توقع العديد من الخبراء ان يواصل الدولار تراجعه امام الجنيه المصري في الشهور القليلة المقبلة بسبب القفزة التي حققها الاحتياطي النقدي من العملات الاجنبية والتي كسرت حاجز ال 28 مليار دولار .. ووصول حجم الاستثمارات الاجنبية المباشرة الي اكثر من 10 مليارات دولار .. وتسجيل فائض في ميزان العمليات الجارية خلال الاعوام المالية الثلاثة الاخيرة .. مع زيادة قيمة صادرات مصر من البترول ومن السلع غير التقليدية الي جانب زيادة ايرادات قناة السويس الي مستويات قياسية لم تعرفها منذ افتتاحها للملاحة .. وتزايد الدخل السياحي المصري خاصة خلال العامين الأخيرين. تري .. هل استمرار تراجع الدولار امام الجنيه وفقدانه ل 6 قروش مرة واحدة خلال ايام قليلة يفيد الاقتصاد المصري ؟ وخاصة في مجالات الاستيراد والتصدير والسياحة ؟! وهل من شأن انخفاض الدولار ان يزيد من حجم الواردات من الدول التي تتعامل به مثل الولاياتالمتحدة او بعض الدول الاخري التي ترتبط عملتها بالدولار. الخبراء من جانبهم ومنهم د. محمود عبدالحي استاذ الاقتصاد الدولي بمعهد التخطيط والدكتور بكري عطية عميد كلية العلوم المصرفية السابق وحسن عبدالله خبير التشريعات المالية اكدوا علي عدد من الحقائق والملاحظات المهمة ومنها: ان تراجع الدولار امام الجنيه لن يستمر طويلا لان التراجع تم لاسباب اجرائية ووقتية وليس لعوامل اقتصادية وسيكون هذا في صالح الصادرات التي تعتمد علي المكون لاجنبي .. علما بأننا يجب ان نلاحظ ان السياحة لن تتأثر بشكل كبير لان الوفود السياحية ليست كلها من دول تتعامل بالدولار بل جزء كبير منها من دول الاتحاد الاوروبي الذي يتعامل باليورو .. ومن المعروف ان قيمة اليورو مرتفعة امام الجنيه المصري .. الي جانب ذلك يمكن للشركات السياحية في حال استمرار تراجع الدولار ان تقوم بتعديل اسعار الخدمات السياحية في العقود الجديدة بما يحفظ القدرة التنافسية لمصر ولايفقدها ميزة رخص اسعار الخدمات التي تقدم للسياح. انخفاض الدولار ايضا من شأنه ان يزيد من حجم الواردات ويحد من التصدير بشكل او بآخر .. فهو اذن سلاح ذو حدين يضر علي المدي الطويل بالصادرات والسياحة ويقلل بلاشك من تكلفة الواردات وبالتالي يمكن ان ينعكس هذا علي الاسعار. يمكن ان يؤدي تراجع الدولار لانخفاض تكلفة مستلزمات الانتاج وتكلفة استيراد المادة الخام التي تدخل في العديد من الصناعات وخاصة الصناعات الغذائية. ان المستفيد الحقيقي من استمرار تراجع الدولار هو كل من يبيع في السوق المحلية منتجات نسبة المكون الاجنبي فيها كبيرة .. الي جانب ذلك فارتفاع قيمة الجنيه سيؤثر بالسلب علي الاستثمارات الاجنبية في مصر لان هذا الارتفاع سيؤدي لزيادة تكلفة هذه الاستثمارات .. كما ان صناعة الملابس الجاهزة والمنسوجات لن تستفيد بشكل كبير من زيادة قيمة الجنيه لان المواد الخام معظمها مصري .. ومستلزمات الانتاج التي يتم استيرادها من الخارج محدودة. ان هبوط الدولار واستقراره عند 560 قرشا او 550 قرشا سيؤدي لانخفاض اسعار الصناعات الهندسية والمعدنية واسعار العديد المنتجات البلاستيكية التي تعتمد علي خامات ومستلزمات انتاج مستوردة من الخارج. بقي ان نقول كما يشير الي ذلك العديد من الخبراء ... ان تراجع الدولار ليس دليلا علي نجاح السياسة الاقتصادية لان اسباب هذا التراجع في معظمها لا تعود لعوامل اقتصادية .. والمشكلة كما يراها الكثيرون ليست في قلة او زيادة العرض النقدي الدولاري بل في الاقتصاد المصري الذي مازال يعاني رغم كل مايقال عنه من خلل هيكلي ومن عجز كبير في الميزان التجاري .. وستظل مشكلة الاقتصاد المصري قائمة مهما اتخذ من اجراءآت طالما ظل هذا الخلل .. اذ نحن في حاجة الي اعادة النظر في سياسات كثيرة .. سياسات الاستثمار والتصدير والتصنيع لكي يرتفع الجنيه امام الدولار بشكل حقيقي ودائم لان هذا في النهاية سيصب في صالح الاقتصاد الذي يعاني من عجز كبير في الميزان التجاري ومن ديون داخلية وخاريجية مازالت.