الرئيس السيسي يوجه بالتحقيق في مخالفات انتخابات مجلس النواب    الاثنين 17 نوفمبر 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    مصر وتشاد تبحثان سبل تعزيز التعاون في مجالات الكهرباء    وزير الخارجية يبحث سبل دعم جهود الوصول لتسوية شاملة للأزمة السودانية    إعلام فرنسي عن الرئيس الأوكراني: كييف ستطلب الحصول على 100 طائرة مقاتلة فرنسية من طراز "رافال"    الأهلي يستعيد قوته الضاربة الأربعاء استعدادًا لشبيبة القبائل    معتدل الحرارة نهارا مائل للبرودة ليلا.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس    اندلاع حريق بمكتب بريد في الشيخ زايد بسبب ماس كهربائي    سيارة مجهولة تدهس مزارع بالبساتين    القضاء على عصابة سرقة المواطنين بالإكراه بسوهاج.. وإصابة ضابط شرطة    اليوم... العرض العالمي الأول ل "ثريا حبي" ضمن المسابقة الرسمية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    انطلاق جائزة القراءة الكبرى لمكتبة الإسكندرية    ضبط شبكة بث تلفزيوني بدون ترخيص بالدقهلية    البوكليت للإعدادية، تعليم بني سويف تستعد لامتحانات الفصل الدراسي الأول    هيئة البث الاسرائيلية: 100 من مقاتلي الحركة المحاصرين بأنفاق رفح يرفضون الاستسلام    فى ودية كاب فيردى .. عمر مرموش يقود التشكيل المتوقع لمنتخب مصر الليلة    التأمين الصحي: إضافة 25 نوعا حديثا من أدوية السرطان لبروتوكولات العلاج المجانية    جاتزو بعد السقوط أمام النرويج: انهيار إيطاليا مقلق    رئيس مصلحة الجمارك: منظومة «ACI» تخفض زمن الإفراج الجمركي جوًا وتقلل تكاليف الاستيراد والتصدير    «التضامن» تقر توفيق أوضاع 3 جمعيات في محافظتي القاهرة والمنيا    الصحة تطلق برنامج «قادة الأزمات والكوارث» بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب    وزارة العمل: تحرير 437 محضر حد أدنى للأجور    الجيش السودانى يستعيد السيطرة على مدينة بارا بولاية شمال كردفان    الاثنين 17 نوفمبر 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    ضبط 137 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    أزواج وقتلة.. سيدة الإسكندرية تنهي حياة شريك حياتها داخل غرفة النوم.. عروس كفر الشيخ من شهر العسل إلى المشرحة.. الإدمان والشك يقودان أسرة للمجهول بالدقهلية.. وخبراء: هذه الجرائم تحتاج إلى معالجة شاملة    توفير 1000حاوية مجهزة خصيصا لجمع المخلفات بسيناء    مدرب نيجيريا يتهم الكونغو الديمقراطية بأستخدام «السحر» خلال ركلات الترجيح    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    أمير سعيود يغيب عن مواجهة منتخب مصر الثاني    جامعة حلوان تنظم ورش فنية دامجة لاكتشاف مواهب الطلاب من ذوي الهمم    أسعار الذهب في مصر اليوم الإثنين 17 نوفمبر 2025    أبو الغيط: القمة الصينية العربية الثانية علامة فارقة في الشراكة الاستراتيجية مع الصين    كلية دار العلوم تنظم ندوة بعنوان: "المتحف المصري الكبير: الخطاب والمخاطِب"    توم كروز يتسلم جائزة الأوسكار الفخرية بخطاب مؤثر (فيديو)    نجمات فضلن الهدوء على الزفة: زيجات سرية بعيدا عن الأضواء    وزير الري يتابع تنفيذ مشروع إنشاء قاعدة معرفية للمنشآت الهيدروليكية فى مصر    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل جديدة بقطاع الإنشاءات والبناء بالأردن..اعرف التفاصيل    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    جامعة الإسكندرية توقع بروتوكول تعاون لتجهيز وحدة رعاية مركزة بمستشفى المواساة الجامعي    التخصيب المتعدد الأبوى.. برازيلية تلد توأما من أبوين مختلفين    لمواجهة الصعوبة في النوم.. الموسيقى المثالية للتغلب على الأرق    مسؤول بحرس الحدود يشيد باعتقال مهاجرين في كارولينا الشمالية رغم اعتراضات محلية    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    بعد صلاة الفجر.. كلمات تفتح لك أبواب الرحمة والسكينة    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    رئيس شعبة الذهب: البنك المركزي اشترى 1.8مليون طن في 2025    ياسمينا العبد: شخصيتي في ميدتيرم هي الأصعب.. مركبة من عدة شخصيات في آن واحد    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 17 نوفمبر 2025    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    #جزيرة_الوراق تتصدر مع تحوّلها لثكنة عسكرية .. ودعوات للتصدي بالثبات في الأرض    تريزيجيه: فضلت منتخب مصر على أستون فيلا.. والقرار أنهى رحلتي في إنجلترا    الدفاع الجوي الروسي يسقط 31 مسيرة أوكرانية خلال ساعات    عاجل- الفصائل الفلسطينية تؤكد شروطها تجاه أي قوة دولية محتملة في قطاع غزة    أوروبا تعلن أوائل المتأهلين إلى مونديال 2026 وتكشف ملامح الملحق الأوروبي    مروة صبري تعتذر ل دينا الشربيني: "أنا غلطت وحقك عليا.. بحبك"    أحمد صالح: محمد صبري كان موهوبًا ويرفض المجاملة والواسطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقول مصر المهاجرة.. هل تنجح الحكومة في استِعادتها أو الإستفادة منها؟
نشر في المصريون يوم 21 - 06 - 2010

تتجه المزيد من البلدان العربية مغربا ومشرقا إلى عقولها المهاجرة لاجتذابها والإستفادة من خبراتها ومؤهلاتها. وفي القاهرة، تبايَنت وِجْهَتا نظر اثنيْن من عُلماء مصر حول الجهود الرسمية التي تبذُلها الدولة، لاستعادة علماء وعقول أهم بلد عربي المهاجرة إلى الخارج.
وفيما أثنى عالِم يُمثل الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) على جهود الدولة وإنجازاتها في هذا المجال، مُثمِّنا الخُطوات العملية التي قطعتها حكومة حزبه في هذا الملف، اعتبر عالِم آخر يُمثل القِوى المعارضة أن "جهود الدولة ضعيفة للغاية وأن حكومة الحزب الوطني قد فشِلت" في الإستفادة من الأدْمغة المصرية المهاجرة للخارج أو مجرد استعادتها. ورغم اتِّفاق الرجلين على وجود خلَل في منظومة البحث العِلمي، اختلفا في تحديد وصفة العلاج والخطّة المقترحة للإستفادة من عُلمائنا في الخارج.
فبينما يرى العالِم المصري المُمثل للحزب الحاكم أن المشكلة "تكمُن في سوء الإدارة" وأن الحل "يستوجِب وضع خطّة زمنية محدّدة للإنجاز"، أوضح العالم المصري المُمثل للمعارضة أن "المطلوب هو، تغيير منظومة البحث العِلمي بأكملها"، معتبرا أن هذا "يستلزِم تغيير النظام الحاكم، لأن الإصلاح السياسي هو أساس الإصلاح العِلمي ونقطة البدء لإنقاذ منظومة البحث العِلمي والارتقاء بها".
وكان الدكتور علي الشافعي، المدير التنفيذي لصندوق العلوم وتنمية التكنولوجيا في مصر أعلن في الأول من شهر يونيو 2010، أن المكاتب الثقافية بالخارج قد بدأت في مُخاطبة الباحثين المصريين المهاجرين ليَعودوا إلى أرض الوطن، بعدما تقرّر منح كلّ باحث 1.5‏ مليون جنيه ودعمه بمعمَل (مختبر) حديث يتكلّف 5‏ ملايين جنيه، إضافة إلى مرتّب شهري ب 20‏ ألف جنيه لمدة 3‏ سنوات، مع التعهُّد بشراء ما يحتاجه لاستِكمال أبحاثه وتطبيقها، من مصر أو الخارج، للنهوض بالصناعة والبحث العِلمي‏، مشيرا إلى أن "هذه الخُطوة تأتي في إطار رِعاية الدولة للباحثين، بعد أن هجرت العقول المتميِّزة أرضَ الوطن".
وفي محاولة للوقوف على الجهود التي تبذُلها الحكومة المصرية للإستفادة من العقول المهاجرة وتقييمها، التقت swissinfo.ch كلا من الدكتور هاني الناظر، أستاذ الأمراض الجلدية والرئيس السابق للمركز القومي للبحوث وأمين عام الحزب الوطني (الحاكم) بمحافظة 6 أكتوبر وعضو المجلس الأعلى للسياسات بالأمانة العامة للسياسات بالحزب الحاكم، والدكتور محمد أبو الغار، الأب الرّوحي لحركات النِّضال الجامعية ومؤسس جماعة "9 مارس" للدِّفاع عن استقلال الجامعة المصرية وأحد أبرز الأطباء العرب، الذي يُشار إلى إسمه في المعاهد والمجلاّت العالمية ورائد عمليات الحقن المِجهري وأطفال الأنابيب في مصر والشرق الأوسط وصاحب العديد من الأبحاث الهامة والتاريخية، التي نشرت في كُبريات المجلات العِلمية في العالم، فكانت هذه المُناظرة.
استفادة لا استعادة!!
في البداية، أوضح الدكتور هاني الناظر أن "علماءنا وعقولنا المهاجرة، هُم خير سفراء لمصر بالخارج، ولهذا، فنحن لا نسعى لإعادتِهم نهائيا إلى مصر، وإنما إلى خلْق أجواء للتّعاون والتنسيق معهم، ليقوموا بزِيارات مُتناوبة إلى مصر، للإشراف على مشروعات بحْثية متقدّمة، وتدريب عدد من الباحثين المصريين في مجال تخصصهم"، مشيرا إلى أن "مشكلتنا في العالم العربي، أننا عندما نريد أن نكرّم عالما ممّن نبغوا في الخارج، فإننا نقوم بتعْيينه في منصب سياسي، لأنه عندها سيتفرّغ للعمل الإداري، فنخسِره عِلميا".
وقال الناظر، عضو المجلس الأعلى للسياسات بالأمانة العامة للسياسات بالحزب الحاكم في تصريحات خاصة ل swissinfo.ch: "لجنة التعليم والبحْث العِلمي، التابعة للجنة السياسات، وضعت ورَقة سياساتٍ لتطوير البحْث العِلمي في مصر، وتعرّضت في أحد محاوِرها لضرورة الإستفادة من علمائنا وعقولنا المصرية المهاجرة للخارج. وبالفعل، تمّ وضع برنامج عِملي للاستفادة منهم"، معتبرا أن "هذا المشروع الذي أعلن عنه صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية، هو من ثِمار هذه الورقة وأحد آلياته العملية".
وضرب الناظر مِثالا للجهود المبذولة للإستفادة من العقول المصرية بالخارج بالمركز القومي للبحوث قائلا: "عندما صدَر قرار جُمهوري بتعْييني رئيسا للمركز في 19 نوفمبر عام 2001، وضعتُ خطّة واضحة للإستفادة من عُلماء مصر بالخارج، التي أسْفرت عن استِقطاب العالِم المصري الدكتور مصطفى السيد، أول عالِم مصري وعربي يحصُل على قِلادة العلوم الوطنية الأمريكية، التي تُعتبر أعلى وِسام أمريكي في العلوم، لإنجازاته في مجال النانو تكنولوجيا، وتطبيقه لهذه التكنولوجيا باستخدام مركّبات الذهب الدّقيقة في علاج مرض السرطان، فقُمنا بتأسيس وِحدة أبحاث النانو تكنولوجيا، ليترَأَّسه ومعه فريق من أكفَإ الباحثين في هذا التخصّص، بحيث يتردّد عليهم الدكتور مرّة كل شهرين أو ثلاثة لمتابعتهم وتوجيههم. والمشروع يعمل بنجاح كبير منذ عام".
وأضاف الناظر: "هناك نموذج آخر مُشرّف تمّ بالتعاون مع الدكتور محمد عبد الرحيم، أستاذ الكيمياء التحليلية بجامعة كارستاد السويدية ومستشار شركة استرازنكا العالمية، والذي تخرّج من كلية العلوم بجامعة الإسكندرية وحصل على الدكتوراه من معهد ستوكهولم بالسويد وله 60 بحثا منشورا في دوريات عِلمية متخصِّصة، وشارك في أكثر من 60 مؤتمرا دوليا وأسهم فى 50 دراسة لتطوير الأدوية في شركة استرازنكا العالمية. فقد ساهم معنا في إنشاء معمَلين، أحدهما لتدريب طلبة الماجستير والدكتوراه، والآخر للأبحاث العِلمية، بتكلفة إجمالية تقدّر ب 20 مليون جنيه، وكوّن فريقا بحثِيا على أعلى مستوى. ويتردّد على المركز مرة كل شهريْن للمتابعة والتّوجيه، وقد أطلقنا إسمه على أحد أقسام المركز القومي للبحوث".
كما تعاون المركز أيضا مع الدكتور سامي الشال، وهو أحد العُلماء العرب الأمريكيين الذين يحتلّون مكانة أكاديمية رفيعة في الجامعات الأمريكية، ويُسجِّلون إنجازات واختراعات باهِرة في دوائر الأبحاث العِلمية والتكنولوجية، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه منذ عام 1985 من جامعة جورج تاون في الكيمياء الفيزيائية، وعُيِّن لمدّة عامين أستاذا في جامعة كاليفورنيا (UCLA)، ثم انتقل بعدها إلى جامعة فرجينيا، التي يتولى فيها منذ عام 89 وحتى اليوم تدريس الهندسة الكيميائية في قسم العلوم الفيزيائية - الكيميائية.
أصحاب التخصّصات النادِرة.. 600 فقط!
ونفى الناظر ما تتداوله وسائل الإعلام من أن "هناك 824 ألف عالِم مصري بالخارج"، موضِّحا أن "هذا الرّقم صحيح، لكنه غير دقيق، لأنه يشمَل كل المصريين بالخارج، ممّن حصلوا على درجة البكالوريوس، غير أن عددَ مَن يحملون درجة الدكتوراه منهم، قرابة 18 ألف فقط وأن مَن يُمكن أن يُطلق عليه منهم لقَب عالِم، لا يتجاوز 600 فقط"، معتبرا أن "هؤلاء يُمكن أن يُساهموا في بناء قاعدة عِلمية قوية من خلال تقديم الدّعم المادي أو العلمي للمراكز البحثية المصرية".
وعن مشروع "الطريق إلى نوبل"، قال الناظر: "هذا المشروع بدأ المركز في تنفيذه منذ ثلاث سنوات ونصف تقريبا بهدف إعداد قاعدة عِلمية من شباب الباحثين، قِوامها 220 شابّا من الحاصلين على درجات عِلمية من الدول المتقدِّمة عِلميا، مثل أمريكا وانجلترا وألمانيا"، مشيرا إلى أن "المشروع فِكرة تستحِقّ الدّعم من عُلماء مصر في الخارج، وأنه مُستمر بنجاح في مجالات النانوتكنولوجيا والبيوتكنولوجيا والزراعات الآمنة، وأن ميزانيته ضخْمة جدا، غير أن 90% منها تأتي من الخارج، وهو يعتمِد بالأساس على تسويق مُنتجاته البحثية مع جِهات مانِحة".
وفي معرض شرحه لوجهة نظره، أضاف الناظر: "أنا شخصيا لدَي رُؤية لجذْب المَزيد من عُلمائنا بالخارج. تتلخّص هذه الرؤية في أن مصر تُرسل سنويا من إدارة البِعثات باحثين لنَيْل الدرجات العِلمية، 50% منهم لا يعودون، ولهذا، فإنني أقترح أن تخفّض الأعداد بنسبة 50% على أن نستعير بالمبلغ الذي كان يُنفق على ال 50% الآخرين، أستاذا من الأساتذة المصريين الموجودين في أمريكا أو أوروبا، للعمل بإحدى الجامعات المصرية لمدة 4 سنوات، يقوم خلالها بتدريب عددٍ من الباحثين المصريين المتخصِّصين في مجاله"، مُبيِّنا أن "البحث العِلمي في أي دولة، يرتكِز على أربعة أسُس، هي: الإدارة والتمويل والعلماء والتسويق. وعندما تكون الإدارة المسؤولة عن البحث العِلمي في مصر جيِّدة ومتطوِّرة، فإنها ستنجح في جذْب عُلمائنا من الخارج".
وأوضح الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث، أن "مركز أبحاث النانوتكنولوجيا ليس مركزا مستقلا، وإنما هو وِحدة أبحاث للنانوتكنولوجيا تابعة لمشروع الطريق إلى نوبل، وأن المجلس الأعلى لعلوم التكنولوجيا، إضافة جيدة لمنظومة البحث العلمي، وأن صندوق العلوم والتكنولوجيا يقدِّم مشروعات بحثِية مُموّلة للباحثين المصريين"، موضحا أن "المشروع المُعلن عنه مؤخرا، هو تطبيق للمشروع الذي تقدّمتُ به للإستفادة من العقول المهاجرة، لكن المفروض على وزارة البحث العلمي أن تخاطب علماءنا بالخارج وتطرح عليهم المبادرة".
وحول الوصفة المقترحة لاستِعادة العقول المصرية المُهاجرة، قال الناظر: "لابد أن تكون هناك إستراتيجية واضحة المعالِم للبحث العلمي، وأن تحدّد لهذه الخطّة فترة زمنية تتراوح بين 10 و15 سنة تتمّ على 3 مراحِل، كل مرحلة منها مدّتها 5 سنوات، مع زيادة ميزانية البحث العلمي لكي تصل إلى 3% من الناتج القومي خلال 15 سنة، ووضْع برنامج واضِح للاستفادة من علمائنا بالخارج، عن طريق الإتِّفاق معهم على زيارات مُنتظمة، للإشراف على مشروعات بحثية وتدريب باحثين"، مشدِّدا على "ضرورة وضْع خطّة شاملة لتطوير البِنية التحتِية لمراكز البحوث والجامعات، بحيث يتِم تجهيزها بأحدث الأجهزة التي تُمكِّن الباحثين من إجراء أبحاث على أعلى مستوى".
جهود فردية.. وضعيفة جدا!!
على الجانب الآخر، قلّل الدكتور محمد أبوالغار من جهود الحكومة في مجال استعادة أو الاستفادة من العقول المصرية المهاجرة، واصفا إيّاها بال "ضعيفة جدا"، معتبِرا أنها "في مُعظمها جهود فردية، ليس للدولة شأن بها، والدليل على ذلك، نُدرة الأبحاث العلمية المنشورة في كُبريات المجلاّت العِلمية العالمية، فضلا عن وضع وترتيب الجامعات المصرية في التّصنيف العالمي لأفضل الجامعات في العالم (خرجت كل الجامعات المصرية والعربية من تصنيف أفضل 500 جامعة على مستوى العالم)".
وقال الدكتور أبو الغار، الأب الروحي لحركات النِّضال الجامعية في تصريحات خاصة ل swissinfo.ch: "هناك بحث عِلمي متميِّز في مصر، لكن معظمه يتِم بجهود فردية ومن شباب الباحثين، وربما تكون الدولة قد شعرت بتقصيرها مؤخرا فبدأت على استِحياء، تمد يد العَون لبعض شباب الباحثين عن طريق مساعدتهم في نشْر أبحاثهم في المجلات العالمية"، مشيرا إلى أن "الذي يُصرف على البحث العِلمي في مصر يتراوح بين 3 و4% من ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العِلمي، وهي نِسبة متدنِّية جدا لا يمكن أن تقدِّم شيئا، بينما كانت الميزانية المخصّصة للبحث العلمي في السابق، تتراوح ما بين 5 و6%!".
وحول ما أعلَنته الحكومة عن تبنِّيها لعدّة مشروعات ومراكز بحثية جديدة وخُطط لاستعادة عقولنا المصرية المهاجرة، قال أبو الغار: "هذه كلها خُطط وأحلام في خَيال حكومة الحزب وحزب الحكومة"، مشيرا إلى أن مدينة مبارك للعلوم والأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية، التي تم إنشاؤها في مدينة الإسكندرية، فشلت فشلا ذريعا، حيث وقَع خِلاف شديد بين رئيسها المُقال الدكتور محمد السعدني، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور هاني هلال، بسبب اعتراض السعدني على ما أسماه "محاولات إسرائيلية لاختراق المدينة والتجسّس على مصر، تحت غِطاء الشراكة العِلمية فى المجالات البحثية"، وهو ما انتهى إلى إلحاق المشروع إلى مِلكية مكتبة الإسكندرية.
الإصلاح السياسي شرط ل "العلمي"
وربط أبو الغار بين الإصلاح العلمي والسياسي، معتبرا أن الإصلاح السياسي، هو أساس الإصلاح في كلّ المجالات (الاقتصادية والاجتماعية والعِلمية)، وهو نُقطة البدْء الحقيقية لإنقاذ منظومة البحث العِلمي والارتقاء بها، مقترحا وصفة للخروج من المأزق وتدعيم البحث العلمي بمصر والاستفادة من العقول المهاجرة، تتلخّص في "ضرورة تغيير منظومة البحث العِلمي بأكملها، وهو ما يستلزِم تغيير النظام الحاكم برمّته، كما نحتاج إلى 10 – 15 سنة لإصلاح الكوارِث كلّها".
وأرجع أبوالغار أسْباب انهِيار الجامعات والمراكِز البحثية في مصر، إلى العُدوان على استِقلال الجامعات وإسناد مهمّة إدارة بعض الجامعات والمراكز البحثية إلى مسؤولين ليسوا على مستوي الكفاءة، فضلا عن وضْع مقدرات البحث العلمي في يَد مدير سياسي، همُّه في غالب الأحيان، الصعود السياسي والحِزبي، وليس الإرتقاء بالبحث العِلمي، إضافة إلى انهِيار القِيم والجدية عند بعض أعضاء هيئة التدريس، بسبب تدنّي مستوى المعيشة وانعِدام المُنافسة العِلمية.
وأوضح أبو الغار أن "هناك أزمة واضحة في تمويل البحث العلمي في مصر، حيث لا تتوفّر ميزانيات كافِية لإجراء البحوث العلمية المتطوِّرة وليس هناك مكافآت بالقدْر الكافي للباحثين وأساتِذة الجامعات، وهذا المُناخ للبحث العِلمي، هو الذي أدّى إلى هروب الكفاءات المصرية بأحلامهم وطموحاتهم إلى الخارج"، مضيفًا "إنني قُمت بإعداد دراسة بعنوان "البحث العلمي في مصر.. أيْن نقف الآن؟ انتهيت فيها إلى أن ميزانية البحث العِلمي في مصر 0.02%، أي 300 مليون جنيه، وفي أمريكا 2.6%، أي 122.5 مليار دولار، وفي دول أوروبا 1.97%، أي 72.8 مليار دولار، وفي اليابان 2.78%، أي 44.6 مليار دولار".
واختتم أبو الغار بقوله: "إن مشروع (الطريق إلى نوبل)، الذي تمّ إطلاقه بالمركز القومى للبحوث، بعد أن حصل الدكتور أحمد زويل على جائزة نوبل، قد فشل هو الآخر فشلا ذريعا وانتهى به الحال إلى تغيير إسمه إلى مركز التمييز العِلمي، كما أن الأرض التي تمّ تخصيصها لإنشاء جامعة زويل وتم وضْع حجَر أساسها منذ حوالى 8 سنوات، تمّ تسليمها إلى جامعة النيل الأهلية"، معتبرا أن "الحكومة وعَدت أن تكون هناك تعْيينات في مجال البحث العلمي وخطة لتحسين رواتب ودخول الباحثين المتفرّغين، ثم نكثَت فيما وعَدت به".
المصدر: سويس انفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.