ضباط الصف الثانى ل«الأحرار» جعلوا مدة رئاستى للوزارة لا تتعدي 12 ساعة خيرونى بين استمرار تحكم مجلس القيادة فى كل شيء أو عودة الأحزاب وإلغاء الثورة فى أزمة مارس أوعز عبدالناصر للضباط أنه «بينهي» الثورة فقاموا بحركة مضادة وحاصروا سلاح الفرسان فى يوليو حدثت الثورة، وقبلها بنحو أربع سنوات، حدثت مسببات النكبة العربية، فى يوليو أيضا، لا فى مايو كما يعتقد الذين أرخوا لها ببداية الحرب ومفاوضات الهدنة، فيما الأحداث كلها تشير إلى أن يوليو الذى كان شهرا للنكبة والهزيمة فى 1948، تحول بعد تشكيل اللبنة الأولى للضباط الأحرار بعدها، ليكون شهر الثورة التى غيرت مجرى الأحداث فى مصر.. فى هذه السلسلة من الحلقات نتحدث عن الحرب وذكرياتها، من خلال أوراق الراحل البكباشى جلال ندا التى استودعها أمانة لدى الكاتب، وفيها أيضا الكثير من الوقائع التى ذكرها على لسانه باعتباره شاهدا على مجريات الأحداث، أو على ألسنة قادة الثورة أنفسهم، كاشفا ما غم على كثير ممن أرخوا للحدث العظيم فى تاريخ مصر الحديث، ومع تتابع الحلقات سنتعرف على ندا شخصيا مصحوبا بذكرياته عن الحرب التى شارك فيها، وكيف أنقذ جمال عبدالناصر من الموت، بينما هو قعيد مصاب لا يجد منفذا لعلاجه، وكيف كانت قيادة البطل أحمد عبدالعزيز للفدائيين، وعن الهدنة التى خربت التاريخ المعاصر للعرب، وتسببت فى هزيمتهم بالشكل الذى يؤرخ له المؤرخون باعتبارها النكبة العربية، ودور الإخوان المسلمين فى هذه الهزيمة، وخطة القائد عبدالعزيز لاحتلال القدس، ونتيجة رفض القيادة لها، وبعدها نستمع لشهادته عن بدء تشكيل تنظيم الضباط الأحرار، وكيف تشكلت علاقة محمد حسنين هيكل بعبدالناصر، ثم الحوارات التى أجراها مع بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة، وتحقيقنا لكثير مما ورد فيها، عبر شهادات أخرى لم ترد فى مذكراته، سعيا للبحث عن حقيقة ما حدث فى مصر منذ العام 1948 إلى قيام الثورة لنصل إلى ذهاب السادات إلى القدس، ورأى المعاصرين لعهده فى هذه المبادرة، كل هذا وأشياء أخرى ستمثل مفاجآت نتركها لوقتها. ضمن سلسلة الحوارات التى أجراها الراحل جلال ندا، مع ضباط يوليو عامى 1971 و1977، جاء دور شهادة السيد خالد محيى الدين، الذى وصف بالعضو اليسارى الوحيد ضمن تشكيل الضباط الأحرار الذين قاموا بالثورة، رغم وجود عدد كبير من ذوى الانتماء الديني، حيث يبدأ الحوار مباشرة فور وصوله مكان اللقاء، موجها الحديث للمضيف. ■ بالرغم من وجود بعض الأعضاء المتدينين، كنت العضو الوحيد فى مركز قيادة الثورة الذى احتفظ منذ قيامها بمبادئه فى كل الأوقات، وكانت لديك الجرأة لتشكيل وترأس الحزب التقدمى الاشتراكى فكيف ومتى بدأ اقتناعك بهذه العقيدة؟ - وهنا اعتدل الأخ خالد فى كرسيه، وانطلق يقول: أنا عايز أعمل تفرقة بين التدين واليسارية، لأننى طول عمرى متدين، وبحكم تربيتى الدينية وعقيدتي، فأنا طول عمرى متدين، فدى قضية لم تمس دينى، إنما اليسارية فهى منهج أو الاشتراكية العلمية. ويستمر خالد فى الحديث: أنا اقتنعت أو بدأت أقتنع بها عندما كنت عضوا فى جماعة الإخوان المسلمين مع جمال عبدالناصر وكمال حسين وعبداللطيف بغدادى، ومع عدد من الضباط اللى أغلبهم اشترك فى تشكيل الضباط الأحرار، وأثناء وجودنا فى هذه الجماعة قدم لى أحد الضباط مجموعة من الكتب عن الاشتراكية العلمية، فوجدت أنها منهج بيشرح وبينور عقل الإنسان. أنا جمعت ما بين التفكيرين، إذ كنت رجلا عسكريا، وفى الوقت نفسه راجل متدين، أقرأ فى الاشتراكية وبدأت أتأثر، فبقى عندى ملامح الفكر الإيمانى مع المنهج العلمى فى حلول القضايا المختلفة، وبعدين فهمت منها ما هو معنى الوطنية، وما هو معنى قضية المجتمع، وما معنى الصراع فى داخل المجتمع، وإيه الأهداف اللى بتصنعها، وما هى الأهداف العامة، وما هى الأهداف المرحلية.. الحقيقة استفدت من فهم هذا الموضوع، بصرف النظر عن مصالحى الطبقية، بحكم أنى ابن عائلة من أغنياء الريف.. وجدت من الناحية العقلية أن المستقبل لأى مجتمع يريد أن يستقر، يعنى أنه لا بد أن يتجه إلى خدمة الأغلبية الساحقة، ومن هنا نقدر نقول أنا تفكيرى يسارى، طبعا أنا فى هذا الموقف استمررت فيه وتحملت فى سبيله. ■ ماذا تتوقع أن تكون عليه العلاقات بين مصر والاتحاد السوفييتى من جهة وبين مصر والدول الاشتراكية من جهة أخري؟ - إيه نوع العلاقات المقصودة؟ إن كان المقصود نوع العلاقات القديمة اللى هى الصداقة الوطيدة، فهذه قضية أظن أنها صعبة شوية، أما إذا كان المطلوب وجود علاقات طيبة كما يحدث فى العالم كله، أو علاقات مش سيئة فهذا ممكن بصرف النظر عن اختلاف الظروف اللى تمت فى مصر الآن، فهذا لا يلغى إمكانية مصر أن تجعل علاقتها طيبة، وغير سيئة بالاتحاد السوفييتى والبلاد الاشتراكية، ولأنى أنا من المؤمنين بأن العلاقات الطيبة بالاتحاد السوفييتى والبلاد الاشتراكية هى أمر ضرورى للأمن القومى لمصر، ده يعنى وجهة نظري، وهو شيء ممكن الوصول إليه والتفاهم فيه، وأنا من أنصار أن تكون العلاقة طيبة بالبلاد الاشتراكية والاتحاد السوفييتي، من منطلق المصلحة المصرية القومية والعربية، ومصلحة استمرار الصراع مع إسرائيل، وفى رأيى أنه سيستمر، وبصورة أخرى بعد إتمام اتفاقية السلام، يعنى إحنا صراعنا مع إسرائيل حضاري، وإحنا فى حاجة إلى علاقات مع الدول الكبرى ومع التكتلات الدولية، ورأيى أن مصر لا يجوز أن تخسر الكتلة الاشتراكية والاتحاد السوفييتى من منطلق المصلحة المصرية القومية والعربية. ■ أصدر محمد نجيب قرارا يكلفك فيه بتشكيل وزارة فى أزمة فبراير عام 1954.. فما هى الأسباب الخفية التى حالت دون تنفيذ القرار؟ - أولا مجلس قيادة الثورة هو من أصدر قرار تشكيل الوزارة، لأن المجلس لما قامت المظاهرات فى البلد، اعتقد أن الجيش كله يقف مع الثورة، فلما «ضباط الفرسان» عملوا اجتماعهم الشهير يوم 27 فبراير وطلبوا حسين الشافعي، وبعدين ما قدروش يقنعوه فطلبوا عبدالناصر، اللى بدأ يشعر أن الجدار اللى كان بيعتمد عليه وهو وحدة الجيش حصلت فيه فتحة، ويمكن تحصل فتحات أخرى فى الجدار، فقرر أن يعرض انسحاب مجلس الثورة، لأنه خاف أن تحدث نكبة، والحقيقة كان عبدالناصر على مستوى تقدير المسئولية، وقال إحنا عايزين نتجنب حرب أهلية، إذا كانت القضية أن الناس تريد محمد نجيب، فاللى يقدر يعمل العملية ديه خالد. واللى حصل بعد كده إن الضباط الأحرار «الصف الثاني» هم اللى رفضوا تنفيذ هذا، لأن عبدالناصر قال إن احنا ننسحب والثورة تنتهى وده كان غلط، فى رأيى لأنه كان ممكن التفاهم مع محمد نجيب، فجمال أظهر للضباط أنه بيخلّص الثورة، فعملوا حركة مضادة، وحاصروا سلاح الفرسان، وحاصروا القيادة، ومنعونى أنا من التحرك، واخد بالك؟ لكن النتيجة برضه ما انتهتش إلى حاجة لأن الحصار مسلح يا إما تضربه وتكسره، يا ما تقدرش تضربه، فاستمر الوضع على ما هو عليه من الصبح لغاية بعد الظهر، حتى جاءت حامية الإسكندرية، وأعلنت أنها تؤيد عودة محمد نجيب، فكان لا بد من اتخاذ خيار، فأعيد نجيب رئيسا للجمهورية فقط، وبعد ذلك كانت الأحداث مبهمة، يعنى اللى منع استمرارى رئيسا للوزارة هم ضباط الصف الثانى من الجيش. ■ بعد ذلك كيف أبعدك مجلس الثورة؟ - لما حصلت أحداث مارس الأخيرة، طبعا أنا كنت مُصر على عودة الحياة النيابية، لكن بصورة متقدمة، يعنى أنا كان رأيى قرارات 5 مارس تنفذ، يعنى انتخابات جمعية تأسيسية بدون أحزاب، وبعدين تتكون الأحزاب من خلال الممارسة والمناقشة أثناء الجمعية، على أن تحرم القوى اللى شاركت فى أى إجراءات ضد المصلحة القومية العليا أو ضد الحريات، من ممارسة حقوقها السياسية لمدة خمس ست سنين، يعنى فترة من الزمن وتلغي، يعنى تبقى ديمقراطية موجهة إلى حد ما، ولكن هم كان رأيهم لأ، يا إما أن نعود إلى الوضع السابق على أحداث مارس، وهو أن مجلس الثورة يظل قابضا على كل شيء يا إما لأ، أنا قلت لأ، فحطوا خيار يا إما حريات كاملة بعودة الأحزاب وإلغاء الثورة، يا إما العودة إلى ما قبل مارس، طبعا العودة لما قبل مارس معناه تصفية سلاح الفرسان والتيار الديمقراطي، فطبعا رفضناه فكانت النتيجة تجهيز الإضرابات العمالية بتاعة أحداث مارس، والمظاهرات تمت وأعيدت القرارات، فكان بقائى فى مجلس الثورة بعد ذلك شبه مستحيل، فأنا ضد الاتجاه وضد استمرار هذه السياسة، فأرسلت استقالتى لجمال عبدالناصر فى أول أبريل، فقبلها المجلس، وأبلغنى قبول الاستقالة، وقال لى عبدالناصر: لازم تشوف طريقة تبتعد بيها عن مصر، لأن وجودك يعنى أنى سأصطدم بك إن عاجلا أو آجلا، وما كانش يحب إنه يصطدم بى لأن أنا علاقتى به تاريخية، وكانت قوية جدا فرجانى أسيب البلد وأقعد بره شوية أستريح، وكان عايز يعينى سفير أو حاجة زى كده، لكن انتهى الأمر أنى أقعد بره فترة من الزمن لغاية ما بدأت العلاقات الخارجية تتصلح، وبدأ يتجه لباندونج وغير باندونج، فأصبح بقائى فى الخارج مالوش معنى، فعدت ودخلت مجلس الأمة، وعملت جريدة المساء ومشيت فى الحياة العامة. ■ قمتم بثورة 23 يوليو 1952م وقام الرئيس السادات بثورة تصحيح فى 15 مايو 1971 فما هو الارتباط بين الحركتين وهل حركة 1971 متممة لحركة 1952م؟ - والله لما قامت حركة التصحيح فى سنة 1971م الرئيس أنور السادات قال إنها مش ثورة، وقال إنها امتداد لثورة 23 يوليو، لأنها تعديل بعض الأوضاع، وكان يقصد موضوع الديمقراطية فى مصر، فبالنسبة لى أنا راجل عاش حياته من أجل الديمقراطية، فرحبت ب15 مايو، لأنى أنا كنت أول واحد تكلم عن أهمية سيادة القانون والديمقراطية وتعدد الرأى إلخ... فلما قامت حركة 1971 ودى كانت النقطة الضعيفة فى ثورة 23 يوليو، يعنى ثورة 23 يوليو فى نظرى حققت إنجازات ضخمة فى مصر والعالم العربى وآسيا وأفريقيا، دى قضية لازم تحطها، وأنا رأيى اللى عملته ثورة 23 يوليو غير تغييرا كبيرا فى الأوضاع العالمية فى منطقة الشرق الأوسط وفى بلدان آسيا وأفريقيا بالنسبة لقضية التقدم الاجتماعى الأفريقى والاستغلال الاقتصادى. لكن كان من نقاط الضعف أنها ما حلتش مشكلة الديمقراطية حلا جذريا، فلما جت حركة 15 مايو زى ما أعلن الرئيس السادات قال حركة 15 مايو ماهياش ثورة لأنها مش جايبة جديد، هى استمرار ثورة 23 يوليو لكن بتعديل بعض الأشياء اللى فيها. وقدم برنامج العمل الوطنى بتاعه، اللى هوه صورة أخرى من صور الميثاق، يعنى من ناحية التقدم الاجتماعى وجانب الديمقراطية فيه مهم، ثم الدستور بتاعه، ثم ورقة أكتوبر وأوراق ومواثيق تؤكد استمرارية ثورة 23 يوليو، ولكن بيقدم تمييزا جديدا لبعد مايو من ممارسة ديمقراطية وسيادة القانون وحماية حرية الفرد، فطبعا أنا ما أقدرش، ما فيش حد فى الدنيا، يعنى يرفض هذا، ولكن فيه بعض القوى تشوه معنى 15 مايو وعايزه تحطها أمام 23 يوليو، وتعتبر أن مصر بدأت بعد 15 مايو وده مش صحيح، وأنا ضد هذا التفسير على الإطلاق، لأن لولا 23 يوليو ما كانش فيه 15 مايو، وأن 15 مايو ميزتها أنها أكدت معانى كان غرضهم يجردونها منها، أنا كونى أعمل سيادة قانون وأعمل حرية وديمقراطية وأعمل تعدد الآراء مش معناها ألغى المكتسبات الاجتماعية اللى تمت ضد كبار الإقطاعيين وضد الرأسمالية الكبيرة وإلخ.. يقولون إن الاشتراكية هى سبب البلاوي، أبدا!! بالعكس، السبب إننا ممشيناش فى الخط الاشتراكى كما يجب، قول إنه فى التطبيق الاشتراكى أخطاء، فى التطبيق الديمقراطى بتحدث أخطاء، فهذا شيء طبيعى، وأنا باعتبر إن 15 مايو ما نقدرش نفصلها عن 23 يوليو إلا بشيء ليس له أبعاد، فثورة 15 مايو قيمتها الكبرى أن احنا كلنا وقفنا معاه، وهوه كان بيعتبر 23 يوليو الأم وأنه استمرار لها، بمعنى ستقدم جديدا وبيعطى معنى الديمقراطية، وأن الجماهير لن ترفض بل استجابت له لأنه قدم لها هذا المعني، الجماهير خرجت لأنه قال أنا 23 يوليو بصورة جديدة. ■ أعلن اليسار آراءه بصراحة فى عدة مناسبات داخليا وخارجيا تتضمن نقدا للمسار الاقتصادى والداخلي، فهل لدى حزبكم تخطيط للإصلاح وهل يمكن أن تعطينا فكرة عنه؟ - والله إحنا قدمنا فى التعليق على بيان الحكومة رأيا فى سياستها مكتوبا فى كتيب، وأنا لا أمانع أنى أديك نسخة من هذا الكتاب، فى كل المجالات فى السياسة الخارجية، وفى السياسة الاقتصادية، نحن ننطلق من مبدأ أن مصر دولة فقيرة ومتخلفة، وعلشان تعمل تنمية محتاجة إلى دور قوى للدولة فى مجال الاقتصاد، لأن رأس المال الخاص المصرى بحكم عدم خبرته فى البناء الاقتصادى والتصنيعى ما يقدرش لوحده يقوم بعملية التنمية، وإحنا بنقبل دخول رؤوس الأموال الأجنبية، ونعتبرها شيئا مؤقتا مش أبدى، يعنى مش سياسة دائمة، بنقبلها فى ظروف معينة، بنفضل أنها ما تكونش موجودة، لكن للمصلحة الوطنية إذا كانت بلدنا تحتاج اليوم لرؤوس أموال أجنبية لتدفع بعجلة التنمية بنقبلها، لكن إحنا وجهة نظرنا أن الأسلم أن الدولة والمصريين يقوموا بتنمية اقتصادهم بنفسهم، ويعتمدوا على أنفسهم، ولذلك إحنا بنختلف على منهج الحل اليوم. لأن الرأسمالية المصرية لا تملك القدرة أنها تقوم بالتنمية، لأن إحنا بنشوف فى تجربتنا العادية أن رأس المال الخاص عاوز بسرعة يأخذ العائد، هوه بيصلح للمشروعات سريعة العائد، اللى بتتم فى مجال الزراعة، فى استصلاح أرض بسرعة، مشاريع مواشي، مشاريع فراخ، المشاريع الزراعية حاجات زى ديه بتجيب نتائج سريعة فى نفس السنة أو بعد عدة أشهر، إنما المشاريع الصناعية الضخمة اللى بتحتاج إلى أربع خمس ست سنين تحط فيها استثمارات وعايز تاخد أرباح قدامك سبعة أو ثمانية أعوام. مافيش رأس مال خاص مستعد يجمد أمواله، هذه تقوم بها شركات استثمارات كبري، وإحنا إذا قبلنا الدخول فى مجال هذه الأموال الخاصة تدخل الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات الاحتكارية، وهذا شيء خطير علينا وبيهدد استقلالنا، ولذلك إحنا بنختلف وبنقول إن البلد تبدأ فى الاعتماد على النفس والاعتماد على النفس يبدأ من بحث التركيبة الاجتماعية بتاعة الدخل القومي، وهو فى مصر موزع بطريقة غير عادلة، الخطوة الأولى يجب أن نعيد خريطة توزيع الدخل القومي، لازم نأخد من الناس اللى عندهم فائض، ونقدم لمن ليس عندهم فائض، وهذا قرار سياسى قبل أن يكون قرارا اقتصاديا، لأن ده بيحمل فئات اجتماعية أعباء قبل أن تقبلها ستقاوم، فمحتاجة إلى شجاعة من الحكومة، ولذلك يعكس هذه السياسة الموقف الاجتماعى بتاع كل حزب. ولأن حزب «مصر»- الحزب الأول الذى أنشأه السادات- من القوى الاجتماعية المنحازة له، قوى كلها ذات نفوذ مالى فى أغلبها يرفض إنه يأخذ هذا الإجراء، ولذلك يلجأ إلى الطريق الآخر، وهو فتح الباب لرؤوس الأموال الأجنبية، وهو بهذا يلجأ إلى بعض الإجراءات التى لا تحل المشكلة حلا جذريا، وهذا هو خلافنا معه، فنحن أعطينا خمس نقط بديلة لحل مسار الاقتصاد المصرى، وقدمناها فى تعليقنا على بيان رئيس الحكومة، ورايح أديلك الكتاب. لكن أنا أساسا إزاى أن يكون فيه خطة قومية، الخطة القومية لها أولويات، وأن القطاع العام يلعب الدور الرئيسى فى التنمية، مع وجود دور مهم للقطاع الخاص، هذا هو هدفنا أى بعكس ما هو موجود، إيه كمان؟ ■ تجاربك الحالية اللى مريت بيها وبسنك الحالى لو رجعنا إلى عام 1952 وبدأنا نفكر فى الثورة كنت برضه تقوم بالثورة بعد اللى مرينا بيه ده؟ - طبعا الثورة كان لازم تقوم، مش عايز أقول يعنى حققت المبادئ اللى قامت من أجلها، ثورة يوليو نقلت مصر والمنطقة نقلة كبيرة هذا واقع موجود نقلت المنطقة آه ومصر، ومصر أكبر بلد حصل فيه تطور اجتماعى وسياسى واقتصادي، ده مش عايز كلام، يعنى يكفى حتى الناحية السياسية اللى بنقول فيها الديمقراطية السياسية أنت طلعت قيادات من الفلاحين والعمال كانت بالوضع الديمقراطى العادى لا يمكن تطلع، يعنى ده أولا، أنا من رأيى أن ثورة 23 يوليو قدمت كثيرا، بس إحنا زعلانين لأنها كان ممكن تقدم أحسن، واخد بالك، وكانت ممكن تعمل نتائج أحسن لو كانت بعض الأخطاء الكثيرة جنبت، لكنها أولا حررت مصر من الاستعمار، حتى هزيمة 1967 الدلالة بتاعتها أنها هزيمة، وأمامها 9 و10 يونيو إصرار على مقاومة الهزيمة، فليه الناس دائما بتنسى هذا الموضوع، هى صحيح انهزمت فى 1967 وقدمت روح مقاومة الهزيمة فى 9، 10 يونيو. وده بينشل 23 يوليو من الانهيار، دى الحقيقة اللى لازم نواجهها، ده واقع موجود، فإذن من الناحية ديه أنا لست نادما على أى قرار اتخذته سواء بالنسبة للثورة أو بالنسبة للمواقف السياسية، صراحة يعني، أنا مؤمن أن كل خط اتخذته عن اقتناع يوجد فيه أشياء منها ثبت صحتها، أو عدم صحتها، لكن أنا كل قرار أخذته، أخذته عن قناعة فمش نادم عليه، ولا نادم على قرار الثورة، وفى الواقع 23 يوليو نقلة تاريخية للمنطقة، لأن مصر زعيمة المنطقة والدلالة على أنها نقلت المنطقة أن مصر نفسها انتقلت.