«لا يمكن أن تكون حرة في بلد مستعبد، من المستحيل فصل مطالب المرأة عن الواقع الاجتماعي» بهذه الكلمات تحدثت المناضلة والناشطة السياسية شاهندة مقلد في الفيلم التسجيلي «في ظلال رجل» وهو الفيلم الذي أخرجته مخرجة مصرية ولدت في لندن لأب مصري مهاجر من مثقفي اليسار في السبعينيات هي حنان عبدالله مواليد 1988 والتي اشتقت عنوان فيلمها التسجيلي «في ظلال رجل» من المثل الشعبي المصري «ظل راجل ولا ظل حيطة» وهو الفيلم الذي شارك في مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الأخيرة وأشاد به العديد من النقاد، هو فيلم تسجيلي طويل يعبر عن واقع المرأة المصرية بعد الثورة وعلاقتها بالرجل والتي يتصدرها عنوان الفيلم من خلال قصص 4 سيدات من أعمار مختلفة فهن شاهندة «الخمسينات» ووفاء «الستينات»، وسوزان في الثلاثينات من عمرها وبدرية في العشرينات، يتحدث كل منهن عن تجاربه في الحياة فتقول شاهندة: «دافعي عن مبادئك حتي الموت» نصيحة أبيها لها علي فراش الموت وتصفه بأنه كان رجلا تقدميا رائعا مهتما بأن تدرس وتصبح مستقلة تتحدث شاهندة وهي تمرر يديها بكومة من الصور الفوتوغرافية المصفرة التي وضعتها أمامها، حكايات وروايات وأحداث، تستعين خلالها المخرجة بمشاهد من أحداث كمشيش وصور المناضل الشهيد صلاح حسين زوج شاهندة، نجد المخرجة رافقت الأربعة نساء في مراحل حياتهن وتركتهم يصفونها كما يرونها، لتقدم صورة حميمية واضحة المعالم لعالم المرأة في مصر، تلك المرأة التي واجهت الشرطة المصرية خلال أحداث يناير بشجاعة منقطعة النظير، وكافحت جنبا إلي جنب الرجل عن حقها في الحياة في بلدها مصر. تروي بدرية الزوجة التي تعيش في «قرية بني مر» كيف تمنت أن تصبح رسامة لكنها لم تحقق حلمها مثل الكثيرات وتزوجت وأنجبت وتفرغت لتربية أبنائها.. ووفاء التي تعيش في أحد الأحياء العشوائية الفقيرة والتي تعمل في غسيل الملابس بالمنازل ثم تهاجر إلي لندن وهي مطلقة، والنموذج الرابع «سوزان» التي تفضل كلمة «عانس» علي الزواج بعد تجارب فاشلة، لتتفرغ هي الأخري لمحلها الذي يبيع الهدايا في مصر الجديدة وتكتفي بهذا من الحياة. هي الحياة التي رأتها عين مخرجة مصرية شابة فضلت البحث في طيات الزمن عن صورة المرأة بمختلف الوجوه المناضلة السياسية الصامدة، الزوجة المغلوبة علي أمرها والمهاجرة الكارهة للرجال والمستسلمة للواقع. «في ظلال رجل» ينتج بورتريهات تفتح عيون المشاهد علي حياتنا اليوم التي تعيشها نساء مصر ولأن فتح القلوب لم يكن سهلا، فالإنسان يتعامل مع نفسه أحيانا كالصندوق المغلق الذي يحتاج إلي هزة بعنف لإخراج ما بداخله، فضلن النساء الأربع فتح قلوبهن لشابة مصرية إرتأت أنه بين الثورة والحياة تشابه كبير كلاهما ينتظر الآخر، الثورة تحدث لتنتظر حياة أفضل بحثن عنها نساء مصر والحياة دائما الشغف بالثورة القادمة علها تغير من ملامحها. ولأن مهرجان برلين هذا العام يحتفي بالربيع العربي عرض عنه أفلام وثائقية منها «في ظلال الرجل» وبعد علم مخرجته الشابة حنان عبدالله بنبأ اشتراك فيلمها في المهرجان وقتما كانت غاضبة بسبب ما يحدث في الشارع المصري وأحداث مجلس الوزراء لم تصدق نفسها فهذا الفيلم هو باكورة أعمال المخرجة التي تبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عاما والتي درست السياسة والفلسفة في جامعة إكسفورد ثم درست السينما وأنتج فيلمها بدعم من منظمات الأممالمتحدة في «البانوراما».