منير عامر يقترب عيد ميلاد الدعامات الثلاث التي أنقذت قلبي من التوقف، وإن كان الجليل شريف مختار قد أضاء لي الطريق إلي حياة جديدة بعد الذبحة الصدرية الحادة التي هاجمتني في مثل هذا الوقت من العام الماضي، فلابد لي من أن أقول إنني اتصلت فور حدوث الأزمة القلبية بالأستاذة الدكتورة عالية عبدالفتاح أولي تلاميذ شريف مختار في علم الرعاية الحرجة التي صارت مصر كلها تحتاج اليها والذي تحول حاليا إلي كلية أكاديمية تتبع نقابة الأطباء لتعليم الأطباء الشباب فنون هذا العلم الشرس والدقيق، لأن الثانية فيه تفرق بين الحياة والموت. المهم أن عالية عبدالفتاح أخبرتني أنها ومعها فريق الأستاذة يحضرون مؤتمرا علميا في شرم الشيخ وأنها أوكلت عملية الانقاذ الأولي لواحد من أمهر تلاميذ شريف مختار وهو الأستاذ الدكتور تامر فهمي، ولم تكن تعلم أنني اعلم عن تامر فهمي أنه الوحيد في بر مصر المحروسة الذي درس علي يد د. نتالي في الولاياتالمتحدة، ونتالي هو واحد من أشهر اثنين عبر الكون كله في ضبط إيقاع دقات القلب، وهو عمل علمي وموسيقي في آن واحد ومن له علاقة بالفنون الرفيعة يمكنه اتقان تلك المهمة الصعبة، ومن لا يملك علاقة بالفنون الرفيعة فلن يستطيع التقدم فيها. ولم أفكر طوال عام في شكر تامر فهمي علي ما بذله معي من جهد غير عادي، يكفي أنه أدار عملية علاج شخص عنيد له رأس ناشفة لا تؤمن بسماع كلمات الأطباء، ويكفي أنه اقنعني أن أخذ عدة إبر في بطني، وكأني آخذ مصل العلاج من عضة الكلب، وكنت أصرخ فيه: "الكلب هنا هو الزمن، وقد عشت بما فيه الكفاية فدعني أرحل بهدوء"، ولكنه كان صبورا إلي غير ما حد. هل أنسي مدة ثماني وأربعين ساعة لم يتركني فيها لساعة واحدة؟ كنت أعلم أن له علاقة بالمبني الذي عملت فيه أكثر من خمسين عاما، فجده هو عبدالرحمن فهمي البطل الفعلي لثورة ،1919 وهو أيضا من أوائل من أداروا مؤسسة روز اليوسف في الثلاثينيات، ولم أكن أعلم أن مهارات هذا الشاب تفوق التصور في قدرته الفائقة في المتابعة الدقيقة إلي الدرجة التي أكرر فيها لكل من شريف مختار وعالية عبدالفتاح أن تامر فهمي هو المعجزة الجديدة في دنيا الرعاية الحرجة. ها أنذا بعد عام كامل أقدم شكري لهذا النبيل حقا وصدقا.