تستعد المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم، لإقامة احتفال شعبي، ونصب تمثال نصفى يوم الجمعة الموافق 25 مارس الجاري، للشيخ المعلم محمد عياد طنطاوى بقرية نجريد، مركز بسيون بالغربية، وذلك فى الذكرى ال155 على وفاته، والذى كان أول معلم للعربية فى روسيا، خلال الفترة من 1840 وحتى 1861. وتشهد الاحتفالية توزيع كتب عن حياته وتراثه، وإلقاء أبحاث حول مخطوطاته القيمة، والتى ترك منها ما يزيد على المائة مخطوطة، وهو بشهادة المستشرق الروسى الكبير «كراتشكوفسكي» شخصية متفردة وغير مكررة فى تاريخ الاستشراق الروسى والأدب العربى الحديث. ولد الشيخ محمد بن عياد بن سعد بن سليمان الشافعي، سنة 1810، فى قرية نجريد من أعمال مركز طنطا بمصر، والده كان يعمل ببيع القماش والصابون والبن. أتم حفظ القرآن، فى سن ال13، وانتقل إلى القاهرة، حيث درس فى الأزهر على يد علماء كبار، أمثال الشيخ حسن العطار، الذى تولى مشيخة الأزهر فيما بعد. بعد أن انتهى من دراسته فى الأزهر، بدأ فى تدريس تفسير القرآن والمنطق بالجامع الأزهر، ولكنه كان مولعًا بعلوم اللغة وآدابها، فبدأ يعطى دروسًا فى الشرح والتعليق على كتب الشعر والأدب، وبسبب هذا العشق صار لا يضاهيه أحد فى هذا المضمار، عمل فى المدرسة الإنجليزية فى القاهرة نتيجة للحركة العلمية فى مصر، فى عهد محمد علي، وبدأت علاقة الشيخ عياد تتوطد بمجموعة من المستشرقين، بغرض تعليمهم اللغة العربية، أشهرهم الفرنسى فرنيل، صاحب «الرسائل فى تاريخ العرب قبل الإسلام»، الذى قدم إلى مصر عام 1831، الفرنسى «بيرون» طبيب بقصر العيني، وله كتاب حول علم الخيل وأنسابها. غادر «الطنطاوي»القاهرة عام 1840، إلى روسيا مايو1840، وظل يعمل فى التدريس 15 عامًا، لم يغادر فيها روسيا منذ قدومه إليها إلا مرة واحدة عام 1844، زار خلالها القاهرةوطنطا، واهتم بجمع المخطوطات الشرقية، واصطحب معه زوجته وابنه. لم يقتصر دور الشيخ الطنطاوى على التدريس فقط، بل إنه عين مستشارًا فى الدولة الروسية، وقلده القيصر وسام «ستانيسلان» ووسام «القديسة حنة»، بسبب امتياز التلاميذ فى البحث، كما قلده القيصر خاتمًا مرصعًا بالألماس الغالي. وافته المنية 1861 ودفن فى مقبرة «فولكوفوالإسلامية»، وكتب على شاهد قبره: «هذا مرقد الشيخ العالم محمد عياد الطنطاوي». وتبلغ مجموعة المخطوطات التى تركها الطنطاوي، وتم الاحتفاظ بها فى جامعة بطرسبرج حوالى ثلاثمائة مخطوطة، جزء منها عبارة عن كتابات تخص الطنطاوي، والجزء الآخر عبارة عن مخطوطات اقتناها فى فترة عمله فى الأزهر، وتتناول المخطوطات موضوعات فى تاريخ الإسلام، والصوفية، والطب، والأخلاق، والفلسفة، والدين، واللغة العربية، والعروض، واللغة العامية، وتعتبر مخطوطة كتاب الطنطاوى تحفة أولى الألباب فى أخبار بلاد روسيا، من أهم هذه المخطوطات، وهو كتاب شيق يجمع بين أدب الرحلة والسيرة الذاتية. يذكر أن الإعلان عن الاحتفالية والترتيبات لها يتم وسط غياب تام من مسئولى محافظة الغربية، ودون اهتمام من المثقفين حتى لا يعرف الكثير منهم قدر الشيخ ومقداره.