كتبت يوم الاثنين الماضى فى مقالى الذى نشر بالعدد الأسبوعى ل"العالم اليوم"، ان المشردين أو أولاد الشوارع تحولوا إلى قنابل سياسية واجتماعية موقوتة، بعد أن استوطنوا فى ميدان التحرير، وقاموا بمواجهات عديدة مع رجال الأمن آخرها فى شارعى محمد محمود والقصر العينى. ولم أكن أعلم مدى خطورة هؤلاء الأمنية إلا أول أمس الاثنين أيضا عندما قام مجهولون كانوا متربصون على الطريق الدائرى بالتجمع الخامس بقطع الطريق على سيارة ترحيلات تقل متهمين أحداث، كانت قادمة من المؤسسة العقابية بالمرج، وفى طريقها لعرض المتهمين على محكمة القاهرةالجديدة وأطلق المتهمون أعيرة نارية على السيارة، الأمر الذى أدى إلى انفجار إطاراتها وتوقفها وأشهروا أسلحة فى وجه ضباط الشرطة والمجندين المرافقين للسيارة وأطلقوا الرصاص على الضابط المكلف بحراسة الأحداث المرحلين وأصابوه هو وجندى، وقاموا بتهريب 9 متهمين من "أولاد الشوارع" واستولوا على بندقيتين من سيارة الترحيلات، وفروا هاربين، ولكن الشرطة تمكنت من إعادة معظم الأحداث المتهمين الذين تم تهريبهم وتواصل البحث عن الجناة قاطعو الطريق. هذه الحادثة تعطى دلالة على ان معظم أولاد الشوارع ليسوا مشردين وليس لهم مأوى فقط ولكن تحولوا إلى "مشاريع مجرمين" أو مجرمين صغار، وهناك من يستطيع إطلاق سراحهم بالقوة المسلحة إذا تم القبض عليهم ويواجه رجال الأمن بتسليح جيد وجرأة وتدريب عال، مكنهم من تهريب هؤلاء الأحداث الجانحين ثم اختفاؤهم. سوف تثبت التحقيقات الحالية الخاصة بأحداث مجلس الوزراء ان هناك من يحرك ويمول أولاد الشوارع، ويقودهم وينظم عملهم، ويستغلهم أيضا جنسيا، بل وسياسيا، بدليل المواجهات العنيفة التي حدثت بينهم وبين رجال الجيش والشرطة فى الأحداث الأخيرة وقيامهم بحرق ممتلكات حكومية مثل مدرسة الألفى بشارع محمد محمود ومبنى الطرق والكبارى والمجمع العلمى بشارع القصر العينى ومحاولة حرق المتحف المصرى، ولو كانت امتدت المواجهات فى محيط مجلس الوزراء ولم تضع قوات الأمن كتل أسمنتية وحواجز خرسانية لسد وغلق شوارع محمد محمود والشيخ ريحان والقصر العينى لربما كانت النيران قد حرقت مقر الحكومة نفسه ومجلسى الشعب والشورى ووزارة الداخلية ومجمع التحرير بواسطة بعض أولاد الشوارع المأجورين والغاضبون والحاقدون "ضحايا النظام السابق". مطلوب تحرك فورى لمنظمات المجتمع المدنى لاستيعاب أولاد الشوارع وتخفيف حدة عدائهم للمجتمع قدر المستطاع وان تنفق تلك المنظمات الملايين الذين يحصلون عليها كمنح أو تمويل أجنبى من أجل رعاية هؤلاء الضحايا الصغار ببرامج وآليات ومشروعات غير تقليدية بدلا من اختلاسها أو صرفها فى غير ما خصصت من أجله ويحصل أطفال الشوارع على "الفتات". وعلى الحكومة ان تبدأ فورا بإنشاء مجلس أعلى لرعاية المشردين وبنات الشوارع يعمل جنبا إلى جنب مع المجلس القومى للأمومة والطفولة، على أن يقوم المجلس الأعلى بوضع حلولا عملية لاستيعاب هذه الفئة المظلومة اجتماعيا، وضحية العنف الأسرى والمدرسى، بل وضحايا الحكومات السابقة المتعاقبة أيضا. وللحديث بقية