· د. إبراهيم درويش: النظام طبق القانون ولكنه تخلي عن العرف المعمول به منذ عام 2002 من أجل التوريث في 2011 · المستشار أحمد مكي: تشكيل المحكمة الدستورية يجب أن يكون عن طريق مجلس القضاء الأعلي وبعيدا عن سطوة السلطة التنفيذية حتي ينال القضاء استقلاله التام لأن المادة «5» تطلق يد السلطة في تشكيل المحكمة دون التقيد بأي ضوابط محمود بدر حالة من اللغط الممزوج بالاستياء تجتاح الأوساط القضائية منذ صدور القرار الجمهوري بتعيين المستشار فاروق سلطان رئيسا للمحكمة الدستورية في يوليو الماضي، خاصة أن التعيين جاء بالمخالفة للمتبع في السلك القضائي من أقدمية وكفاءة، حيث تخطي سلطان أكثر من مرشح لنيل المنصب في مقدمتهم المستشار أبوبكر الهلالي رئيس محكمة استئناف المنصورة ورئيس مجلس الصلاحية، وقال كثير من القضاة ان اختيار سلطان جاء نظير خدمات قدمها للنظام وأخري يتوقع أن يقدمها عندما يترأس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في 2011 خاصة وأن رئيس المحكمة الدستورية هو نفسه رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية طبقا لأحكام المادة 76 من الدستور. وفي سياق ذلك أقامت جمعية المستقبل للحقوق الدستورية التي تضم كثيرا من المثقفين والفقهاء القانونيين والدستوريين دعوي قضائية برقم 243 لسنة 31ق دستورية بعدم دستورية القرار الجمهوري الصادر بتعيين المستشار فاروق سلطان رئيسا للمحكمة الدستورية لمخالفته أحكام الدستور وإساءة استخدام السلطة. وتضمنت الدعوي التي اقامها وكيل مؤسسي الجمعية سعيد محمد علي المحامي أن المادة 5 من قانون 48 لسنة 1979 تخالف الدستور، حيث نصت علي أن يعين رئيس المحكمة الدستورية بقرار من رئيس الجمهورية ويعين عضوا المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي المجلس الأعلي للهيئات القضائية، دون أن تنص علي عدد أعضاء المحكمة بما يمثل انتهاكا للنظام القضائي، فالمفروض أن ينص القانون علي عدد محدد تتشكل منه المحكمة منعا لتدخل السلطة التنفيذية في زيادة عدد أعضاء المحكمة كما رأت مصلحتها في ذلك، فضلا عن أن القانون فرق بين رئيس المحكمة والأعضاء فيما يتعلق بالتعيين، إذ جعل تعيين رئيس المحكمة الدستورية من سلطة رئيس الجمهورية وهو غير مقيد بشيء سوي شروط التعيين المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية بينما استلزم في تعيين الأعضاء أخذ رأي المجلس الأعلي، وبالتالي أصبح تعيين رئيس المحكمة الدستورية لا يرتبط بكفاءة أو أقدمية وإنما بمدي قربه من النظام بما يمثل ضياعا للحقوق واستبداد السلطة التنفيذية علي الحريات، خاصة أن رئيس المحكمة الدستورية هو رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية طبقا لأحكام المادة 76 من الدستور التي انتهت تعديلاتها إلي التقدم طلبات الترشيح إلي لجنة تسمي لجنة الانتخابات الرئاسية تتمتع بالاستقلال، وتشكل من رئيس المحكمة الدستورية العليا وعضوية أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية»، وأضافت الدعوي أن القانون 48 لسنة 1979 وإن نص علي وجود نواب لم يحدد هؤلاء النواب في نواب رئيس المحكمة وبهذا يكون قاصرا وتصبح الغاية منه هي اطلاق يد رئيس الجمهورية باعتباره رئيس السلطة التنفيذية في تعيين رئيس المحكمة الدستورية، خاصة بعد أن فصل المشرع المادة الخامسة من هذا القانون لمصلحة السلطة التنفيذية مخالفا بذلك مبدأ المشروعية والشرعية. وطالبت الجمعية المحكمة بأن تقضي بعدم دستورية المادة 5 من القانون 48 لسنة 1979 والقرار الجمهوري بتعيين المستشار فاروق سلطان رئيسا للمحكمة الدستورية، وحددت المحكمة جلسة 7مارس القادم للمفوضين ومن جانبه أوضح الفقيه الدستوري الدكتور إبراهيم درويش: عندما صدر الدستور في 1971 متضمنا خمس مواد لتنظيم أعمال المحكمة والمحكمة الدستورية لم يصدر القانون إلا بعد 8 سنوات من إقرار الدستور أي في 1979 وكانت المادة الخامسة منه تنص علي أن رئيس الجمهورية يعين رئيس المحكمة الدستورية دون التقيد بأي شرط ورغم الثورة علي وزير العدل الذي قدم المشروع اعتمده مجلس الشعب مشيرا إلي أن العرف الدستوري والقضائي جري علي تعيين أقدم أعضاء المحكمة الدستورية رئيسا للمحكمة وظل ذلك حتي 2001 عندما تم تعيين محمد فتحي نجيب، وفي 2005 تم تعيين المستشار ممدوح مرعي وبعده ماجد عبدالواحد ثم جاء النظام بالمستشار فاروق سلطان وهو أصغر من أعضاء المحكمة الدستورية ليكون رئيسا عليهم. وأضاف درويش أن ظاهرة تعيين قضاة من خارج المحكمة الدستورية أدت لأفول نجم هذه المحكمة التي خرجت فقهاء قانون مثل عوض المر وتسببت في تدخل معيب وغير مشروع للسلطة التنفيذية في أمور السلطة القضائية لتحقيق مصالحها خاصة توريث الرئاسة. وأكد المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض أنه بعيدا عن الدعوي القضائية المشار إليها فإنه يري أن قانون المحكمة الدستورية وبغض النظر عن الدعوي المشار إليها يصلح لمحكمة خاصة والمادة «5» منه والخاصة بكيفية تشكيل هيئة المحكمة الدستورية تطلق يد السلطة في تشكيلها دون التقيد بأي ضوابط كالعودة إلي مجلس القضاء الأعلي، ولذلك اقترحنا في مؤتمر العدالة الأول توحيد القضاء العادي والإداري وتشكيل هيئة المحكمة الدستورية عن طريق المجلس الأعلي للقضاء حتي لا تتدخل السلطة التنفيذية في شئون القضاء وحتي ينال القضاء استقلاله التام.