بحكم التاريخ والجغرافيا والسياسة والعداء والتطبيع تجد إسرائيل نفسها مضطرة للاهتمام الكبير والخاص بالشأن الداخلي في مصر بكل تفاصيله، ومن أهم الأمور التي تعطيها إسرائيل اهتماما خاصا ما يتعلق بمصر ما بعد مبارك، وهو ما انعكس في كتابات الصحفيين والمحللين السياسيين في الفترة الأخيرة في محاولة لتخيل الوضع بعد اختفاء مبارك من الساحة وهل سيؤثر ذلك علي العلاقات بين البلدين؟ فقد كتب «تيسفي برئيل» في هاآرتس»: إذا كان المصريون يخافون من أن تهدد سياسة «ليبرمان» اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية فإننا هنا في إسرائيل نري أن التهديد الحقيقي ينبع من تغير السلطة في مصر، فمبارك. أصبح عمره 81 عاما وفي نهاية العام الجاري ستتم ولايته 28 عاما، وفي إسرائيل هناك رعب من اليوم الذي سيأتي بعد مبارك، ويكمل الكاتب: علي الرغم من أن الحكم انتقل في سوريا والأردن وقطر والمغرب والسعودية دون سفك دماء، ودون تحول أو تغير في السياسة تجاه إسرائيل. لكن هنا في إسرائيل مقتنعون أن الأمر في مصر يختلف كثيرا وسيكون هناك تحول وبعدها لن يتم الحفاظ علي الاتفاقية المصرية- الإسرائيلية، فمبارك منذ 7 سنوات يعمل علي إعداد ابنه الصغير «جمال» ليورثه الحكم. فعلي الرغم من أن اسم الوزير «عمر سليمان» رئيس المخابرات المصرية يذُكر من وقت لآخر كرئيس قادم لكن في الوقت المناسب سيكون هناك اسم واحد فقط حقيقي هو «جيمي»، ففي عام 2000 عينّه والده كعضو في الحزب الوطني وبعد سنتين رأس لجنة السياسات بالحزب والتي تعمل بجانب المخابرات علي إقرار الاستراتيجية المصرية للشئون الداخلية، فمبارك الأب يعمل ما في وسعه علي المستوي الشخصي والقانوني ليستطيع ابنه خوض انتخابات الرئاسة والفوز فيها، كما أن محاولاته لاقناع المواطنين بأن مصر ليست كسوريا وأن الحكم لن ينقل بالوراثة من الأب إلي الأبن لم تنجح. أما «يوني بن مناحم» المتخصص في الشئون العربية في الموقع الإسرائيلي «Arab expert» فيري هو الآخر أن مصر بعد مبارك ستكون لابنه جمال. وطبقا للتقديرات فإن مبارك اتخذ سلسلة من الإجراءات داخل حزبه الحاكم لتهيئة ابنه جمال لمنصب «الوريث» المنتظر، لكن هناك شخصين آخرين من الممكن أن يسيطرا علي السلطة بعد مبارك، وهما «عمر سليمان» رئيس المخابرات، وحسين طنطاوي» وزير الدفاع. أما أحد المخاوف في إسرائيل فهو أن يضطر الرئيس الجديد لمصر إلي التصالح مع الإسلاميين المتطرفين علي حساب العلاقات مع إسرائيل ليحقق الاستقرار الداخلي، كما أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية لم تعلم مدي قوة حركة الإخوان المسلمين داخل الجيش المصري ولكن الواضح أن عناصرهم ينتظرون الفرصة المناسبة للسيطرة علي السلطة بالضبط مثلما فعلت حركة الإخوان في قطاع غزة «حماس». وعلي جانب آخر ناقشت دراسة لمركز بيجن / السادات سيناريوهات ما بعد مبارك توقعت أن الجيش سيلعب دورا كبيرا في مسألة خلافة «جمال» خاصة أن لديه الصلاحيات لمعارضة التغييرات التي تمس بمصالحه الاقتصادية وتؤدي للتحول إلي سلطة مدنية، كما حذرت الدراسة من اندلاع مواجهة بين الجيش وجماعة الإخوان المسلمين بعد رحيل مبارك واعتبرت ذلك يعرض العلاقات المصرية - الإسرائيلية للخطر.