9ساعات كاملة استغرقتها مشاورات وزراء الخارجية العرب، أمس الأول، لحسم اختيار المرشح المصرى أحمد أبوالغيط، أمينًا عامًا للجامعة العربية، خلفًا للدكتور نبيل العربى، الذى تنتهى ولايته مايو المقبل، وذلك بعد معركة دبلوماسية ماراثونية بين مصر وقطر، استطاعت خلالها القاهرة أن تجبر الدوحة على القبول بمرشحها، وإن أبدت تحفظًا على اسمه. واستغرق الوصول إلى التوافق 3 جلسات موسعة ومشاورات جانبية ثنائية وثلاثية ورباعية، بعدما تمسكت القاهرة بمرشحها وبحسم الاختيار أمس الأول. وشغل أبوالغيط 74 عامًا منصب وزير الخارجية خلال السنوات ال7 الأخيرة فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك. وكان التصويت يهدف لاختيار خليفة للأمين العام الحالى نبيل العربى 81 عامًا ، الذى يتولى المنصب منذ 2011، وقال فى وقت سابق إنه لا ينوى الترشح لولاية ثانية بعد انتهاء فترته فى يوليو. واختير أحمد أبوالغيط أمينًا عامًا للجامعة العربية بالتوافق العربى بعد تراجع السودان عن اعتراضه، واستمرار التحفظ القطري. وبعد إعلان قطر تحفظها عقد وزراء الخارجية العرب 3 اجتماعات تشاورية، لطرح حلول تضمن توافقًا عربيًا على المرشح المصرى. كانت مصر مدعومة فى موقفها من الإصرار على مرشحها بلائحة الجامعة العربية، فالاختيار لا يحتاج إلى «إجماع كامل» فى حال عدم وجود تنافس بين المرشحين، أو أغلبية الثلثين فى حال وجود مرشحين آخرين. اتفق الجميع أنه لا للجوء للتصويت، إلا بعد فشل جميع الوساطات حتى لا تكون سابقة فى اختيار الأمناء اللاحقين، فتحركت الدبلوماسية السعودية والإماراتية لإثناء قطر عن موقفها، وكان الموقف المصرى صلبًا فإما التصويت أو التوافق على «أبوالغيط». عقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجى اجتماعًا تشاوريًا ضغطوا خلاله على وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثان. بعدها خرج الوزير القطرى فى الجلسة العامة ليعلن التزامه بالمرشح المصرى مع إبداء التحفظ على شخصه، فيما كان السودان قد تراجع تمامًا، ونفى الدعوة ل«تدوير المنصب»، أو ترشح وزير خارجيته السابق مصطفى عثمان. وبحسب مصادر اطلعت على المشاورات، فإن قطر أصرت على تقديم المرشح المصرى اعتذارًا رسميًا لها على ما وصفته ب«هجومه غير المبرر» عليها، قبل الموافقة عليه كأمين عام للجامعة العربية، إلا أنه تم الاتفاق فى نهاية الاجتماع على اختيار «أبوالغيط» بتوافق الدول العربية، مع تسجيل تحفظ قطر، ودون اعتماد الأغلبية فى التصويت. وقالت مصادر إن قطر قدمت ملفًا لانتقادات «أبو الغيط» لها عندما كان وزيرًا للخارجية فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك. واعترضت قطر على اختيار أبوالغيط بحجة «مواقفه العدائية» السابقة ضد الدوحة، وطالبت بإرجاء التصويت على ترشيحه لمدة شهر إلى حين حدوث توافق على اسم المرشح الجديد. وكشفت مصادر دبلوماسية عربية، أن أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثان، كان وراء الموقف الأخير من «أبوالغيط»، إذ حاول الضغط على دول أخرى للتحفظ على اختياره، ومنها السودان، والجزائر، والصومال، وموريتانيا، لكن مسعاه فشل فى النهاية. ولم ينس أمير قطر السابق أن مصر وقفت فى وجه أحلامه بزعامة العرب، عندما دعا إلى قمة عربية طارئة عام 2009، بحجة نصرة غزة وفك الحصار الإسرائيلى عنها، رغم أنه كان من المقرر عقد قمة عربية اقتصادية فى الكويت بعد أيام قليلة. وكانت قطر وقتها تسعى لإفشال قمة الكويت، فضلًا عن دعوتها حركة «حماس» لتمثل فلسطين بجوار الرئيس محمود عباس، وهو ما كان سيعد اعترافًا عربيًا بتقسيم السلطة والاعتراف ب«حماس» رسميًا على غزة. وقتها وقف وزير الخارجية «أبوالغيط» بشكل حاسم أمام الإرادة القطرية، وتبنى موقفًا موحدًا من ضرورة دعم الشعب الفلسطينى ومناقشة قضية غزة فى قمة الكويت، بحضور الممثل الشرعى للشعب الفلسطينى، وأن تكون غزة جزءًا من القضية الفلسطينية والدفاع عن القدس والمقدسات وليست هى القضية الوحيدة المطروحة على طاولة المفاوضات. وفشلت قمة الدوحة إلا أن أمير قطر قرر عقدها بمن حضر، وعندما لم يحضر أحد خرج فى خطاب تليفزيونى ليهاجم مصر، وقال كلمته الشهيرة ضد «أبوالغيط»: «حسبى الله ونعم الوكيل فيهم». وحاولت الصحف القطرية الإيحاء بوجود انقسام عربي، وأن السودان يرفض ترشيح «أبوالغيط»، وهو ما نفاه مصدر دبلوماسى بالخرطوم، أكد أن «السودان لم يرفض ترشيح أبوالغيط، وأنه أيد المرشح المصرى منذ البداية ولم يعترض أو يتحفظ عليه». وتأكد ذلك فى موقف الخارجية القطرية التى أصدرت بيانا قالت فيه إن تحفظ دولة قطر على وزير الخارجية المصرى السابق، أحمد أبوالغيط، أمينًا عامًا للجامعة العربية ينطلق من أسباب تتعلق بشخص المرشح، وليس دولته. وقال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثان: «آثرنا ألا يكون هناك تعطيل للتوافق العربى.. ولذلك فقط نسجل تحفظنا حتى لا تسجل علينا سابقة بأن يكون منصب الأمين العام بالتصويت».