة من مدرسة لإتقان الآلات العربية السابق ذكرها ولدراسة أصول الغناء العربي، كذلك سيتم عمل معرض للفنون التشكيلية والنحتية وأيضا سيكون مكان المعرض لإقامة الندوات الثقافية المختلفة، و سيقام بالبيت نشاط حفلات تحت اسم ليالي الثقافة العربية. ويذكر انه قد تمت الموافقة علي إنشاء أول متحف للآلات الموسيقية العربية المختلفة وأول مكتبة للمسموعات والمرئيات العربية والتي من خلالهما يستطاع بيع المنتج الثقافي الذي يوجد بها، والمتحف سيضم الآلات التقليدية التي تستخدم في مصر والبلدان العربية الأخري حيث تكون نموذجاً أصليا من البلد ويضم أيضا صور من المدونات القديمة للأعلام الموسيقية وستجمع من إهداءات الهواة والفنانين الذين يمتلكون مقتنيات منها من خلال مساعدة الملحقين الثقافيين والسادة السفراء لترشيح هذه الآلات. وبشكل عام سيكون الاحتفال بالمكان علي مستوي عال من الرقي الذي يتميز بمحدوديته، حيث سيكون الدخول ببطاقة الدعوة أو بعضوية المنتدي الثقافي بقصر بَشتاك. الوضع الأثري للقصر تذكر عبير عبد العال (أثرية بمشروع ترميم وتطوير المناطق التاريخية التي تضم منطقة قصر بشتاك بالتعاون بين وزارة الثقافة والمجلس الأعلي للآثار)، أنه قد تم ترميم القصر وتسليمه التسليم النهائي وحاليا يحتاج إلي صيانة دورية مثلما يحدث للآثار الباقية بعد ترميمها، وحيث يتميز هذا القصر باستغلاله كمركز إبداع يساعد علي الحفاظ علي المكان ويعرف المصريين بتاريخ بلدهم ويتيح لهم الفرصة لدخول المكان والتعرف علي تراثه، لذا فدور المشروع هو الحفاظ علي المكان واستكمال أعمال الصيانة بعد الترميم، وتوضح أهمية الصيانة الدورية بأنه في البداية قد تم عمل تسليم ابتدائي مع تقديم ملاحظات لاستكمال العمل ثم تم إنهاؤه وإتمام التسليم النهائي الذي لم يكن به أي ملاحظات، ثم تستكمل المتابعة لأن بطبيعة الحال مع مرور الوقت يتم عمل صيانة دورية بسبب عوامل الرطوبة والأملاح وحدوث بعض التغييرات مثلما يحدث من كسور ببعض الأجزاء. ويضيف الفنان محسن أن الترميمات كانت تتم من قبل و أثناء تسكين البيت، ومع بداية تسكين المشروع فقد طلب مدير التنمية الثقافية المهندس محمد أبو سعدة عمل صيانة لبعض الأماكن التي تحتاج إلي الصيانة مع تركيب بعض الأبواب وسد الثغرات الأساسية، مثل تركيب سور حديدي لعمل حدود للقصر وفصله عن المباني الأخري سواء الأثرية أو المباني العادية لمنع اي تعد علي المكان، و يشيد بالدور الكبير والمجهودات الرائعة التي قام بها الأستاذ أبو سعدة من دعم للمشروع حتي يصل إلي النور. ويؤكد انه سيتم الاستعانة بمتخصصين في الإضاءة و هندسة الصوت بعد الأخذ بالرؤية الفنية للمدير الفني للمشروع، لعمل وحدة إضاءة وصوت تحافظ علي أثرية القصر من اي ضرر.