خدعونا فقالوا:التعليم يرتدى ثوباً جديداً بقلم د هناء على حسن- استاذ بكلية العلوم – جامعة المنصورة ما أجمل ان ترى العين الاشياء فى مظهر جديد لنرى صورة متجددة تسر النظر وتسعد القلب، وتتعاظم هذه السعادة اذا كانت هذه الاشياء تحيي الامم ويسجلها التاريخ ويحكيها الزمان عبر الاجيال مثل التعليم. نعم، التعليم الذى يمثل حضارة الامم وثقافة الشعوب وتقدمها. وحتى نواكب الركب الحضارى ومستحدثات العصركما اوهمونا، ارتدينا نحن أساتذة الجامعات ثوباً جديداً للتعليم متمثلاً في برنامج الجودة بالجامعات المصرية حتى لانتهم بالرجعية والتخلف عن المسيرة التعليمية، هذا الثوب لم نسعى لارتدائه وانما فرض علينا ، هذا الثوب يباع للبعض ويوزع مجانا على البعض الاخر فى كل الجهات التعليمية المختلفة. وليس هناك ازمة فى شرائه لانه متوفر بالاسواق المصرية و مصنوع من اربعة احرف جاءت ضمن الحروف الابجدية التى تعلمناها منذ الصغر فكان من السهل علينا التعامل معها دون محاولة لفهمها، فإذا سألنا عن اى شىء تكون الاجابه بتلك الأحرف الأربعه المكونة لكلمة "جودة" بغض النظر عن السؤال فإذا سألنا لماذا، يقولون "جودة" واذا كان السؤال بمتى، تكون الاجابه ايضا "جودة"، وهنا تعتبر الاجابة صحيحه ولانقاش فيها. اما اذا كان السؤال بكيف، يكون الرد "كفاكم جدلاً وعليكم ان ترتدوا ثوب الجودة والا ستحرمون من كذا وكذا،" ثم يذكروننا بما تهتز له شيمة العلماء ونأسف له جميعاً حيث نسمعهم يتساءلون "انسيتم استمارة الجودة؟" "الم تعلمو ان الشيك وصل ؟" وهنا نحن الاساتذه نلتزم الصمت. ثم نبدأ بالتساؤل: "هو الشيك جه؟" "فيه كلية صرفت؟" هذا مايردده الجميع! هذا الشيك الذى إن أضاف قليلاً من المال لجيوبنا فهو يمثل اهانة كبرى تقبلناها جميعا بصمت احيانا وصراخ أحياناً أخرى. وللأسف المسئولية تقع علي الجميع. ولكن حان الأوان لوقفة جادة لرفض هذه الاهانة فى حق من يستحقون التكريم فى وقت لابد ان ترفع فيه الاصوات للحفاظ على كرامتنا التى تسببنا فى ضياعها وهى اهم من اموال لاتسمن ولا تغنى من جوع. ولتسمحوا لى برسم صورة لهذه الخدعة التى تمثلت باقوال قد تندرج تحت عنوان "صدق او لاتصدق" اولها ان فرض ارتداء هذا الثوب على الاستاذ من اجل الطالب الذى سيتخرج ويجد نفسه قد ارتدى هذا الثوب دون ان يدرى ليكون منتج مناسب لمتطلبات سوق العمل على حد قولهم وبدأت المعطيات التى اوهمونا بأنها من المعايير الاساسية لارتداء هذا الثوب الذى اطلق عليه جديدا من خلال سبورة تفاعلية لايجيد الاستاذ استعمالها ولكن ليس هذا هو المهم. المهم هو انها وضعت فى قاعة المحاضرات لتسر نظر لجان الجودة التى تهتز لها الكليات اثناء الزيارات التى ان عادت بالخير فلا تعود الا على اعضاء هذه اللجان وانتم تعلمون كيف! هذا بالإضافة الى تعليم الكترونى لايرغب الطالب فيه على حد قوله، واجزم انه على حق لسوء استخدامنا نحن الاساتذه للتعليم الاكترونى، ومحاضرات بالمدرج سلبت من الأستاذ وباتت فى يد فلاشة وماوس للعرض فقط فلم تجد من يستمع اليها، و مقررات عفا عليها الزمن، ومكتبة امتلأت بالكتب، واجهزة الحاسوب تمنت ان تكون كافى شوب وبها بلاى استيشن حتى تجد من يجلس بها ونسوا ان الطالب كان يحتاج معطيات مختلفة قد غابت عن اعينهم، اولها انه يرغب فى مكان جديد ليس بمكتبة وانما على حد قوله "كافى شوب مِدّي على مكتبة" وقاعة محاضرات بها ماكينة بيبسى واكياس شيبسى بالشطه والليمون او حتى بالكاتشاب ومواعيد محاضرات ليست فى الصباح حتى تتناسب مع رغباته واستاذ جامعى يجيد اللغة الشبابية ليتفاهم معهم ويدعمه بوريقات بسيطة تغنيه عن مذكرات تبهر البعض بغلافها فقط! واهم من هذا وذاك انه لايطلب منه ابدا ما استجد وانتشر فى الاونه الاخيرة الا وهو الإستبيان الذى يطلب منه فى نهاية كل إمتحان اومحاضرة او حتى نشاط ولاننسى الاستاذ الذى يطارد ايضا بهذا الاستبيان الذى لايفهم محتواه من قبل الطالب ولا الأستاذ احيانا لما فيه من اسئله اولها مثل اخرها اضافة الى اشياء اخرى عديدة لم نرى منها صورة حقيقية تعبر عن تطوير التعليم وجودته. هذا ليس بكلمات نرددها وانما هو واقع على مرأى ومسمع الجميع، فوااسفاه كنا نتمنى ان نهنىء انفسنا على ارتداء هذا الثوب ونقول للجميع لبثت جديدا وعشت سعيدا ولكن معذرة فلابد ان نخلع هذا الثوب الذى ارتديناه فى غفلة من زمن قد مضى حقا لانه ثوب بلا ياقة، ثوب بلا اكمام ، ثوب دون المقاس المناسب ، ثوب بالى لايرغب فيه احد. وها نحن مقبلين على عصر جديد نتمنى ان نسعى جميعا يدا واحدة وبكل مانملك من جهد وفكر لتحقيق رؤية جديدة للتعليم على امل ارتداء ثوب اخر يأتى من المصنع مباشرة لكي يكون تطويرالتعليم حقيقة وليس مجرد خدعة، وكفانا انحناءا فقد حان وقت رفع الرؤوس عالية معلنين بصوت عال "التعليم يرتدى ثوباً جديداً" و عندئذٍ سنكون اول من نهنىء انفسنا جميعا ونقول كما قال الحبيب المصطفى "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ كَسَوتَنِيه،أسْألك مِنْ خَيرِهِ وخَيْرَ ما صُنع لَهُ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ شرِّه وشَرَّ ما صُنِعَ لَهُ. هناء على حسن