في وقت الأزمات مثل أزمة الأسعار التي يواجهها المواطن المصري حاليا عادة ما يلجأ المستهلك في الدول المتقدمة لجمعيات حماية المستهلك، وغياب هذه المنظمات عن أذهان المصريين ليس بسبب قلة وعي المواطن بها بالتأكيد فهو في أمس الحاجة لمن ينتشله من هذه الدوامة، ولكنه يعود إلي جمعيات المستهلك نفسها التي مازالت تقوم بدور هامشي لدرجة جعلتها غائبة عن الأنظار في الوقت الذي من المفترض ان تكون فيه هي اللاعب الأول علي الساحة، وربما لهذه الجمعيات أسباب قوية تبرر غيابها.. أما قلة التمويل أو اضطرارها للاعتماد علي العمل التطوعي لأنها جمعيات غير هادفة للربح أو ربما لأن الجمعيات الأهلية أيا كانت قدرتها فهي لا تستطيع ان تقف في وجه حوت من حيتان السوق، وللرد علي كل هذه التبريرات نعرض في هذا التحقيق تجارب من عدة دول في الخارج تكون فيها جمعيات لحماية المستهلك قادرة علي إنجاز الغرض الأساسي من وجودها.. وهو حماية المستهلك. التجربة الأمريكية في مجال حماية المستهلك مثلا هي الأجدر بأن يسلط عليها الضوء نظرا لعراقة منظماتها في مجال العمل المدني والتي تعود بداياتها إلي مطلع القرن الماضي. "اتحاد المستهلكين" واحدة من هذه المنظمات حيث يعود تاريخ تأسيسها إلي عام 1936 وهي مؤسسة مستقلة غير هادفة للربح وظيفتها الرئيسية هي اختبار المنتجات المختلفة واعلام المستهلكين بنتائجها سواء كانت إيجابية أو سلبية وللمؤسسة شعار فيما معناه انهم يستطيعون إيجاد طريقة لاختبار أي منتج أيا كان نوعه أو صفته، وللحفاظ علي استقلاليتها تعتمد المؤسسة في تمويلها علي الربح العائد لها من خلال مبيعاتها "لتقرير المستهلك" وهو ليس بالربح القليل حيث يحظي ب 4 ملايين مشترك ولا يقبل التقرير الإعلانات ولا الترخيص باستخدام الآراء المنشورة من أجل بيع المنتجات كما يحرص معدو التقرير علي شراء العينات البحثية من السوق مباشرة دون الاستعانة بأية عينات تعرض عليهم من المصانع المنتجة لها، وإلي جانب التقرير تقوم المؤسسة بشن الحملات لحماية المستهلك ومن ضمنها حملة "ها نحن الآن" وتناقش قضايا حقوق المستهلك في المنتجات الالكترونية فمن بين آخر القضايا التي طرحتها انتقادها لشركة "إيه تي اند تي" والتي وصفتها بأنها لا تعمل لصالح المستهلك لأنها حسب تقديرهم تسعي للهيمنة علي السوق ورفع الاسعار من خلال اندماجها مع شركة "بيل سوث" كما تشن المؤسسة حملة أخري اسمها "من أجل أفضل خدمة صحية للمستهلكين" والتي تقوم بالتشجيع علي فضح حالات العدوي التي تحدث داخل المستشفيات حتي يميز المستهلك المستشفيات التي يحدث بها ذلك عن الأخري الصحية وكذلك للمطالبة بقانون لفضح هذه الحالات. اتحاد المستهلكين بكاليفورنيا والمؤسس منذ عام 1960 كمنظمة غير هادفة للربح له دور مهم أيضا في شن حملات لاصدار تشريعات لحماية المستهلك فمن ضمن حملاتها الناجحة حملة قانون حماية حقوق مستخدمي "التليفون المحمول" وكذلك قانون لوضع حد أدني عادل للأجور حسب تقدير الجمعية وكذلك شن الاتحاد حملات لتشريع قوانين لحماية المستهلك في مجالات الغذاء والصحة. معارك "حماية المستهلك" إلا انه علي الرغم من نبل أهداف المؤسستين السابقتين إلا ان هذا لم يعفهما من النقد فاتحاد المستهلكين رفعت عليه العديد من الدعاوي القضائية بسبب تقاريره السلبية عن بعض المنتجات فيما يوصف اتحاد مستهلكي كاليفورنيا من طرف البعض في أمريكا بأنه ضد "القطاع الخاص" بينما يدافع عنه انصاره بوصفه يهدف لاحداث توازن في المجتمع بين الصالح العام والخاص. فيما تأخذ منظمة أفضل استثمار better business bureau والتي أسست في عام 1912 طابعا مميزا لها حيث تشتهر بأنها من أفضل المنظمات التي تعمل علي تسهيل الاتصال بين المستهلك والمستثمر وحسم الخلاف بينهما بل وتوفير المعلومات عن الأعمال الخيرية التي يقوم بها مجتمع الأعمال، وتتمتع هذه المنظمة بثقة كبيرة في اسمها حيث توصي المكاتب الحكومية بالعودة إليها في حل النزاعات ويعتبر انصارها انها ساهمت في توفير مبالغ طائلة بالملايين علي الحكومة من خلال حلها للنزاعات مع الشركات الصغيرة لتتيح للحكومة التفرغ لمشكلات الشركات الكبيرة.