في 23 ديسمبر من العام الجاري ،ستمر 10 سنوات علي اعتلاء “حزب العدالة والتنمية ” الأصولي الحاكم لكل مقاليد السلطة الرئاسية والتنفيذية والتشريعية بل والقضائية ثم مؤخرا المؤسسة العسكرية حامية العلمانية التركية حتي وقت قريب بعد تصفية قادتها عبر أحكام قضائية في اتهامات ملفقة بمؤامرات مزعومة بدعم أمريكي واضح ،كل ذلك بفضل تفصيل قانون انتخابي معيب انتقدته أوربا مرارا ،والمتمثل في حاجز النسبة الشرطية 10 % لتخطي أعتاب برلمان تركيا ،وهذا ما مكن العثمانيين الجدد من الاستيلاء علي أغلبية بالبرلمان بانتخابات أعوام 2007 ،2011 .! لكن الجديد في الأمر ماحدث من تداعيات مستجدة في مجالي السياسة الداخلية والخارجية ،ففي الداخل مثل قمع الحزب الحاكم للمعارضة والخصوم السياسيين والاعلاميين نفورا شعبيا ظهر بالعديد من استطلاعات الرأي العام الشعبية في ضعف شعبية الحزب الحاكم، وخارجيا مثلت الأزمة السورية جارة تركيا ومواقف العثمانيين الجدد منها والتدخل المباشر في أحداثها الي جانب ايواء المعارضة المسلحة السورية علي الأراضي التركية ،مزيدا من الاحتقان الشعبي والمطالبة بعدم جر البلاد للصراعات الجارية بالمنطقة ..ونظرا لادراك قيادة الحزب بالعواقب الوخيمة التي ستنتظرها في الانتخابات البلدية المقررة العام القادم 2013 ،والرئاسية عام 2014 والبرلمانية عام 2015 ،وفي ظل طموح زعيم الحزب رجب الطيب اردوغان خوض انتخابات الرئاسة ،لبسط نفوذه الكامل لا علي الحزب فقط وانما علي كل مجريات السلطات ،وهو ما سعي اليه نواب أغلبيته البرلمانية بتقديم طلب برلماني في صيغة مشروع لتعديلات دستورية الأسبوع قبل الماضي بعدة بنود أهمها تحويل النظام البرلماني لحكم البلاد الي نظام رئاسي ! ولم يقف الأمر عند ذلك وفقط ،بل تقدم ترزية الحزب بصيغة مشروع قانون جديد للانتخابات البلدية والتي ستمثل اختبارا حاسما لشعبية الحزب بعد 10 سنوات شمولية ،ويكمن مشروع القانون الجديد في زيادة عدد الدوائر الانتخابية بدلا من 16 دائرة الي 29 ،عبر توسيع دوائر الريف والمدن الصغيرة التركية معاقل ونفوذ الحزب لأسباب تخص التركيبة الاجتماعية والثقافية والدينية بل والاقتصادية . وعكست المناقشات البرلمانية الأولية لمشروع القانون المذكور انتقادات حادة من التيار القومي المتمثل في حزب “الحركة القومية ” وكذلك اليسار في حزب “الشعب الجمهوري ” وحتي من الأكراد الممثلين في حزب “السلام والديمقراطية “. فقد اتهم نواب التيار القومي الأصوليين الحاكمين بالعمل علي تأسيس نظام فيدرالي تستفيد منه الأقلية الكردية المعادين لحقوقها ،وبالعكس اتهم النواب الأكراد اردوغان وحزبه ببسط المركزية الشمولية المتسلطة ،ووصف اليسار مشروع القانون ،بأنه خطة ممنهجة للأصوليين الأتراك للمزيد من استمرار حكمهم 10 سنوات أخري عبر تزوير منظم للانتخابات بالريف والمدن الصغيرة وقد يصل الأمر للكبري منها في ظل السيطرة علي الجهاز القضائي غير المستقل ،ودعا اليسار لتنظيم حملات شعبية بكل انحاء البلاد لمنع تمرير الأغلبية الأصولية لمشروع القانون ،وربما ستبين الأيام القليلة القادمة عن مصادمات أصولية مع الحركة الجماهيرية الرافضة لشمولية الحزب الحاكم ،كما حدث منذ أيام بالمظاهرات الشعبية للاحتفال بعيد تأسيس الدولة علي يدي زعيم العلمانية مصطفي كمال أتاتورك ،والتي ووجهت بالقمع والسحل علي أيدي قوات مكافحة الشغب ..!!