الدكتور جودة عبدالخالق الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لديه العديد من علامات الاستفهام حول المشروع.. كما أن له انتقادات يراها من المبررات القوية التي تستدعي صرف النظر عنه. يتساءل د. جودة: لماذا تصر الحكومة علي الاستمرار في التجارب العشوائية، والتي يثبت علي أرض الواقع فشلها، كما يعترض علي المبدأ الذي قام المشروع لتحقيقه، مشيرا إلي أن مبدأ توسيع قاعدة الملكية لا يتم سوي في بيئة ديمقراطية وليس بيئة تعتمد نهج العزل السياسي، ويؤكد أن توزيع الحصص علي الناس لن يؤدي أبدا إلي تحسين مؤشرات الأداء. وهكذا أجاب علي أسئلتنا. * هل فكرة المشاركة في الأصول المملوكة للدولة قد تكون قابلة للتنفيذ؟ ** القانون 203 لسنة 91 كان معروفا بتوسيع قاعدة الملكية، وفي الحقيقة هو تضييق لقاعدة الملكية، وكان هناك محاولات علي استيحاء لتوسيع هذه القاعدة، مثلما تم مع اتحادات العاملين في الشركات التي تم طرحها للخصخصة، حينما خصص 10% من أسهم الشركات لاتحادات العاملين فيها، ولم يكن هذا التخصيص توزيعا مجانيا، وإنما كان بمقابل مع تسهيلات في الدفع، وللأسف أثبتت التجربة فشلها، حيث إن توسيع قاعدة المشاركة يتم في اطار بيئة سياسية لا تسمح بأي مشاركة في إدارة الشأن العام، ويكفي ما تم بشأن التعديلات الدستورية التي صدرت في مارس 2007 تحت مظلة الإصلاح السياسي. * ولكن هل هذه التعديلات مرتبطة بالاقتصاد؟ ** التعديلات الثلاثة التي تمت والمرتبطة بإلغاء الإشراف القضائي الكامل علي الانتخابات، واستبدلته بإشراف جزئي، وإلغاء المدعي العام الاشتراكي، وتجريد المصريين من معظم حقوقهم، كلها مرتبطة بالاقتصاد، ومغذي هذه التعديلات هو تضييق نطاق المشاركة السياسية، وبالتالي لا يمكن أن نتوقع وجود مشاركة في إدارة الاقتصاد إذا لم نكن قادرين علي المشاركة السياسية، وبالتالي أي حديث عن استكمال وتطوير برنامج إدارة الأصول، يتحول إلي حديث أجوف، لأنه لا يتصور أن تكون هناك مشاركة اقتصادية، وعزل سياسي. وهذا ما يعرف ببرنامج استكمال وتطوير إدارة الأصول، ولا يمكن توسيع قاعدة المشاركة في هذا المجال، علي خلفية تضييق قاعدة المشاركة في باقي المجالات. * وهل تري أن التوقيت مناسب للإعلان عن مثل ذلك؟ ** التوقيت مفاجيء، ورغم مطالبة الخبراء منذ بداية برنامج الخصخصة بالالتزام بالعديد من الضوابط وكان أولها ألا يكون البيع هو حل مشكلة القطاع العام، وإنما لابد أن نبدأ بإصلاح القطاع العام، لأن بيع القطاع المحاط بالمشاكل، سيكون بأبخس الأسعار، فطبقا لقاعدة رسملة التدفقات النقدية فإن الشركة التي تكسب مليون جنيه عندما يتم رسملة رأسمالها تصبح قيمتها 10 ملايين اذا كان سعر الفائدة 10%، واذا تم اصلاح الشركة بحيث ارتفع التدفق النقدي لها من مليون إلي 2 مليون تصبح قيمتها ضعف القيمة في الحالة الأولي وهي 20 مليون جنيه ولكن ما حدث هو أن الحكومة تسرعت في البيع قبل الاصلاح، وعندما عجزت عن بيع الشركات المتعثرة بدأت بالشركات الرابحة، وكان هذا أكبر خطأ ارتكبته. * وهل يمكن أن يكون توقيت البرنامج مرتبطا بالأزمة المالية؟ ** هو كذلك فلن تكون هناك مصادر للاستثمارات والمعونات الاجنبية وبالتالي لابد من البحث عن مصادر أو موارد بديلة، ومن هنا كان توقيت اعلان القرار. * وما الهدف من الفكر الجديد للحزب الوطني؟ ** الاقتراح بتقسيم الشركات إلي فئات أربع الأولي تضم شركات تحتفظ الدولة بنسبة حاكمة 67% وتضم هذه الفئة الشركات صاحبة المكانة الاستراتيجية الدواء، الحديد والصلب، الالومنيوم، الكوك، السكر، الاسمدة، النحاس، الاسمنت. وهذا غير منطقي، حيث ان الدولة في هذه القطاعات اصبحت مالكا صغيرا فيها، بعدما تمت خصخصتها، فماذا بعد بيع 13 شركة أسمنت، ولم يتبق في يد الدولة سوي الشركة القومية لا تزيد حصتها علي 8% من انتاج الاسمنت، فمعني ذلك هو أن الدولة تحتفظ بملكية 67% في شركة حصتها في السوق 8% وهو نفس الامر لباقي القطاعات. * وهل القانون 203 لسنة 91 ساهم في بيع الشركات؟ ** القانون طبقا لنصوصه فقد تم بيع أكثر من 150 شركة من أصل 340 شركة تابعة لقطاع الأعمال، ووقتها تمت الاشارة إلي الحصيلة وانها تصل إلي 300 مليار جنيه، ولكن الحكومة أعلنت تحويل نحو 35 مليار جنيه للموازنة العامة وجزء صغير ذهب إلي المعاش المبكر واعادة هيكلة الشركات لا يتجاوز الاجمالي 70 مليار جنيه وهو ما يجعلنا نتساءل أين الفرق بين 70 مليارا و300 مليار جنيه، كما انه تم خفض مديونيات المديونية المتعثرة وضخ استثمارات جديدة ومجموع المديونيات التي تم خفضها 21 مليار جنيه والاستثمارات 10 مليارات وبالتالي فإنه بالجمع نجد 21 مليارا بالاضافة إلي 10 مليارات تساوي 31 مليار جنيه بالاضافة إلي 35 مليارا وهي الحصيلة التي ذهبت إلي الخزانة العامة 66 مليارا. * وهل تري أن المشروع كلام في الهوا؟ ** المطروح من البرنامج يتمثل في منح كل مواطن حصة من الأصول المملوكة للدولة، وهذا يقدم مجانا في صورة نصيب في محفظة الاصول في كل شركة ولن يؤدي توزيع الحصة علي 41 مليون مستفيد إلي تحسين مؤشرات الأداء، وهذه المؤشرات تحتاج الاستثمارات الجديدة وتطوير التكنولوجيا وتحسين الادارة ورغم ذلك إلا أنه لا أحد يعلم كيف سيحقق 41 مليون مواطنون الحصص في الأصول. * ولكن ماذا عن التجارب للدول الأخري حول هذا الموضوع؟ ** للأسف نحن نبحث دائماً عن النمطية ونقل التجارب الأخري، دون دراسة حقيقية فرغم فشلها في كثير من عندنا الا اننا نصر علي هذه التجارب ويكفي ما حدث مع تجربة الكويز وفشلها، المعاش المبكر وهذه تجارب فشلت ولا تتلاءم مع طبيعة المواطنين.