بدأت تعلو أصوات في الدول الغربية وبصفة خاصة في الولاياتالمتحدةالامريكية تتحدث عن تفكك تنظيم القاعدة كجهاز مركزي يخطط للعمليات الارهابية التي حدثت في العالم. وما توضحه هذه الاصوات - التي صدرت عن الاجهزة المخابراتية قائلة: اذا كانت اربع سنوات من المطاردات منذ وقوع احداث الحادي عشر من سبتمبر، قد استطاعت ان تسدد ضربات قاسية الي تنظيم القاعدة الا ان ما يشكل قوتها الحالية هي انها لم تعد بحاجة لان تكون حركة مركزية منظمة وان تشكل خطرا مباشرا كسابق عهدها. ويؤكد ذلك أنه عند وقوع تفجيرات السابع من يوليو في لندن ان الذين نفذوها كانوا "ارهابيين هواة" تبنوا خطاب القاعدة وتحولوا من تلقاء انفسهم الي العمل كانتحاريين! وكان "حمدي اسحاق" الذي شارك في محاولة التفجير الفاشلة في 21 يوليو في مترو الانفاق في لندن قد قال اثناء التحقيق الذي اجري معه بعد اعتقاله في روما: "لم يحدث ان اتصلنا بتنظيم بن لادن ونعرف انه موجود لاننا كنا نطلع علي برامجه من خلال الانترنت لكن لم يكن هناك اي اتصال مباشر". ان اجهزة المخابرات الدولية تعتقد بانه مازالت هناك نواة صلبة من الارهابيين المحنكين الناشطين منذ سنوات في الحركة الجهادية الدولية والذين مازالوا يثيرون المخاوف رغم انهم مطاردون، الا ان الخطر الحقيقي - في رأيهم - هو ان القاعدة مازالت تشكل مصدر الهام للكثير من الاصوليين. ويوضح "ماجنوس رانستورب" مدير مركز دراسات الارهاب في جامعة سانت اندروز في اسكتلندا قائلا: "ان التنظيم الارهابي صار بمثابة حالة فكرية وايديولوجية، اكثر منه كيانا ماديا".. ويقول: "انه شبح يظهر في مكان بدون ان يكون موجودا في اي موقع مثل الشيء الذي يتخذ اشكالا متعددة من الحياة، يتجسد ويختفي بشكل سريع وهو مصدر الهام سيستمر لوقت طويل ربما لعقود بعد رحيل بن لادن". وفي حي ليدز الانجليزي، الذي كان يقيم فيه انتحاريو تفجيرات السابع من يوليو، نظم مهاجر باكستاني يدعي حجازي حسين (54 عاما) بعد هذه الاعتداءات مسيرة للتعبير عن تضامنه مع الضحايا حيث قال الرجل المقيم في بريطانيا منذ وقت طويل عن الارهابيين الذين كانوا يعيشون في ذات الحي وكان يشير باصبعه الي رأسه "القاعدة هنا في الداخل"! اما المحلل في مركز الارهاب والتمرد التابع لمجلة جينز البريطانية المتخصصة المستر "جيريمي بيني" فيقول: "الانتماء الي تنظيم القاعدة لا يلزم العضو سوي التحرك، وارتكاب عمل عنيف".. واضاف: والامر لا يحتاج الي اقامة اي اتصال مع بن لادن او احد مساعديه لقد اصبحت الاعتداءات الضخمة ينفذها شبان عاديون ليس لديهم اي نوع من الاتصالات التي كان يستخدمها الجيل السابق في تنظيم القاعدة..! وهذا الامر في رأي المحلل مخيف للغاية حين نفكر في عدد الشبان الذين من هذا النوع في العالم! ان اسامة بن لادن كما يعتقد معظم الخبراء انه متواجد في المنطقة الحدودية بين باكستان وافغانستان، في حين يعتقد البعض بانه ربما يكون قد مات بالفعل، او انه مريض جدا نتيجة معاناته من فشل كلوي حاد، وحل محله الان نائبه أيمن الظواهري والسبب في ذلك الاعتقاد ان بن لادن لم يظهر - كعادته - لاكثر من اربعة عشر شهرا.. وفي كل الاحوال فان بن لادن فقد الكثير من قدراته العملية بعد ان صار مطاردا وعاجزا عن استخدام أية وسيلة اتصال حديثة يمكن ان تحدد مكانه بالضبط، وفي نفس الوقت فانه لم يعد بحاجة الي الوسائل الحديثة للتحرك مثلما كان يحدث في الماضي. ويقول "براين جنكيز" من مكتب الدراسات "راند كوربوريشين" الامريكي ان بن لادن مازال يشكل خطرا كبيرا لانه له القدرة الفعالة علي الالهام والتأثير علي الافكار.. ويري الخبير الجنائي الفرنسي "كزافييه روفير" احد مؤلفي كتاب "لغز القاعدة" الذي صدر مؤخرا بان اخطر ما في الامر ان الغرب لا يستفيد من اخطائه.. ويقول: "اذا نظرنا الي جميع الاعتداءات الخطيرة التي ارتكبت بعد 11 سبتمبر، سنري انه لم يتم احراز اي تقدم، انها كارثة، لاننا نطارد اشخاصا ونقبض عليهم ويمضون باقي حياتهم في السجن، لكن هذا غير مهم اطلاقا، لانهم في معظم الاحوال انتحاريون! وختم الخبير الفرنسي قائلا: ان القاعدة الاستراتيجية الاساسية تقول: "اعرف عدوك" وطالما اننا لا نعرف اهداف الارهابيين وهل هي سياسية في المقام الاول ام غير ذلك، فينبغي النظر الي المسألة من الزاوية السياسية اولا والا فاننا لن ننجح في المستقبل..! وهكذا.. فان الجميع يعتقد بان تنظيم القاعدة اصبح مصدرا للالهام فقط ولم يعد شبكة منظمة كسابق عهده.. ونحن العرب والمسلمين المتهمون باننا السبب في ظهور هذا التنظيم اصلا.. كيف نراه.. وكيف نعالج الموقف برمته..؟!