تنفرد "بوابة البرلمان" بنشر ردّ مجلس الدولة للدكتور علي عبدالعال بشأن طلب مراجعة مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون هيئة النيابة الإدارية الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1958، وقانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963، وقانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972، وقانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، والذي وافق عليه مجلس النواب بجلسته المعقودة بتاريخ 27/ 3/ 2017. وراجع قسم التشريع أحكام القانون المشار إليه في ضوء أحكام الدستور الصادر عام 2014، ومبادئ المحكمة الدستورية العليا، واستبان له الملاحظات الآتية: أولا:- المشروع المعروض لم يعرض على الجهات والهيئات القضائية لأخذ رأي كل منها فيه، وذلك بالمخالفة للمادة 158 من الدستور والتي نصت على " تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة، يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها وتدرج بع إقرارها في الموازنة العامة للدولة رقما واحدا، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها". حيث يختلف المشروع الحالي عن المشروع السابق الذي أخذ الرأي بشأنه من عدة وجوه:- الوجه الأول:- قيد المشروع الحالي الترشيح بين أقدم سبعة نواب، بينما مؤدي المشروع السابق إمكانية الترشيح من غير السبعة الأقدم. الوجه الثاني:- استحدث المشروع الحالي وجوب إبلاغ رئيس الجمهورية بأسماء المرشحين قبل نهاية مدة رئيس الجهة أو الهيئة القضائية في الرئاسة بستين يوما على الأقل. الوجه الثالث:- رتب المشروع الحالي على عدم تسمية المرشحين أو ترشيح عدد يقل عن ثلاثة أو ترشيح من لا تنطبق عليه الضوابط، حق رئيس الجمهورية في التعيين من بين أقدم سبعة. ثانيًا:- خالف المشروع المعروض مبدأ الفصل بين السلطات المقرر في المادة 5 من الدستور والتي نصت على أن " يقوم النظام السياسي على أساس الفصل بين السلطات والتوازن بينها" ثالثًا:- مخالفة المشروع المعروض لمبدأ استقلال السلطة القضائية:- فقط نصت المادة 148 من الدستور على أن "تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها"، ونصت المادة 186 منه على أن "القضاة مستقلون ويحدد القانون شروط وإجراءات تعيينهم،... وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء والقضاة وحيدتهم، ويحول دون تعارض المصالح...". رابعًا:- إن المشروع المعروض ليس هو أنسب البدائل لاختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية:- حيث ذهبت المحكمة الدستورية العليا على أن "الأصل في سلطة المشرع في تنظيمه للحقوق التي قررها الدستور وعلى ما جرى به قضاؤها أنها سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التي يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزنًا، وليس من قيد على مباشرة المشرع لهذه السلطة إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض في شأن مباشرتها ضوابط محددة تعتبر تخوما لها ينبغي التزامها". ولما كان المشروع المعروض قد اختار الأحكام التي تضمنها بما فيها من شبهات دستورية على النحو المتقدم، وقد كان أمام المشرع استعارة أحكام تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا المنصوص عليها في المادة 193 من الدستور، وهيب إسناد سلطة اختيار رئيس المحكمة للجمعية العامة لها من بين نواب رئيس المحكمة وإسناد سلطة إصدار القرار لرئيس الجمهورية، كما كان امامه الأخذ بمثل ما ورد بشأن تعيين النائب العام في المادة 189 من الدستور التي أسندت سلطة اختياره لمجلس القضاء الأعلى من بين نواب رئيس محكمة النقض أو الرؤساء بمحاكم الاستئناف أو النواب العامين المساعدين، وأسندت سلطة التعيين لرئيس الجمهورية. ولا مراء في أن إسناد سلة الاختيار للجهات والهيئات القضائية لرؤسائها بمثل ما ورد في المادتين سالفي لاذكر يعد أفضل البدائل لكونها منصوصًا عليه دستوريا، وقد تصادف قبولا من كافة الجهات والهيئات القضائية من ناحية أخرى تحقق الهدف المبتغي من المشروع الذي ورد بالمذكة الإيضاحية، حيث لن تختار الجهة القضائية لرئاستها من لا يصلح للمنصب سواء لسبب المرض أو لغير ذلك من الأسباب، باعتبار أنها أعلم بأحوال أعضائها من غيرها. ولما كان المشروع المعروض ليس أفضل البدائل ولا أنسبها ولا أكفلها للوفاء بالغرض منه، فمن ثم يكون مشوبا بشبهة عدم الدستورية.