هناك أحداث بالغة الأهمية يمر بها العالم وبخاصة منطقة الشرق الأوسط أو بالأحري المنطقة العربية وإذ تبدأ الجمعية العامة للأمم المتحدة دورتها الحادية والستين أي الأولي بعد سن الاحالة للمعاش في معظم الدول لو كانت إنسانا طبيعيا إلا أنها ككيان معنوي ذات شخصية اعتبارية فإن الاحالة للتقاعد بالنسبة لها يمكن أن تأتي من أحد طرق ثلاثة الأول قيام حرب كونية علي غرار الحرب العالمية الثانية التي قضت علي وجود عصبة الأمم أدت إلي نشأة الأممالمتحدة وأما الطريق الثاني فهو حدوث تغيير دولي جوهري في ميادين القوة العالمية لصالح القطب الواحد الأوحد أو لصالح تعدد الاقطاب وبروز أقطاب جديدة غير ممثلة التمثيل السليم في المنظمة الدولية ومن ثم تنهار المنظمة الدولية ويتم إنشاء تنظيم دولي جديد يعبر عن الواقع السياسي والاقتصادي والعسكري الدولي الجديد وهذه الحالة لم نصل إليها بعد رغم وجود بوادر تدل عليها فسيطرة الولاياتالمتحدة علي مقدرات المنظمة الدولية خاصة بعد انهيار الكتلة السوفيتية، والموت الاكلينيكي لحركة عدم الانحياز جعلت المنظمة الدولية سواء في إطار الجمعية العامة أو مجلس الأمن تعكس إرادة القوة المهيمنة ولعل مما أثار انتباه العديد من ممثلي الدول في الأممالمتحدة أن أول خطبة للأمين العام السابق الدكتوربطرس بطرس غالي في يناير 1992 ذكر فيها اسم الولاياتالمتحدة بدل من الأممالمتحدة وهي زلة لسان ولكنها عبرت بصدق عما كان في القلب والوجدان بصفته أستاذا في العلاقات الدولية وقد جاءت بعض ممارساته بها بعض الاستقلالية التي دفع ثمنا لها، في حين تميزت ممارسات خليفته كوفي عنان بالمرونة الفائقة والواقعية المفرطة في إدراك أين مركز القوة الحقيقي؟ ماعدا الشجاعة والحكمة بأثر رجعي التي برزت في تصريحاته في الشهرين الأخيرين قبل انتهاء ولايته برزت في تصريحاته في الشهرين الأخيرين قبل انتهاء ولايته حول الوضع في العراق وفلسطين. ولعل الفارق بين الاثنين هو ما بين أستاذ جامعي لديه بعض المثاليات، وسبق له أن كتب عن فلسفة الكوكبي ومقارعة الاستبداد وعن حركة عدم الانحياز والاستقلال الوطني وبين موظف دولي عاش بين الكواليس وإدراك أين مراكز التأثير الحقيقي. أما الأمين العام الجديد بان كي مون فقد استوعب درس من سبقوه منذ اللحظة الأولي في أول زيارة له لواشنطن فأعلن تطابق الأممالمتحدة مع موقف الولاياتالمتحدة في حين أن الواقع يظهر عدم التطابق بل الاختلاف تجاه معظم قضايا الشرق الأوسط وبروتوكول كيوتو للانبعاث الحراري وغير ذلك من القضايا الدولية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعودة لوضع المنظمة الدولية نقول إن حاليا التغير الدولي الجذري التي تؤدي لحدوث انتهاء لحياة منظمة دولية لم تحدث بصورة كاملة وإنما تمت بصورة جزئية بحلول منظمة التجارة العالمية WTO محل منظمة الجات GAAT كذلك حالة الموت الاكلينيكي لمنظمة الانكتاد أي مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية والذي تشكل نتيجة زيادة قوة الدول النامية في أوائل الستينات من القرن الماضي ثم تراجع مع تراجع القوة ليصبح اسما علي غير مسمي لأن الدول المؤثرة في السياسة الدولية لم تسانده لا في مجال التجارة ولا في مجال التنمية ونشأت منظمات أخري وفقا لقواعد أخري في هذين المجالين. أما الطريق الثالث فهو حدوث انهيار داخلي في المنظمة الدولية من خلال أعمال تشينها وعجز عن الأداء مما يدفع كبار المسئولين عنها لاتخاذ قرار من وازع الضمير للتخلي عن وضعهم كدمي في حلبة المنظمة الدولية ومن ثم يحدث اجبار غير مباشر للدول علي التخلي عن المنظمة والتفكير في إنشاء منظمة بديلة وهذه الحالة لم تحدث علي مستوي منظمة الأممالمتحدة وإنما حدثت حالة قريبة منها علي مستوي بعض لجان المنظمة. ونقصد بذلك لجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان التي تم إعلان نهايتها وحل محلها مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان ولعب تقرير لجنة الشخصيات البارزة التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة دورا في هذا الصدد.