في دراسة نشرها مركز بيجن- السادات للدراسات الاستراتيجية في اسرائيل تحت عنوان "عدم استقرار العلاقات المصرية الاسرائيلية "ركزت من خلالها علي العلاقات المصرية الإسرائيلية في الوقت الراهن أكدت ان اتفاق السلام الموقع بين مصر وإسرائيل مستقر من الناحية الاستراتيجية وارجعت الدراسة هذا الاستقرار الي عملية نزع السلاح من سيناء والتي نصت عليها بنود اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين . وأكدت الدراسة أن لهذا الاتفاق ثماره المتمثلة في إنهاء حالة الحرب بين البلدين، وهو ما يعد بمثابة مكسب حيوي لإسرائيل, فضلا عن تمهيد الطريق للمفاوضات بين إسرائيل ودول عربية أخري مثل توقيع الأردن لاتفاق سلام مماثل في العام 1994، وقيام مصر بلعب دور الوسيط بين إسرائيل والفلسطينيين؛ وارجعت الدراسة اسباب اقامة السلام بين البلدين لرغبة مصر في التمسك بإتفاق سلام مع إسرائيل لكن دون الدخول في علاقات اقتصادية وثقافية وسياحية ,الامر الذي جعل هذا السلام باردا , ومع ذلك فأن ثمة عوامل تخص الجانب المصري قد تؤدي الي تقويد الاتفاق منها الاحساس بهيمنة اسرائيل علي المنطقة والخوف من قوة اسرائيل الاقليمية - احتكار اسرائيل للقوة النووية - الدعم الامريكي لإسرائيل وتوليها مسئولية امنها القومي - وقوة الاقتصاد الاسرائيلي الي جانب حرص مصر علي تقوية علاقاتها مع الولاياتالمتحدة . وتحت عنوان مبارك وليفني جاء في الدراسة ان الرئيس المصري يربط العلاقات مع اسرائيل بالصراع العربي الاسرائيلي بشكل عام , وانتقاده للطابع العنفي الاسرائيلي في صراعها مع الفلسطينيين ويري المحلل السياسي ان هذا الربط قد يؤثر بالسلب علي العلاقات المصرية الاسرائيلية , وهذا لا ينفي حرص مصر ايضا علي دعم المفاوضات بين اسرائيل والدول العربية وتطلعها الي ان يكون اتفاق السلام الموقع مع إسرائيل بمثابة نموذج يمكن محاكاته من قبل الآخرين, وهو الأمر الذي من شأنه أن يحد من قدرة إسرائيل في زيادة وطأة تأثيرها علي المنطقة. ومن النواحي الاقتصادية أشارت الدراسة الي التعاون التجاري والسياحي بين مصر وإسرائيل ووصفته كأحد مكونات السلام بين الطرفين, وهو الأمر الذي أشار إليه أحمد أبو الغيط في نوفمبر 2007. وبلغ حجم الصادرات الإسرائيلية إلي مصر في عام 2004 نحو 29 مليار دولار، ثم وصل إلي 90 مليون دولار في عام 2005، ليرتفع في عام 2007 إلي 140 مليونا. وعن مستقبل العلاقات والانتقال لحالة السلام الساخن بين القاهرة وتل ابيب يظل الانتقال مرهونا بالعناصر الداخلية في مصر، والتي من شأنها أن تؤدي إلي تغير في الرؤي والمواقف تجاه إسرائيل. حسب ما ورد في الدراسة. وتتمثل هذه النقاط التي حددتها الدراسة في عملية انتقال السلطة ففي أعقاب عملية اغتيال الرئيس المصري أنورالسادات في عام 81 سادت مخاوف لدي الاسرائيليين من تأثير ذلك علي اتفاق السلام لولا التزام الرئيس مبارك بسياسة سلفة " أنور السادات" الخارجية وكان اتفاق السلام واحدا من السياسات الخارجية التي أكد التزامه بها وحافظ مبارك علي العلاقات مع اسرائيل بالرغم من الصعوبات التي واجهتها . وأظهرت الدراسة النوايا الاسرائيلية ورغبتها في تمرير ملف التوريث ووصول جمال مبارك الي سدة الحكم وورد فيها في هذا الشان أن الرئيس مبارك قد وصل الي سن متقدمة من العمر وقرر علي مايبدو نقل السلطة الي نجلة "جمال" الذي بدأت الأضواء تتسلط عليه منذ عام 2000 ويعرف عن "جمال مبارك" أنه ذو مواقف مؤيدة للغرب بشكل واضح, ويعلم جيدا أن تحسن الاقتصاد يعد عاملا قويا في استقرار السلطة في مصر, وإذا ما تم اختياره لشغل منصب رئيس الجمهورية؛ فمن المتوقع أن يعلن هو الآخر تمسكه باتفاقية السلام مع إسرائيل, ولن يدخر جهدا من أجل تحسين فرص دعم العلاقات خاصة علي الصعيد الاقتصادي. وحددت الدراسة التحديات التي من الممكن أن تكون عائقا في طريق نجل الرئيس الي سدة الحكم , ومنها المؤسسة العسكرية والتي من المتوقع أن تعارض التغيرات التي تمس بمصالحها الاقتصادية والخطوات التي من شأنها أن تفرض عليه التحول الي سلطة مدنية , اما التحدي الاساسي الذي يواجه "جمال مبارك" هو الدخول في مواجهة مع مرشحين آخرين من داخل الحزب الوطني، وكذلك من المعارضة العلمانية التي تعارض مسألة تحول مصر إلي ملكية من حيث أسلوب التغيير أو من جماعة الأخوان المسلمين والتي تعتبر كتلة كبيرة لا يمكن تجاهلها كما تطرقت الدراسة الي العناصر الخارجية والتي من الممكن أن تؤثر علي استمرار عملية السلام بين مصر واسرائيل وتمثلت هذه التحديات فيما يلي : - التحدي الايراني ب - الفلسطينيون في غزة كعنصر داعم للتصادم بين مصر وإسرائيل ج - مسألة نزع الأسلحة من سيناء د- مشاركة مصر في الحرب بين سوريا وإسرائيل بعد استطلاع ما سبق، يجوز القول أن هناك مخاوف قائمة ترتبط بإلغاء اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، بل واحتمال اندلاع مواجهات عسكرية بينهما نتيجة لأسباب وعناصر متعلقة بالداخل المصري، ولأسباب أخري متعلقة بالجانب الإقليمي. وفيما يلي إيجاز لأهم المخاطر التي تهدد اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل كما ورد في الدراسة علي النحو التالي: 1- أخطار متعلقة بالجانب الداخلي المصري: فالرئيس "مبارك" في ولايته الأخيرة حاليا من فترة حكمه، ويعد نجله "جمال" خليفة له، ومع ذلك فان عدم خبرة "جمال" تثير الشكوك حول انتخابه رئيسا لمصر، ووصوله لهذا المنصب سيكون مرتبطا كثيرا باستعداد المؤسسة العسكرية والأمنية لتأييده. وقد تشهد مصر حالة من عدم الاستقرار والصراعات الداخلية بين عناصر مختلفة من خلال إظهار العداء المتزايد لإسرائيل، كوسيلة للحصول علي أعلي معدل للشعبية. وهناك احتمالات بأن يكون الرئيس المصري الجديد أكثر عداء لإسرائيل، مما سيزيد من فرص اندلاع أزمات متكررة وحادة، قد تؤدي إلي إلغاء اتفاق السلام، ومن ثم اندلاع حرب بين الجانبين. 2- احتمال نجاح جماعة الإخوان المسلمين في مصر في فرض سيطرتها وإحكام قبضتها علي البلاد، بواسطة انتخابات ديمقراطية، أو بواسطة حرب أهلية، أو من خلال ثورة. وأمر كهذا لن يزعزع فقط العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، بل سيهدمها تماما. 3- أخطار علي المستوي الإقليمي: لو امتلكت إيران سلاحا نوويا مع صعودها الراهن بالمنطقة، فذلك يدفع مصر إلي امتلاك السلاح النووي، الأمر الذي قد يزعزع علاقاتها مع إسرائيل. وحتي إذا لم يحدث ذلك، فإن القضية النووية قد تضر بالعلاقات بين البلدين، خاصة علي ضوء الحماس الزائد في مصر بضرورة تحييد القوة النووية الإسرائيلية. 4- تكرار التصادم بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد يؤدي إلي حدوث تشابكات بين مصر وإسرائيل. لكن التوتر بين الطرفين بسبب الفلسطينيين بوجه عام، وبسبب ما يحدث في قطاع غزة بوجه خاص، لن يكون سببا كافيا لحدوث مواجهات عسكرية بينهما. كما أن هناك شكوكا بأن تسمح مصر لنفسها بالانجرار إلي مغامرة عسكرية خطيرة، إذا ما بادرت سوريا بشن الحرب علي إسرائيل. 5- المخاوف من القوة العسكرية المصرية: رغم مخاوف إسرائيل من تعاظم القدرات العسكرية للجيش المصري، لكن خيار شن حرب علي إسرائيل هو آخر خيار قد تفكر فيه مصر. وعلي ضوء ذلك يتعين علي إسرائيل أن تركز علي تجنب العناصر التي قد تتسبب في الحرب مع مصر. لاسيما العناصر الحساسة والقابلة للتفجير في أي وقت، كما من الواجب علي إسرائيل أن تؤيد الوريث المصري الجديد في كرسي الحكم، وإخلاء سيناء من الأسلحة. 6- خليفة الرئيس المصري: إذا ما كان خليفة الرئيس "مبارك" علي هوي إسرائيل، فيتعين عليها الامتناع عن تأييده علنية وبشكل مباشر. ومع ذلك يمكن لإسرائيل أن تقدم له المساعدات بشكل غير مباشر، وأيضا بدون التنسيق معه، إذ يمكنها تشجيع أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية علي مساعدة مصر علي المستوي الاقتصادي؛ مما قد يسهم في ترسيخ نظام الحاكم الجديد. 7- يتعين علي إسرائيل كذلك أن توضح بل وتحذر مصر من مغبة محاولة خرق اتفاق إخلاء سيناء من الأسلحة، وأنه في حالة انتهاكه ستضطر إسرائيل إلي إعادة النظر في التعامل مع سيناء، ومن ثم التعامل مع مصر. وأخيرا لا شك بأن هناك عددا من العناصر والسيناريوهات التي قد تؤثر علي مستقبل اتفاق السلام بين القاهرة وتل أبيب. ولعل أهم تلك السيناريوهات علي الإطلاق، والذي سيتجاوز تأثيره بقية السيناريوهات، هو السيناريو المتعلق بمن سيكون خليفة الرئيس مبارك، والذي يلعب دورا مركزيا، وأوشكت فترة حكمه علي الانتهاء في عام 2011، أي أن أمام إسرائيل عامين للاستعداد علي كافة الأصعدة.