منذ إنشاء بنك التنمية والائتمان الزراعي أو كما عرف باسم بنك "التسليف" أو بنك الفلاحين، وهو يعاني من مشاكل عديدة، وما أن يخرج رئيس للجمهورية يتحدث في عيد الفلاح إلا ويبشر الفلاحيين بهدية يوم عيد الفلاحين بجملة مكررة وهي إسقاط ديون الفلاح، ولكن لم يحدد أي جهة ستتحمل هذه الديون، وزارة المالية أم الزراعة أم البنك نفسه. وكان على "البوابة نيوز" أن تحاور المصرفي عطية سالم رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعي لنتعرف على التحديات والحلول لإنقاذ البنك من الأزمات المتلاحقة به. أولا كم عدد المتعثرين في القروض الخاصة بالبنك؟ وصل عدد المتعثرين في السداد للبنك حتى الآن نحو 257 ألف عميل، حيث وصلت مديونيات البنك إلى أكثر من 4 مليارات جنيه. وما هو الحل لتسويات مديونيات المتعثرين في السداد ؟ اعتمدت إدارة البنك سياسة التسويات الجديدة للعملاء المتعثرين، لتخفيف العبء من على كاهلهم، ووصل عدد العملاء المتعثرين إلى 5103 عملاء بإجمالي مديونيات 182 مليونا و459 ألف جنيه تقريبا طبقا للدوري رقم 59، وبإجمالي مبالغ مسددة 140 مليونا و311 ألف جنيه وتم إعفاء هؤلاء العملاء بإجمالي 42 مليونا و147 ألف جنيه. ما هو الحل للخروج من مسلسل المتعثرين في السداد الذي لا ينتهي؟ فعلًا هذا مسلسل لا ينتهي، بالنسبة لعمليات المنح (الجديد) يلزم ترشيد القرار الائتماني ورقابة وضبط العملية الائتمانية، وعمل اللازم نحو معالجة ظاهرة التعثر بالبنك من خلال، أولا إصدار سياسة ائتمانية محكمة ودليل عمل إجراءت ائتمانية جديدة تراعي القواعد والأصول والأعراف الائتمانية، وكذلك وقف سياسة "تدوير القروض" التي أضرت بالبنك ضررا بالغا، وألحقت بعملائه مشاكل كبيرة في التعثر وعدم القدرة على السداد، والتي أدت إلى تدمير الائتمان بالبنك، وتكبيل المزارعين بقروض ضخمة تزداد سنويا بالفوائد ولا يستطيعون سدادها نهائيا مما ينتهي بإقامة دعاوى قضائية ضدهم، والأهم هو تعديل سلطة القروض الزراعية والاستثمارية للفروع وبنوك القرى والقطاعات، والقطاعات بما يمنح الصالح العام للعمل وللبنك. فيما يخص الإجراءات القانونية للمتعثرين، ما الإجراءات التي تتخذوها تجاه هذا الأمر؟ بدأنا في تعديل السياسة الخاصة بالتسويات، كما تم البدء في تنفيذ آلية جديدة بدءا من إيقاف الإجراءات القانونية حتى نهاية العام الجاري، ثم ننتقل إلى سياسة السداد النقدي لأصل المديونية بالمنظومة الجديدة والتي تتضمن سداد أصل الدين والإعفاء من العوائد بنسبة تتراوح ما بين 50% وحتى 90%، كما تم استحداث آلية الجدولة لغير القادرين على السداد النقدي، والتي تتضمن سداد دفعة مقدمة والجدولة على فترات من ثلاث إلى خمس سنوات مع النظر في بعض الإعفاءات للعوائد المجنبة والمهمشة. لماذا وصلت المديونية لهذا الرقم وما هو دور الحكومة؟ التصور العام للبنك أنه حكومي ويعمل كمؤسسة حكومية للدعم، ويتم استخدامه كأداة للوصول للمزارعين في جميع أنحاء الجمهورية، وهو ما أدى إلى ضعف عملية تحصيل القروض، لأنه للأسف أن الشائع أن الحكومة هي آخر من يتم السداد إليه، وهو الأمر الذي أدى إلى إضعاف قدرة البنك على الاستمرارية على المدى الطويل، إضافة إلى القرارات السيادية، والتي ألزمت البنك بها خاصة فيما يتعلق بالإعفاء من العوائد المدينة، وإيقاف الإجراءات القانونية وتأجيلها مما أدى إلى حدوث كارثة وخسائر وصعوبة قدرة البنك على الاستمرارية. وما هي الحلول للتقليل من خسائر البنك لعدة أعوام متتالية؟ الخسائر التي حققها البنك لأربعة أعوام متتالية والتي وصلت خلال هذه المدة إلى 4.140 مليار جنيه، فإن الحل للتقليل من تلك الخسائر لن تأتي قبل استرداد كل مستحقات البنك، إضافة إلى سرعة إعادة الإعفاء الممنوح للبنك من نسبة الاحتياطي الإلزامي إضافة إلى منح البنك قرضا مساندا، مع تنفيذ آلية التعاملات المالية مع وزارة المالية. ما حجم العمالة وعدد الفروع وإجمالي تكلفة رواتب العاملين بالبنك ؟ عدد العمالة بالبنك بمكوناته الثلاثة 20 ألف عامل بتكلفة الأجور والعلاج نحو 2 مليار جنيه سنويا، إضافة إلى تقسيم البنك لثلاثة أقسام الأول الفرع الرئيسي بالقاهرة، والبنكين التابعين هما (بنك الوجه البحري، وبنك الوجة القبلي) وتقسم قطاعات البنك في المحافظات 18 قطاعا وعدد الفروع 172 فرعا إضافة إلى 1034 بنك قرية منتشرين في قرى مصر. كل هذه العمالة والأجور مع عدد الفروع المنتشر في جميع محافظات وقرى مصر، ما هو تأثيرة السلبي والإيجابي على العمل ؟ بالفعل هناك تأثير سلبي على أداء العاملين في البنك، فمن الناحية العملية الوحدات المنتجة للخدمات المالية والمصرفية هي بنوك القرى فقط، أما الفروع التابعة للمدن والمحافظات عبارة عن مراكز إشرافية غير منتجة، بالرغم من أعبائها التي تكاد تعادل أعباء إجمالي الوحدات المنتجة ببنوك القرى، ومن السلبيات أيضا عدم إجراء تعيينات دورية منتظمة مما يؤدي إلى حرمان البنك من التغذية البشرية بالمستويات الوظيفية المختلفة، وللأسف ما كان يحدث في الزمن الماضي هو إجراء تعيينات من الباب الخلفي عن طريق العقود المؤقتة ثم التثبيت في غيبة من معيار الكفاءة مما أساء إلى إمكانيات البنك البشرية، ومن السلبيات أيضا الهيكل التنظيمي الحالي للبنك يحد ويعوق البنك لتحقيق رؤية وأهداف، حيث إن الشكل الحالي يتسم بعدم الوضوح وتداخل الاختصاصات مثل اتساع نطاق إشراف رئيس مجلس الإدارة، وتدرج حملة المؤهلات المتوسطة لوظائف إدارية عليا وغيرها. ما المقصود بالسلبيات في إعادة الهيكل التنظيمي؟ وما شكل خريطة العمالة بالبنك؟ هل يعقل أن يصل عدد العمالة بالوظائف الإشرافية إلى 40% من إجمالي عدد العاملين بالبنك من مديرين لمراقبين، هذه النسبة مرتفعة جدا. إضافة إلى عدد العاملين بالخدمات المساعدة 22% من إجمالي العاملين أي بما يعادل فردا واحدا أمام أربعة موظفين "هل هذا معقول" بالمقارنة بالبنوك الاستثمارية نسبة الخدمات تتراوح ما بين 12 إلى 16% فقط، إضافة إلى عدم تقييم الأداء الدوري كل ثلاثة شهور كما جاء في لائحة شؤون العاملين المعتمدة وما يحدث هو التقييم مرة واحدة في العام، ولم يستخدم هذا التقييم إلا في عملات الترقيات والعلاوات فقط ولم يتم الاستفادة منها في خطط التطوير الوظيفي. هل هناك خطة للبنك لحل مشكلة تضخم العمالة والتي وصلت إلى 20 ألف عامل ؟ لا بد من اتخاذ عدة إجراءات لإعادة الهيكل التنظيمي للبنك، وهذا لن يتم إلا بعد إقرار قانون البنك الجديد ليكون متسقا مع رؤية البنك المستقبلية، إضافة إلى تحديد الحجم الأمثل للعمالة بكل دقة، والتي بواسطتها يقوم البنك بتحقيق إستراتيجية واستدامته المالية بشكل واضح، مع عمل التدريب التحويلي اللازم لتأهيل العمال ورفع كفاءتها، مع تطوير نظام المعاش المبكر الاختياري، مع الاحتفاظ بالعمالة الأساسية. ذكرت أنك ترغب في فتح باب التعيينات الدورية وفي نفس الوقت تبحث فتح باب للمعاش المبكر. كيف هذا؟ ذكرت قبل ذلك أن هناك 75% تقريبا مؤهلات متوسطة وفوق المتوسطة، ونحن نبحث إدخال كفاءات بمؤهلات عليا تستطيع تطوير المنظومة البنكية، وذلك يأتي بفتح باب التعيينات بشروط وتحديد قواعد عامة وخاصة جديدة يتم الالتزام بها بصرامة وتحقيق العدالة والمساواة بين كل المتقدمين في هذا الشأن، يأتي هذا مع توفير نظام متكامل لمعلومات الموارد البشرية، وذلك لميكنة البيانات المتعلقة بالموارد البشرية مثل قاعدة بيانات متكاملة للعاملين، وكذا متابعة تقييم الأداء والتطوير الوظيفي وتحليل الموارد البشرية. ما التحديات التي تواجهكم مع عدد العمالة الضخم، ووجود بنية تحتية تكنولوجية ضعيفة؟ بالفعل البنية التحتية التكنولوجية من أكبر التحديات التي تواجهنا فهي ضعيفة جدا سواء كانت متعلقة بالمنظومة البنكية أو بالأجهزة ومراكز البيانات والأدوات المختلفة والشبكات، ويوجد الكثير من السلبيات التي ذكرتها الدراسة التشخيصية ل kpmg للبنك ومنها أن نظام الحاسب الآلي يعمل بصورة لا مركزية، لا يوجد رقم عميل موحد للبنك ككل مما يسمح بتكرار ذات العملية في أكثر من فرع، لا توجد برامج لمتابعة المصروفات الخاصة بكل قطاع علما بأن النظام اليدوي الحالي لا يفصل بين المصروفات التشغيلية والرأسمالية، إضافة إلى أنه لا توجد خطوط للربط الاحتياطية وضعف الإجراءات الأمنية لمنظومة الحاسب الآلي وغيرها من الكوارث للبنية التحتية التكنولوجية. وهل لديكم خطة لتطوير البنية التحتية التكنولوجية للبنك ؟ بالطبع فقد وافق مجلس إدارة البنك على الاستعانة بالدكتور أحمد درويش كمستشار لمجلس إدارة البنك لتكنولوجيا المعلومات لما له من خبرات واسعة في مجال تكنولوجيا المعلومات، حيث قام بعمل خطة إستيراتيجية لتحديث البنك (قصيرة الأجل، ومتوسطة الأجل، وطويلة الأجل) وتتحدد تلك الخطوات بتوافر الاعتمادات المالية اللازمة في هذا الشأن، هذا وقد تم تقدير مبلغ 300 مليون جنيه. ومتي ستبدأ بتنفيذ هذه الخطة وما هي المدة الزمنية المحددة للتنفيذ ؟ خطة التطوير مقرر لها أن تتم على مدى ثلاث سنوات للبدء في تنفيذ إعادة هيكلة البنك تكنولوجيا، وكما ذكرت سنبدأ فور توافر الاعتمادات المالية اللازمة. ما الفرق بين العمليات المصرفية، والغير المصرفية ؟ وما هو وجه الخلط بينهما ؟ بالفعل يوجد خلط بين الأعمال المصرفية والأعمال غير المصرفية لدى العاملين بالبنك، وكذلك بين العملاء، ونتيجة لهذا الخلط وللتداخل بين الأعمال المصرفية وغير المصرفية أدى إلى عدم وضوح الرؤية سواء للقيام بالدور التمويلي والمالي للبنك ومهام توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي، ومعدات الميكنة الزراعية، وتسويق الحاصلات الزراعية، وهو الأمر الذي يستتبعه عدم تحميل قائمة الدخل بإيرادات ومصروفات تلك العمليات. وما هو الحل الأمثل لحل مشكلة هذا الخلط من وجهه نظركم ؟ لحل هذا الأمر وطبقا لتوصيات البنك الدولي فإن الأمر يتطلب ضرورة فصل الأعمال المصرفية عن الأعمال غير المصرفية وعدم الخلط بينهما، ليتفرغ كل طرف إلى تحقيق أهدافة بكل وضوح، وعلى هذا الأساس تم إنشاء الشركة المصرية للتنمية الزراعية والريفية منذ عام 2004 لتتولي مهام كل الأعمال الغير مصرفية وطبقًا للأهداف المنشأة من أجلها وعلى سبيل المثال (توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي، ومعدات الميكنة الزراعية، وتسويق الحاصلات الزراعية) ويتفرغ البنك للخدمات المالية والمصرفية. ما هو التطوير الذي قامت به الإدارة الحالية للبنك تحت إدارتكم؟ قرر مجلس إدارة البنك بجلسة 26/3/2014 بإعادة تشكيل مجلس إدارة الشركة المملوكة للبنك بالكامل، حيث إن الشركة بها العديد من المشاكل الهيكلية وحتى الآن لم تحقق الأهداف التي أنشأت من أجلها، كما أنه توجد بعض المشاكل في عملية نقل الأصول الخاصة بالبنك لتلك الشركة من البنك، إضافة إلى أنه يجري حاليا تنفيذ إستيراتيجية إعادة هيكلة الشركات التابعة للبنك بما يضمن استخدامها كأحد الأزرع الاستثمارية لتحقيق إستيراتيجية وزارة الزراعة في التنمية، ويتم حاليا إعداد دراسات جدوى لجميع مساهمات البنك في الشركات لتحديد القرار الذي يحقق الاستفادة القصوى أخيرا ما الرؤية المستقبلية للبنك ؟ تتلخص في إصدار القانون الجديد للبنك، ورفع رأس المال إلى مليار ونصف جنيه مع الحصول على قرض مساند بقيمة أربعة مليار جنيه بدون عوائد لمدة لا تقل عن عشر سنوات، وأيضا التصرف في الأصول التي آلت ملكيتها للبنك مع تكوين شركة لإدارة الأصول المملوكة للبنك بإدارة احترافية لزيادة عوائد البنك، والمهم هو تسوية المديونيات المستحقة للبنك من وزارة المالية، وأخيرا إعادة هيكلة البنك من خلال تنفيذ عدة مشروعات ترفع من كفاءة البنك وتضعه في المنافسة.