أكد المجلس التصديري للجلود والأحذية والمنتجات الجلدية، أن قيمة صادرات الجلود تتراوح ما بين 200 و250 مليون دولار سنويا، ويستهدف المجلس زيادتها إلي مليار دولار العام القادم ،2008 وتبلغ استثمارات قطاع الجلود ما يزيد علي 4 مليارات جنيه مصري، وتقدر العمالة بحوالي 350 ألف عامل. ويؤكد العاملون بصناعة الجلود أن تصدير الجلد الخام، وعدم القدرة علي تصنيعه، يتسبب في خسائر كثيرة، وفي الوقت نفسه، نقوم باستيراد مستلزمات الإنتاج من الخارج بمبالغ باهظة، ونحتاج لتطوير الصناعة، وإدخال الميكنة الحديثة التي تستخدمها الدول المتقدمة لإنتاج مصنوعات جلدية بالجودة المطلوبة قادرة علي المنافسة عند تصديرها في الخارج، وتوفر فرص عمل للشباب للمساهمة في حل أزمة البطالة، وبعد إغلاق وهدم معهد دباغة وتصنيع الجلود في منطقة المدابغ، وهو معهد قطاع عام، كان يقوم بتخريج فنيين في المصنوعات الجلدية، لم يعد هناك الحرفي القادر علي تطوير الصناعة والمنافسة. كما أن السوق العالمي مفتوح أمام صناعة الجلود المصرية، بعد انحسار الصناعات الحرفية في المجتمع الأوروبي، فعلي سبيل المثال، قامت انجلترا بإغلاق أغلب مصانع الأحذية، وكذلك إيطاليا، لذا المنافسة أصبحت مقتصرة علي مصر ودول شرق آسيا، فقد ارتفعت صادرات الأحذية الجلدية من الصين إلي الاتحاد الأوروبي بنسبة 320%، ومن فيتنام بنسبة 700%، وتخشي المفوضية الأوروبية من عدم قدرة المنتجين الأوروبيين علي منافسة الأحذية الصينية والفيتنامية منخفضة السعر. خشن وضاني ويشكو عادل عبد الرحمن "صاحب ورشة لتصنيع الجلود" من تصدير الخامات الممتازة من جلود البقر والجاموس واللباني من نوعية "الجلد الخشن" الذي يستخدم في صناعة الأحذية والحقائب، واكسسوارات السيارات والأثاث، بدون تصنيع وهو لايزال في مرحلة الحفظ، وهي مرحلة أولي في عملية الدباغة، فبعد ازالة شعر الحيوان وغسل الجلد، تضاف إليه مادة الحفظ أو مادة التحنيط، فيتحول من مادة حية، إلي خامة قابلة للتصنيع، ويتراوح سعر الخشن البقري من المجزر "بدون دباغة" من 260 300 جنيه، وبعد حفظه يباع بالقدم "5.22سم * 5.27سم" بسعر يبدأ من 500 550 جنيهاً، أما الجلد الضاني الذي يستخدم في تصنيع الملبوسات الجلدية، فيباع بالقدم بسعر يتراوح بين 8 و10 جنيهات، للقدم والنوعية المتوسطة يبدأ سعرها ب 4 جنيهات، وللأسف "بحسب قول عادل" المصنوعات الجلدية المحلية تصنع من نوعيات رديئة، أو بواقي الجلود التي لا تصلح للتصدير. ماكينات وجودة ويفسر عبد الرحمن تصدير الجلود بدون تصنيع، إلي افتقاد الصناعة إلي الماكينات الحديثة التي تقوم بتجهيز الخامات، وتعطي جودة عالية تصل إلي نسبة 100% لا توفرها الصناعة اليدوية التي تعتمد علي مهارة العامل، ومن بين 3000 مدبغة لا توجد آلات حديثة متطورة سوي لدي 20 أو 30 مدبغة فقط، فعلي سبيل المثال الورق الحساس الذي يلصق علي الجلد ليعطي طبعة الليزر "Lizard" أو جلد الثعبان، ناقص من السوق، يستورده عدد قليل من المدابغ، ويحتاج تصنيعه إلي مكبس سعره من 120 ألفاً 180 ألف جنيه متهالك من كثرة استخدام عدد كبير من المدابغ له بنظام الإيجار، مشيرا إلي أن 97% من ورش تصنيع الجلود تعمل يدويا، اثنتين أو ثلاث ورش فقط، لديها ماكينات ناقصة، فلكي تكتمل دائرة التصنيع، لابد من استخدام الميكنة في جميع خطوات الانتاج للحصول علي الجودة المطلوبة التي تستطيع أن تنافس في الخارج. الصباغة والعمال ويشكو عادل عبد الرحمن من افتقاد العمالة الحالية إلي فنيات الصنعة فالأغلبية أميون، يعملون بطريقة بدائية، فالكيماويات الرديئة التي يتم استيرادها من الصين يقوم العامل بخلطها بطريقة آلية، وبدون فهم لماذا وكيف يضيف هذه المادة للأخري، ونجد الزبائن يشكون من بهتان ألوان الملبوسات الجلدية نتيجة لسوء عملية الصباغة، وبالطبع تلك المصنوعات لا تستطيع منافسة الجلود التركية، التي تستخدم كيماويات مستوردة من الدول الأوروبية، كما تستخدم أحدث ماكينات وتكنولوجيا التصنيع، وأيضا لا يوجد لدينا تصميمات للمصنوعات الجلدية خاصة بنا، فنحن نقوم بنقل وتقليد ما يصمم بالخارج، ونستخدم ماكينات خياطة القماش بعد تعديلها لخياطة الجلود، بالرغم من وجود ماكينات حديثة مخصصة للجلود يتم استيرادها من الخارج، ولكن سعرها مرتفع، ويشكو العمال أيضا من عدم توافر الرعاية الصحية المطلوبة نظرا لتعرضهم لمخاطر المهنة من استخدامهم لماكينات متهالكة، وكيماويات خطيرة، وأقرب مستشفي حكومي في المقطم ولا توجد به أي امكانيات طبية للعلاج، وأيضا افتقادهم للتأمينات فأجر العامل 30 جنيها، أما الأسطي المتمرس في الصنعة فيصل أجره إلي 50 جنيها، ولكنه ليس عملا منتظما. جلد وبلاستيك أما الجلد الصناعي "جلد سكاي" الذي يتم استيراده من الصين، فهو ليس بجودة الطبيعي، الذي يوفر تهوية سليمة للجلد، فهو مصنع من بقايا الجلد "فلاتا" بعد خلطه بالبلاستيك بطريقة معينة، ومن عيوبه أنه لا يستمر فترة طويلة حيث يصاب بالتشققات مع الاستخدام، ويقبل عليه الزبائن لانخفاض سعره، فسعر الحذاء من الجلد الطبيعي قد يصل إلي 500 جنيه، ومكسب التاجر فيه لا يقل عن 50% فهو مضطر لرفع السعر لتعويض قلة البيع. تصدير واستيراد بطانة حمدي حسونة "المدير التنفيذي لمركز تكنولوجيا الجلود والدباغة بوزارة الصناعة" يؤكد أن الدولة تفرض رسوما علي صادرات الجلود تبلغ 50 جنيها علي كل جلدة أي ما يوازي 9 دولارات فقط، وهو مبلغ زهيد يستطيع المصدر دفعه بكل سهولة، وتصدير الجلد في مرحلة التحنيط وبدون تصنيع يحقق مكاسب كبيرة للمصدرين، وقد أصبح الإنتاج المحلي من الجلود لا يكفي، وقد تم تعويضه بالاستيراد من السودان وأوغندا وكينيا، كما أن المستهلك المحلي استبدل المصنوعات من الجلد الطبيعي، بالجلد الصناعي المنخفض في السعر وخاصة حقائب السيدات. ويتهم حمدي مستوردي كيماويات التصنيع والصباغة من الصين، ورومانيا بأنهم يبحثون عن الأرخص علي حساب الجودة، بالرغم أن الكيماويات الرديئة تحتاج إلي تركيز أعلي في الاستخدام، كما يقومون باستيراد جلود صناعية خفيفة ومن نفايات المصانع في الخارج، مخصصة لتصنيع البطانة، ويقوم التجار بتصنيع وجه الحذاء منها، فالجلد الخفيف يعطي كمية أكبر من الجلد عند تصنيعه، والمشكلة في ورش الأحذية هي عدم وجود ماكينات حديثة لتطوير الإنتاج، حيث يبيع صاحب الورشة الإنتاج للتاجر، ولا يحصل علي أرباحه إلا بعد بيع البضاعة، التي تستغرق وقتا طويلا، فدورة رأس المال بطيئة، وقد حاولت الوزارة مساعدتهم لإيجاد التمويل اللازم لتحديث الصناعة، لكن غالبيتهم لا توجد لديهم سجلات تجارية، أو ضمانات كافية، أما تدريب العمالة فقد بدأ المركز في تنظيم دورات تدريبية علي برامج جديدة في المصنوعات الجلدية، علي أيدي متخصصين في صناعة الجلود من إيطاليا وإسبانيا برسوم زهيدة.