رصد أحدث تقرير للبنك المركزي نمو الاحتياطات الرسمية والسيولة بالنقد الأجنبي إلي 24.1 مليار دولار في نهاية سبتمبر الماضي بما يغطي 9.5 شهر واردات سلعية. ومن المتوقع ان يكسر احتياطي مصر من النقد الأجنبي حاجز ال 26 مليار دولار بعد تحويل سان باولو الإيطالي قيمة صفقة بنك الإسكندرية البالغة 1.6 مليار دولار من الحساب المحايد بالبنك الأهلي سوسيتيه جنرال إلي البنك المركزي، بجانب تحويل شركة الاتصالات الإماراتية نحو ملياري دولار تمثل قيمة مساهمتها في رخصة الشبكة الثالثة للتليفون المحمول. هذه الزيادة في الاحتياطيات تطرح مجموعة من التساؤلات في هذا الشأن حول الحد الأمثل للاحتياطي ودوره، وإلي متي يواصل المركزي زيادة الاحتياطي؟. مسئولو البنوك أكدوا بداية علي ان الاحتياطي عامل أمان يضمن سد العجز في الميزان التجاري وهو الفارق بين الصادرات والواردات، وان حده الأمثل لا يقاس بمبلغه وإنما بحجم الواردات حيث من المفترض ان يغطي نحو 10 شهور واردات، وما يتجاوز ذلك يمكن استثماره بدلا من تعطيله. وفيما يخص انتهاج البنك المركزي سياسة استثمارية جديدة تهدف إلي توزيع الاحتياطي علي عملات أخري بجانب الدولار، علي ان يتناسب التوزيع مع تركيبة الدين الخارجي لمصر وتجارتها الخارجية. أشاروا إلي ان ذلك أمر مهم خاصة وانه يقلل الأعباء التي يمكن ان يتحملها الاحتياطي، كما انه يقضي نهائيا علي مخاطر التحويل من عملة لأخري. يقول طارق حلمي الرئيس التنفيذي لبنك المؤسسة العربية المصرفية ABC مصر ان الاحتياطي من النقد الأجنبي عامل أساسي للمحافظة علي سعر العملة المحلية من أية اضطرابات انخفاضا وارتفاعا وتزداد قيمته بالنسبة لدولة مستوردة كمصر لكونه يوفر احتياجاتها الاساسية للاستيراد ويسد العجز في الميزان التجاري. ويشير حلمي إلي ان زيادة الاحتياطي في الأشهر الأخيرة يدل علي نجاح القائمين علي تنفيذ السياسة النقدية والاقتصادية بصفة عامة في جذب استثمارات أجنبية مباشرة، كما حدث في بيع أراضي الساحل الشمالي لشركة إعمار الإماراتية، وبيع رخصة شبكة المحمول الثالثة في صفقة تجاوزت قيمتها كل التوقعات، وأخيرا بيع 80% من أسهم بنك الإسكندرية لبنك سان باولو في صفقة تجاوزت قيمتها 1.6 مليار دولار، مؤكدا علي ان الاحتياطي من النقد الأجنبي سيتجاوز حاجز ال 26 مليار دولار قبيل نهاية العام الجاري بعد توريد قيمة تلك الصفقات. وردا علي سؤال حول ما إذا كان الوقت قد حان للتوقف عن تعلية الاحتياطي خاصة مع استقرار صرف الجنيه؟ قال حلمي انه لا يعقل ان نتوقف عن زيادة الاحتياطي لكونه وصل الي 24 مليار دولار حيث ان الاحتياطي تجاوز ال60 مليار دولار في دولة بحجم الجزائر وال130 ملياراً في بعض الدول الاقل حجما وسكانا واستيرادا من مصر مشيرا الي ضرورة التحصن بالاحتياطي قدر المستطاع لكونه يمثل عامل استقرار وأمانا استراتيجيا لتغطية حاجة الشعب من الاستيراد واستطرد حلمي قائلا ان تنويع محفظة الاحتياطي من شأنه توزيع المخاطر تحسبا لتدهور عملة او اخري ويضمن عائدا متنوعا عند استثماره في ادوات استثمارية عالمية وخارجية حيث لا يوجد ما يمنع من استثمار الفائض من ذلك الاحتياطي عن تغطية احتياجات الدولة من الاستيراد. ومن جهته يقول حسن عبد المجيد العضو المنتدب لبنك الشركة المصرفية العربية الدولية ان الاحتياطي من النقد الاجنبي يمثل عاملا مهما وضروريا لمواجهة اية مخاطر كالتضخم وعجز الميزان التجاري ودعم العملة المحلية امام العملات الاجنبية ومن ثم كلما زاد الاحتياطي دلل ذلك علي قوة الاقتصاد. وفيما يخص العمل علي ايجاد سلة عملات وتنويع الاحتياطي قال عبد المجيد ان ذلك يرجع للقائمين علي السياسة النقدية في ضوء المتغيرات التي تحدث في السوق العالمي وحسب احتياجات الدولة الخارجية من السلع والواردات ولكنه اكد علي ان التواصل في زيادة الاحتياطي من شأنه زيادة الأمن والأمان للعملة المحلية ومواجهة التقلبات الطارئة بهذا الصدد. أما كرم سليمان مدير عام العلاقات الخارجية والمعاملات الدولية ببنك باركليز - مصر فيقول ان قياس الاحتياطي من النقد الاجنبي بحجمه ليس دقيقا بالمرة فالقياس الدقيق هو مدي تغطيته لاحتياجاتنا من الواردات او بمعني ادق قدرته علي سد عجز في الميزن التجاري مشيرا الي ان حد الأمان من الاحتياطي يجب ان يغطي ما بين 8-10 شهور من السلع المستوردة وبالتالي المطالبة بالحد من زيادة الاحتياطي تعد مجازفة غير محسوبة. وردا علي تساؤل بامكانية استثمار الاحتياطي بدلا من تعطيله يقول سليمان ان ما يزيد علي حد الأمان وهو 10 شهور من الواردات يمكن استثماره في ادوات ومشروعات طويلة الاجل لتحقيق الاستفادة القصوي منه. وعن تنويع الاحتياطي بين العديد من العملات يقول مدير العلاقات الخارجية ان الاحتياطي وبما انه يقاس بمدي تغطيته للواردات فيجب تقسيمه علي حسب جنسية البلد المورد وحصته في وارداتنا وبالتالي توفير اليورو للواردات الاوروبية والين لليابانية والدولار للأمريكية وهكذا فعندما تتكون محفظة الاحتياطي يراعي فيها نسب التوريد والعملة المستخدمة ومن ثم توفير تلك النسبة من اجمالي الاحتياطي بدلا من الارتباط الكلي بعملة واحدة وهي الدولار.