710.37 مليار جنيه استثمارات حائرة بين قيود تشريعية وإنفلاتات أمنية لأن "العالم اليوم" هى بالفعل الصحيفة الاقتصادية الأولى فى مصر والعالم العربى ولأنها الأكثر تخصصا فى كل مجالات الاقتصاد بأضلاعه الثلاثة المصرفى والتأمينى وسوق الأوراق المالية فهى ليست بحاجة أبدا لنشر صور شخصية بمساحات كبيرة وليست بحاجة كذلك إلى نشر عناوين براقة مطاطة خاوية من أى مضمون وبعيدة عن أى حقائق، "العالم اليوم" تهتم فى المقام الأول والأخير بمصالح مصر العليا وخاصة مصالحها الاقتصادية ومن هذا المنطلق يسعى رجال مصر الشرفاء المخلصون من أصحاب الخبرات والكفاءات سواء كانوا رجال مال أو أعمال أو من ذوى المناصب الاقتصادية لنشر أفكارهم ورؤاهم بما يصب فى الأول والأخير فى صالح اقتصاد مصر الذى يحتاج حاليا لكل فكر بناء ولكل يد معمرة، ومن هؤلاء الرجال "السيد بيومى عبدالواحد" أدار بكفاءة منقطعة النظير فى السابق واحدة من كبريات المحافظ المالية لشركة الشرق للتأمين قبل أن ينقض عليها "محمود عبد الله" وزمرته تحت شعار الدمج ولم يستطع الاستمرار وسط أجواء بعيدة كل البعد عن الصالح العام فترك الشرق للتأمين قبل أن تذوب وتتلاشى لتستعين به واحدة من كبريات شركات التأمين التكافلى فى مصر وهى الشركة المصرية للتأمين التكافلى ليساهم بفكره الاستثمارى فى تعظيم أرباح الشركة.. وكان علينا فى "العالم اليوم" أن نحاور الرجل ليس فقط حول تجربته فى شركة التكافل التى يدير محفظتها ولكن لنعرف رؤيته وأفكاره حول أموال التأمين وكيفية استثمارها بما يخدم اقتصاد مصر الذى يئن حاليا تحت وطأة العديد من الهموم السياسية والاقتصادية. بداية.. قال "السيد بيومى": صناعة التأمين فى مصر صناعة عريقة جدا ونسبق بها دولا عديدة، ولا أبالغ إن قلت أن مصر أول دولة فى العالم عرفت التأمين فى مصر القديمة منذ آلاف السنين القضية الحقيقية أننا فى مصر نملك كوادر بشرية هائلة ومدربة ومؤهلة بالفعل، ولكن حتى يومنا هذا لا نجيد استثمار هذه المواهب وهذه العقليات الفذة، ولذلك فإن بعض هذه العقول تخطفها شركات عربية، والآخر تخطفه شركات أجنبية وقلة قليلة جدا هى التى تبرز على الساحة المحلية أما الكثرة فهى عقول ومواهب وطاقات معطلة فى جميع مجالات وفروع التأمين ولعل السبب الرئيسى وراء هذه الكارثة بعض القيادات التى أبتلينا بها وفرضت علينا مصالحها الخاصة وارتباطاتها مع قيادات سياسية سابقة فطبقت علينا تجارب أليمة جدا كانت ثمارها مرة ومنها على سبيل المثال وليس الحصر تصفية واحدة من أعظم شركات اعادة التأمين فى العالم العربى وهى الشركة المصرية لإعادة التأمين، وأذكر قارئ "العالم اليوم" بأن هذه الشركة كانت أعظم سند لمصر فى الشدائد والأزمات وقد أصدر قرار تأسيسها الزعيم جمال عبدالناصر إثر امتناع العديد من الدول الغربية عن مساعدة مصر فى بناء مشروعاتها الطموحة العملاقة إلى جانب تلاشى شركة أخرى عملاقة وهى الشرق للتأمين ساهمت بفضل ملاءتها المالية الجيدة وفائض أموالها فى العديد من المشروعات العملاقة والتى لا تزال تعمل حتى يومنا هذا، ولعل السؤال المهم الذى طرحناه من قبل ومازلنا نطرحه: لمصلحة من يتم تصفية شركات عملاقة والغاؤها بجرة قلم وتشريد قياداتها وخبراتها وعمالتها؟ الجواب معروف طبعا لدى بعض كبار السجناء وبعض الهاربين وبعض المتسترين فى مناصب دولية مثل محمود محيى الدين وبعض الذين لم توجه لهم أى تهمة حتى اليوم لكنهم لن يفلتوا فى ضوء ما ارتكبوه فى حق صناعة حيوية مؤثرة مثل صناعة التأمين. لو تركنا الاستثمار الضائع منا فى الطاقات البشرية الوطنية وذهبنا لمجال الأموال لوجدنا أن الأمر محزن للغاية، إذ يكفى أن نعرف فقط على سبيل المثال وليس الحصر - يقول "السيد بيومى" انه منذ أحداث 25 يناير 2011 لم يتم استثمار جنيه واحد من أموال التأمين فى أى مشروع، هذا إلى جانب أن الأحداث السياسية الملتهبة بالاضافة للأوضاع المتردية أمنيا ساهمت بالسلب على النشاط الاستثمارى لأموال التأمين. يقول "السيد بيومى" دعنا نبدأ من الأساس الذى نبنى عليه فى التأمين تماما مثل البنوك ومثل أى نشاط لدينا فى مصر غابة من التشريعات المنظمة وبعضها يتعارض مع البعض الآخر، هذا إلى جانب القيود التشريعية التى تمنعنا نحن مديرو الاستثمار من ضخ أموال شركاتنا فيما نراه صائبا ويعود بالنفع والفائدة، واستطيع أن أقول بمرارة شديدة جدا إن لدينا على مستوى سوق التأمين المصرية نحو 710.37 مليار جنيه هى اجمالى استثمارات السوق، وهى فى الحقيقة من وجهة نظرى الشخصية بمثابة استثمارات غير بناءة، غير فعالة لأنها بعيدة كل البعد عن الفكر الاستثمارى الموجود لدى الشركات فى الغرب أو حتى فى آسيا، نحن مجبرون على ضخ نسبة كبيرة جدا من استثماراتنا فى أذون وسندات الخزانة ونسبة أخرى بمثابة ودائع فى البنوك، ولكن القيمة الحقيقية لأى استثمار كما يراها أى مدير استثمار فى أى شركة أو مؤسسة هو ضخ الأموال فى بناء صروح جديدة من مصانع ومشروعات زراعية وصناعية وخدمية بما يفتح أفاق العمل أمام ملايين الشباب عندنا وبما يجذب رؤوس الأموال الأجنبية للمجئ عندنا والمساهمة فى هذه المشروعات، اليوم - وللأسف الشديد - ليست لدينا مشروعات لنساهم فيها وليست لدينا الجرأة لضخ الأموال فى أى مشروع فى ظل الظروف الراهنة وليس لدينا رؤوس أموال أجنبية لأن رأس المال جبان يبحث دائما عن المناطق الدافئة الآمنة. ويستطرد "السيد بيومى" بقوله: علينا أن نعرف أن استثمارات شركات التأمين تخضع للقانون رقم 10 لسنة 1981 وتعديلاته، وهذا القانون لابد من البحث فى تعديله بالسرعة الواجبة طبقا للآليات والأدوات المستحدثة بالسوق، فلابد مثلا من إعادة النظر فى نسبة الأموال المستثمرة فى الأوراق المالية بحيث لابد من زيادتها حتى لا يتم سرقة أسهم شركاتنا العظيمة والمتهاوية حاليا لصالح الأجانب، وتمديد نسبة معينة للاستثمار فى الصكوك المزمع اصدارها خلال المرحلة القادمة، كما أطالب د."قنديل" بضرورة وضع تشريع خاص ينظم صناعة التكافل فى مصر نظرا للنمو المتسارع خاص فى صناعة التكافل واقبال شرائح كبيرة من المجتمع عليه، ونظرا أيضا لطبيعة شركات التكافل حيث يشترط لنشاط التكافل فصل أموال المساهمين عن أموال أصحاب الوثائق. البعض يقلل من شأن وقيمة صناعة التأمين فى بلدنا متحججين باتساع مساحة الفقر وازدياد شريحة العاطلين عن العمل.. فماذا تقولون فى ذلك؟ كان هذا سؤالنا وكانت إجابة "السيد بيومى" مرتبة ومنطقية ومدعومة بالأرقام الدقيقة حيث أوضح لنا أن التأمين كصناعة قادر بالفعل على المساهمة فى دعم وانعاش الاقتصاد الوطنى، ولكنه حلقة ضمن حلقات أخرى مهمة، فلابد كما ذكر سلفا أن يكون للحكومة خطط للمستقبل ولابد للحكومة من أن تذلل العقبات التشريعية كما ذكرت سلفا، ومن ثم فإن التأمين جنبا إلى جنب مع القطاع المصرفى قادران على النهوض باقتصادنا بأسرع مما نتخيل، ولكننا فى واد، والحكومة فى واد آخر، الحكومة تبحث عن التشريعات ذات الصبغة السياسية ولا تبحث عن التشريعات التى تنهض بالاقتصاد من عثرته، واذا كانت الحكومة جادة فعلا فعليها دعوة جميع القيادات المصرفية جنبا إلى جنب مع القيادات التأمينية وقيادات سوق المال لبحث كل من تحديات الاقتصاد المصرى حاليا والمطالب الملحة لقيادات المثلث الاقتصادى، الجميع على طاولة واحدة ولابد من الخروج بنتائج وتوصىات ىجب تنفىذها بالسرعة الواجبة. وحتى أوضح للذىن ىقللون من أهمىة التأمىن.. حسبى أن أذكر فقط ىقول "بىومى" إن جملة التعوىضات المباشرة التى قام القطع بسدادها حتى 31/3/2012 بلغت نحو 5،0688 ملىار جنىه مصرى ما ىخص تأمىنات الحىاة منها ىقدر بنحو 2،268 ملىار جنىه، وما ىخص تأمىنات الممتلكات منها ىقدر بنحو 3،420 ملىار جنىه هذه الأرقام توضح مدى مساهمة التأمىن فى سداد تعوىضات كبىرة فى ظل أحداث مؤلمة وانفلاتات أمنىة وعدم استقرار سىاسى وأغلب التعوىضات الخاصة بتأمىنات الممتلكات سوف نجد أنها تخص تأمىن السىارات إذ بلغت نسبة التعوىضات المسددة فى تأمىنات الممتلكات عن السىارات 62% من إجمالى التعوىضات وهو ما ىبين من جهة حجم الخسائر الفادحة التى تكبدها مواطنون أبرىاء تحطمت واحترقت وسرقت سىاراتهم، ومن جهة أخرى حجم العبء المالى الكبىر الذى تحمله قطاع التأمىن. برغم مرارة الحدىث ودموع لاحظتها بالفعل فى عىون "السىد بىومى" أحد أبرز خبراتنا الاستثمارىة فى قطاع التأمىن إلا أنه شخصىا دعانى للتفاؤل مؤكدا لى بأن مصر ستعبر محنتها الراهنة وستخرج منها قوىة لأن شعبها طىب الأعراق ىعى وىدرك قىمة هذا البلد العظىم قال لى "بىومى" إنه بالرغم من مرور سنتىن كبىستىن علىنا إلا أن سوق التأمىن المصرىة لاتزال حلما ىداعب العدىد من المستثمرىن العرب والأجانب لأنهم ىدركون أهمىة هذا السوق الكبىر، وىؤمنون بأن الاقتصاد المصرى لو طاوله إصلاح حقىقى فستتحسن الدخول وستتوفر فرص حقىقىة، وستأتى شئنا أم أبىنا رؤوس أموال عربىة وأجنبىة ودلىلى على ذلك أن سوق التكافل فى مصر ىنمو بقوة وبسرعة كبىرة وملحوظة ىقدر متوسطها من 12% إلى 16% سنوىا، وإلا فلنسأل أنفسنا لماذا ىقبل المستثمرون العرب على شراء حصص فى شركات التكافل المصرىة والتى باتوا بالفعل مستحوذىن على معظمها ألىس ذلك دلىلا على قوة هذا السوق وأن فرص الاستثمار فىه جاذبة جدا للعرب والأجانب. واختتم "السىد بىومى" حدىثه الصرىح ل"العالم الىوم" بلغة الأرقام مجىبا على بعض تساؤلاتنا السرىعة حىث أوضح لنا أن إجمالى رؤوس أموال شركات التأمىن فى السوق المصرىة ىقدر بنحو 5،029 ملىار جنىه، منها قطاع عام "3 ملىارات جنىه" وقطاع خاص مصرى "889 ملىون جنىه" وقطاع خاص أجنبى 1،140 ملىار جنىه وىقدر نصىب التكافل فى القطاع الخاص المصرى بنحو 200 ملىون جنىه، ونصىب التكافل فى القطاع الخاص الأجنبى "253 ملىون جنىه" أما إجمالى مىزانىات السوق فىقدر بنحو 42،102 ملىار جنىه مصرى وتقدر تأمىنات الأشخاص بنحو "22،728 ملىار جنىه" وتأمىنات الممتلكات بنحو 19،374 ملىار جنىه. وقال بىومى أىضا: الشركة المصرىة للتأمىن التكافلى بحكم كونها أكبر شركات التكافل فى مصر، ومتوقع لها قفزات كبىرة خلال المرحلة القادمة تعمل بنهج مدروس ومخطط مما جعلها تحقق أرباحا فى عام 2008 والمعروف باسم "عام الأزمة المالىة العالمىة" فقد حققت الشركة عائدا من استثماراتها، وىتم إدارة استثمارات الشركة بصورة احترافىة حىث ىزىد عائد الأرباح المستثمرة عن 14%، كما حققت الشركة فائضا تأمىنىا كبىرا فى الوقت الذى سنجد بأغلب الشركات عجزا تأمىنىا، وهذا مرجعه من وجهة نظرى للتسعىر الجىد للخطر، وانتقاء الخطر، بالاضافة لسرعة توظىف الأموال بما ىعود علىنا بالربحىة.