- أوفير جندلمان "ساخرا" بالعربية: أهلا وسهلا بطلاب العلم الذين يتحدون المشاكل السياسية - د. هاني الناظر: تطبيع يسعي لغسل عقول شباب العلماء العرب الباحثين عن فرصة علمية - د. صلاح عرفة: إسرائيل تستغل جامعتها المتفوقة لاستقطاب العقول وسرقة المستقبل - منصور عبد الوهاب: نوع جديد من التجنيد العلمي والبحثي على مصر والعالم العربي كتب- محمد عطا الله وشيماء أبو عميرة "لقد خسرنا الحرب داخل المعمل قبل أن نخسرها في الميدان".. كانت هذه هي أقوي الكلمات التي جاءت في خطاب الإمبراطور الياباني "هيروهيتو" في 14 أغسطس 1945 ليعلن استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية عقب إلقاء قنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما ونجازاكي لتخسر الحرب. فقد أدركت اليابان أن السبب الرئيسي لهزيمتها في الحرب العالمية الثانية أن العقل كان أفضل من العقل الياباني بدليل توصله إلى القنبلة الذرية قبله، وبدليل أن الجيوش الغربية لم تكن قادرة على انتزاع هذا الاستسلام لولا علمائهم الذين اجتهدوا داخل معاملهم. ومن لا يعلم أن موافقة مصر على توقيع اتفاقية كامب ديفيد كان قائما على ألا تتفوق إسرائيل في أي سلعة أو تكنولوجيا أو أي شكل من أشكال العلوم لضمان التفوق عليها، ولكن بعد 33 سنة من اتفاقية السلام نجد إسرائيل تتفوق في كل مجالات العلوم والتكنولوجيا الحديثة وبأضعاف مضاعفة، حتى إنها اليوم تعلن وبكل فخر نجاحها في استقطاب 600 طالب مصري ليتلقي تعليمه في أحد أكبر معاهدها في منطقة حيفا والمختص بالدراسات التقنية، معهد "التخنيون". فوفقا لتقرير معهد إسرائيل للتكنولوجيا الذي أعلن عن فتح باب الاشتراك عن أول دورة مجانية للطلاب للعرب وخاصة المصريين للاشتراك بندوات خاصة بالنانو تكنولوجي عبر الإنترنت "أون لاين" بمعهد "التخنيون"، أن 5595 من الطلاب والباحثين المصريين وقعوا استمارة أملا في أن يحصلوا على فرصة للتعليم في الجامعات الإسرائيلية، وأن جامعة إسرائيل التكنولوجية لم توافق سوي على 600 طالب وباحث فقط. والغريب أن التقرير أكد أن مصر لم تكن الدولة العربية الوحيدة التي يتقدم منها طلاب وباحثون للتعليم على أرضها، ولكن هناك ما يقرب من 1865 كويتيا تقدم، وافقت الأكاديمية على 480 طالبا، كما تقدم 1243 من المملكة العربية السعودية وافقت الأكاديمية على 700 طالب، في حين تقدم 1230 طالبا من سوريا وافقت الاكاديمية التكنولوجية على 400 طالب فقط. تقرير "التخنيون" أكد أن الدورة سيتم تخصيصها في تدريس علوم النانو تكنولوجي باللغة العربية، وسيقوم بالتدريس فيها البروفيسور حسام هايك أستاذ الهندسة الكيمائية رائد علاج أمراض السرطان بتكنولوجيا النانو مترية، بالإضافة للأساتذة ميتال سيجيف ونسرين شحادة وعبير وتد من قسم التربية والتعليم في العلوم والتكنولوجيا. "أهلا وسهلا بعشاق العلم".. بتلك العبارة علق أوفير جندلمان، المتحدث الرسمي باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لوسائل الإعلام العربية، مرحبا بالطلاب المصريين والسوريين والسعوديين الذين سينخرطون في أول دورة أون لاين تعرضها جامعة إسرائيلية باللغة العربية، مبينا أن العلم هي الوسيلة الوحيدة التي تعبر عن السلام وليس لها أي علاقة بالمشاحنات السياسية. في البداية، شدد منصور عبد الوهاب، خبير الشئون الإسرائيلية وأستاذ اللغة العبرية والمترجم السابق برئاسة الجمهورية على خطورة هذه الخطوة، مطالبا بأهمية التوعية داخل الجامعات المصرية وفتح مجالات تعاون حقيقية بين مصر والاتحاد الأوربي وآسيا، لأنه من الصعب إغلاق مواقع التعليم الإسرائيلية على الإنترنت. وأوضح عبد الوهاب أنه مع تطور الأوضاع والاتصالات التكنولوجية أصبحت العديد من المواقع الإلكترونية تربة خصبة للتجسس وسحب المعلومات، مشيرًا إلى أن الكيان الصهيوني بدأ بالتركيز على هذا النوع من التجسس بعد انفجار ثورة 25 يناير 2011، ومباغتة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بوعى وحماس الشباب المصرى، ومن هنا قررت التركيز على هذا الجيل باعتباره النواة الحقيقة للمجتمع المصرى. وحذر عبد الوهاب من انخراط بعض الشباب قليلى الوعى والثقافة من الدخول في أحاديث أو التوصل مع مصادر مجهولة تحت أي مسمى، موضحًا أنه من الممكن أن يتم تجنيد بعض الشباب دون أن يعلم أنه مجند ومن ثم يتم ابتزازه، مناشدا في الوقت نفسه الجامعات المصرية بتوفير ندوات ولقاءات علمية وبحثية وتكنولوجية. وعن الشهادات التي سيتم منحها لهؤلاء الطلاب أكد عبدالوهاب أن الشركات المصرية لن تعترف بتلك الشهادات بعكس الشركات العالمية التي ستعترف بها دون أدنى مشكلة، ولكنها في الوقت نفسه ستثير جدلا واسعا داخل أوساط المجتمع المصري. وأوضح الخبير بالشئون الإسرائيلية، أنه لا يعلم إذا كان هؤلاء قاموا بالتسجيل من داخل مصر أو مصريين يعيشون في الخارج وإن كانت أجهزة الاستخبارات المصرية لن تقف مكتوفة الأيدي حيال تلك الكارثة، مطالبا في الوقت نفسه وزارة البحث العلمي بسرعة تفعيل دور ممثل التعليم العالي بالسفارات المصرية بالخارج وتحويل مفهوم البعثات لدى طلاب البعثات من مجرد طالب يدرس بالخارج من أجل بدل السفر إلى باحث يريد أن ينال درجة علمية. من جانبه، أكد الدكتور هاني الناظر، رئيس المركز القومي للبحوث السابق أن معهد "التخنيون" يسعي لتكرار سيناريو الولاياتالمتحدةالأمريكية بسرقة العقول المصرية والعربية باعتبارها دولا تعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية، وستقوم بتوفير كل الإمكانيات العلمية والاقتصادية لمهم، مبينا أن الهدف من وراء ذلك كله "غسل عقول الشباب العربي" وعلي الأخص العلماء وشباب الباحثين والطلاب الباحثين عن فرصة علمية. وأوضح الناظر أن ما يفعله الكيان الصهيوني محاولة لفرض ما يسمي بالتطبيع الإجباري من خلال سرقة المستقبل، مطالبا الحكومة المصرية والتعليم العالي بسرعة التدخل لإنقاذ هؤلاء الطلبة حتى لا يفقدوا هويتهم، بسرعة استيعابهم في الجامعات والمعاهد البحثية كجامعة النيل أو زويل، مبينا أن معهد "التخنيون" كثيرا ما طلب منه عندما كان رئيسا للمركز القومي للبحوث أن يقيم علاقات بحثية وعلمية ولكنه دائما ما يرفض هذا النوع من التطبيع. أما الدكتور صلاح عرفة، أستاذ الفيزياء بجامعة عين شمس فيري أن الكيان الصهيوني لم يتوقف في يوم من الأيام من استقطاب العقول المصرية والعربية. وأشار عرفة، إلى أن الشباب المصري والعربي أصبح يدرك تماما أن الجامعات الإسرائيلية تتفوق علميا وتكنولوجيا على جميع الجامعات العربية والمصرية ويكفي أن هناك جامعتين إسرائيليتين حصلتا على مراكز متقدمة في إصدارها لبراءة الاختراع والابتكار، وهي جامعة "تل أبيب" في المركز 29 برصيد 46 اختراعا، والجامعة العبرية بالقدس في المركز 43 برصيد 41 اختراع.