سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فوضى الفتاوى تسيء للإسلام.. أزهريون يطالبون بإصدار قانون يمنع غير المختصين من الإفتاء.. سالم عبدالجليل: "اسألوا أهل الذكر".. سهير طلب: افتراء على الله والدين
أثارت مطالبة بعض علماء الأزهر بإصدار قانون لمنع غير المتخصصين من إصدار الفتاوى بعد انتشار الكثير من المفتين بفتاوى خاطئة تسببت في تضليل الناس، اهتمام العديد من علماء الأزهر الشريف الذين رأى أغلبهم أهمية إصدار القانون لمنع المضللين وغير الدارسين وغير المتخصصين في الفقه والشريعة الإسلامية من إصدار الفتاوى عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة حتى لا يتشكك الناس في دينهم. ورأى هؤلاء أن السبب الرئيسى في انتشار الفتاوى المضللة هو استضافة بعض وسائل الإعلام لغير المتخصصين بغرض زيادة الجدل والكسب المادى بالإعلانات من وراء ذلك، بغض النظر عن وصول الفتوى الصحيحة للمواطنين، مطالبين بتحديد عدد المفتين في كل محافظة ومركز حتى يلجأ اليهم الناس لطلب الفتوى من قبل المؤسسات الدينية ومعاقبة من يثبت اعطائه فتوى من غير المختصين، فيما رأى عالم أن القانون لم يمنع غير المختصين من إصدار الفتاوى ولكن الزام المؤسسات الإعلامية بعدم استضافة غير المتخصصين في الفتاوى هو الافضل. "البوابة نيوز" استطلعت آراء عدد من المتتخصصين وأساتذة الأزهر في هذا الشأن. في البداية، قال الدكتور سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، أنه تبنى هذا الأمر في وزارة الأوقاف قبل عام 2010 وقدم فكرة مشروع القانون ساعتها لمجلس الشعب لتجريم الاقدام على الافتاء لغير المختصين وغير المؤهلين وقد تبناها الإعلام ساعتها، وأضاف: "تناقشنا فيها مع عدد كبير من العلماء ولكن بعد انتهاء الدورة البرلمانية وقيام ثورة يناير توقف مشروع القانون، لكن لما لا نعود مرة ثانية لإصدار القانون؟". وأشار عبد الجليل إلى أن القانون لا ينص على منع اشخاص بعينها ولكن ينص على حقائق، "بحيث يقال فيه الا يفتى غير عالم ازهرى خريج الكليات الشرعية الأزهرية المعروفة ويحدد فيه الكليات"، مؤكدا أن هناك فرق كبير بين الفتوى والدعوة الإسلامية. وأوضح عبد الجليل أن الفتوى نوعين: "هناك فتوى شخصية وفتاوى عامة، الشخصية مثل فتاوى الطلاق والزواج والصلاة وغيرها، اما المجتمعية العامة مثل فوائد البنوك وشهادات الاستثمار وفوائدها فهذه قضايا قومية وليست قضايا خاصة لا يمكن أن يفتى فيها حتى المختصون ولكن يفتى فيها المؤسسة الأزهرية نفسها ولا يفتى فيها الأفراد مهما بلغ علمهم". فيما أيد الدكتور سيف رجب، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بطنطا، تطبيق القانون معللا بأنه لا بد أن يترك الناس الفتوى لأهلها حتى نحافظ على ديننا من تدخل غير المختصين والذين ليس لهم أي علاقة بالفتوى من التدخل في شئون الدين. وقال رجب: "يجب ترك الفتوى للأشخاص المختصين لها وعدم التدخل بها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة الا إذا تأكدنا من علم هذا المفتى الجيد حتى لا يحدث تضارب بالفتوى أو تضارب في الدين"، مشددا على أنه يجب تحديد عدد من المفتين في كل محافظة للافتاء في أمور الدين يكونوا من المختصين بذلك، ويجب السعى أيضا في وجود المفتين في كل مركز على حدة. وتابع رجب: "دار الافتاء المصرية موجودة، فلماذا نلجأ لمن لا يعلمون في الدين ونترك أساسه ومعلميه ونأخذ الفتوى الخاطئه من غير المختصين، أتمنى إصدار القاتنون، وقد تكلمنا في مؤتمر دار الافتاء عن هذا بتوسع وكان هذا الاقتراح من أهم الاقتراحات". من جانبها، قالت الدكتورة سهير طلب، أستاذة علوم الحديث بجامعة الأزهر، إن الإفتاء بغير علم افتراء على الله سبحانه وتعالى وافتراء على الدين، مشددة على أنه "يجب تحديد الاشخاص المختصين للأفتاء وعدم ترك المجال مفتوح للكل". وأضافت طلب: "اليوم هناك مجالين مفتوحين لأى أحد في مصر وهما مجال الإعلام ومجال الأفتاء، وهذا تصرف صحيح، فيجب الحد من الاشخاص غير المختصين للأفتاء وتحديد الفتوى على الاشخاص الذين يستحقونها والذين تتوافر لديهم شروط الفتوى كاملة لأن الفتوى من الاشياء التي تنتشر بسرعة وسهولة". من ناحيته، رأى الدكتور محمد رأفت عثمان، أستاذ الفقه المقارن والعميد الأسبق لكلية الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إنه ليس من السهل تطبيق القانون، مشددا على ضرورة الا تنشر وسائل الإعلام بكل صورها من صحافة وقنوات فضائية وغيرها أي فتوى من غير متخصص لأن الواقع يبين أن وسائل الإعلام هي المساعد الأول لنشر الفتاوى الشاذة والغرض من وراء ذلك شهرة القناة والإعلامي نفسه وزيادة نسبة مشاهدة القناة وزيادة الإعلانات والدخل المادى لها. وأضاف عثمان: "إذا استطاعت المؤسسات الدينية الزام وسائل الإعلام الا تنشر الا لمتخصص في الشريعة الإسلامية فهذا يسد بابا كبيرا من الابواب التي اقلقتنا وفتحت لمدعى الثقافة الدينية ابوابا علينا مليئة بالشر"، مؤكدا أن الفتوى ليست لكل من "هب ودب"، وانما هي أمر خطير "فاذا اخطأ شخص ما في فتواه عن عمد فان عليه اثمها واثم من عمل بها، واذا اردنا أن نمنع هذه الفتاوى الشاذة فلا تستضيف وسائل الإعلام الا المتخصص فقط، فلم نشاهد أن قناة استضافت مهندسا يتحدث في الطب مثلا أو العكس فما بالنا اننا نجد هذه النوعيات الغريبة التي تظهر على الساحة كل يوم تفاجئنا بفتاوى شاذة". وكان الأزهر الشريف قد طالب، خلال الجلسة الأولى بمؤتمر الإفتاء الدولي، الذي انعقد في 17 و18 أغسطس الجاري، بالقاهرة، بإصدار قانون لمنع غير المتخصصين من الفتوى. وقال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، خلال كلمته بالمؤتمر،:"لقد أصبح إصدار تشريعات لمنع المتطفلين وغير المؤهلين من إصدار الفتاوى ضرورة، حيث أدت تلك الفتاوى في نهايتها إلى سفك الدماء وانتهاك الأعراض".