لم تعد سوق العمل الدولية كما كانت عليه في بدايات القرن الحادي والعشرين فالأزمة الاقتصادية العالمية غيرت كل شيء وتقول مجلة "الايكونوميست" ان العمال كانوا ينتظرون في المطارات وكان بعضهم يسافر بالفعل من أجل صنع ثروة صغيرة له ولذويه بينما كان البعض يعود الي بلده الفقير التي تعتبر العمالة هي صادراته الرئيسية اما الآن فقد تضاءلت تماما فرص العمل المتاحة للعمال المهاجرين في البلدان المتقدمة التي ضربها الركود وارتفعت فيها معدلات البطالة وصار المهاجرون عبئا عليها لا تستطيع ان تتحمله. وكلنا يذكر ان العقود الاخيرة شهدت تصاعدا في معدلات الهجرة الي بلاد مثل بريطانيا والولايات المتحدة التي كانت تتمتع بمعدلات نمو اقتصادي سريعة وبقدرة متميزة علي امتصاص العمالة المهاجرة اليها وقد بلغ عدد المهاجرين الذين يعيشون خارج بلدانهم في مختلف انحاء العالم ليصبح 200 مليون نسمة اي نحو 3% من اجمالي تعداد سكان العالم كما ان نسبة السكان المولودين في الخارج قد ارتفعت في كثير من البلدان الغربية لتصبح اعلي من 10% بما في ذلك بلدان مثل اليونان وايرلندا كانت تعتبر هي الأخري مصدرة للمهاجرين اما في اسبانيا التي جعلها انتعاش قطاع التشييد توجد بمفردها ثلث الوظائف الجديدة في اوروبا خلال السنوات الاخيرة فانها قد استدعت 4 ملايين عامل مهاجر معظمهم من بلغاريا ورومانيا داخل الاتحاد الاوروبي والاكوادور وغيرها من بلدان امريكا اللاتينية وذلك خلال الفترة بين عام 2000 و2007. ولكن كل شيء يتغير الآن حيث تعاني الاقتصادات المتقدمة من نزيف لا يتوقف في الوظائف وفرص العمال وفي بلد مثل اسبانيا قفزت البطالة الي 12% ولذلك فان الحكومة الاسبانية تحاول التخلص من المهاجرين بمختلف الطرق وفي امريكا ارتفع معدل البطالة الي 7% وهو أعلي معدل منذ 16 سنة ولا يزال يتزايد حتي ان المهاجرين اليها من المكسيك قد تناقص عددهم 42% في نوفمبر الماضي عما كان عليه منذ عامين وإذا كان التراجع في اعداد المهاجرين الي العالم المتقدم ينطبق علي الهجرة الشرعية وغير الشرعية علي السواء فإن هناك مخاوف من ان يؤدي امتداد الركود الاقتصادي الي البلدان النامية الي تنشيط تيارات الهجرة الي العالم المتقدم من جديد أو هذا علي الأقل هو ما تقوله دراسة أجراها معهد دراسات الهجرة في واشنطن وأعلن عن نتائجها يوم 14 يناير الحالي. وكان بان كي مون السكرتير العام للأمم المتحدة قد ناشد الدول المتقدمة في أكتوبر 2008 بعدم وضع قيود علي الهجرة إليها في فترة الركود وقال إنه يلاحظ وجود هجرة معاكسة في البلدان المتقدمة التي تعاني من الأزمة الاقتصادية أما منظمة العمل الدولية فقد ذكرت أن العالم سيفقد في عام 2009 أكثر من 20 مليون وظيفة وأن الدول المتقدمة ستكون مضطرة إلي عدم قبول أية مهاجرين.