* تسأل س.م.أ من القاهرة: أنا كنت مع زوجي في دولة أوروبية. وعندي ولدان. أنا الآن مطلقة منذ 6 سنوات. كان زوجي وأنا معه يعمل في الممنوعات مثل باقي الدول الأوروبية. كبيع وشراء لحم الخنزير والخمر ومثل هذه الأشياء المحرمة.. أنا لم أكن واعية بالدين قدر الإمكان. وكلما تكلمت قال: هذا هو الموجود هنا. والذي يمكن أن أعمل فيه هنا فسكت وكان أولادي صغاراً. ثم زادت بيننا المشاكل علي كل شيء.. وبعد ذلك طلقت ونزلت. وهو يرسل لأولاده نفقة.. هو في البداية كان يعمل عند غيره. أما الآن أصبح صاحب محل لبيع هذه الأشياء المحرمة.. فهل النفقة التي يرسلها حلال أم حرام؟ أجاب د. علي جمعة مفتي الجمهورية السابق الإمام أبو حنيفة يري أن كل العقود الفاسدة حلال في غير ديار المسلمين.. وعلي ذلك فالذي فعله هذا الإنسان حلال من بيعه للحم الخنزير أو للخمر لغير المسلمين» لأن هذا هو نظامهم. وهم لا يدركون النظام الإسلامي. ولا يسمعون به ولا يريدونه. ولذلك العقود الفاسدة مباحة هناك. واستدل الإمام أبو حنيفة علي ذلك بأدلة منها ربا العباس رضي الله عنه في مكة. فالعباس أسلم يوم بدر. وكان يمارس الربا في مكة مع المشركين. لأنها ديار غير مسلمين في ذلك الوقت. ولأن النظام العام لا يقبل الإسلام ولا يعتمده ولا يريده.. فلما دخل النبي صلي الله عليه وسلم مكة. وصارت دار إسلام بالفتح. قال: "ألا إن ربا الجاهلية موضوع تحت قدمي هذا. وأول ما أضع ربا العباس عمي" إذن كان النبي صلي الله عليه وسلم ينشيء هذه العقود الفاسدة. ولكن هو أباحها ولم يعترض علي العباس من بدر إلي الفتح. يستدل أبو حنيفة بحديث مصارعة ركانة لسيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وكان هذا الرجل يصارع مصارعة رومانية. فجاء وقال: يا محمد. إذا كنت نبياً فأغلبني. فقال النبي صلي الله عليه وسلم علي ثلث مالك. فقال: نعم.. وهو متأكد أنه سيلقي النبي صلي الله عليه وسلم علي الأرض. فأمسك به النبي صلي الله عليه وسلم وألقاه علي الأرض. فاعترض. وطلب المصارعة مرة أخري. فقال: علي الثلث الثاني من مالك. فأمسكه. ورماه علي الأرض. فقام وهو متعجب وقال مرة ثالثة. فقال النبي صلي الله عليه وسلم : علي الثلث الأخير من مالك. وأمسكه ورماه علي الأرض. فقال: هذا غير طبيعي. أشهد أنك رسول الله. فالرسول صلي الله عليه وسلم قال له: وأنا لا أريد مالك. ترك له ماله في هذا. قال أبو حنيفة: هذا العقد عقد قمار ولا يجوز. لكن النبي صلي الله عليه وسلم فعل هذا حتي يعلمنا أن العقود الفاسدة مع غير المسلمين في بلاد غير المسلمين جائزة. وهذا هو المنطق الذي يمكن للمسلمين أن يندمجوا في المجتمعات الغربية ومجتمعات غير المسلمين به.. لأنه كيف أكلف المسلم أن ينعزل عن جماعته ووطنه وانتمائه وحياته.. وأقول له: كل هذا حرام؟! ولكن ليس معني ذلك أن يشرب خمراً أو يأكل لحم خنزير» لا يشرب خمراً. ولا يزني. ولا يأكل لحم خنزير. ولا يفعل الموبقات ولا يكذب. ولا يغش. ولا يغدر. ولا يقتل.. لا يفعل المحرمات لأنه مسلم. يجب أن يشعر النساء معه بالأمان. هو عندما يبيع ما يبيعون. ويشتري ما يشترون. من أجل البيع فقط. هو أصبح واحداً منهم. ويشعرون معه بالأمان. فالمسلم أمان في أمان. وجوده تأمين لمن حوله. وليس تضييعاً لمن حوله. فنحن نقول للسيدة إن الأموال كانت حلالاً. والنفقة التي يرسلها إلي الآن هي حلال. وما يفعله الآن هو حلال. واستدل أبو حنيفة علي هذه القضية ب 8 أدلة. وكلها أدلة قوية وتنفعنا في هذا العصر. تنفعنا في: كيف يعيش المسلم مندمجاً مع جماعته وناسه؟ الإسلام انتشر في العالم بالتجار الأمناء. وانتشر في العالم بالزواج.. ذهب الناس وتزوجوا غير المسلمن. وأنجبوا منهن. وتربي الأولاد وتزوجوا بنات خالاتهم وأخوالهم.. فانتشر الإسلام بالعائلة. بالحب. بالود. فمثل هذه الفتوي التي قد يعترض عليها البعض. لأنها محل خلاف في الفقه الإسلامي.. نحن ننتقي من الفتاوي خاصة المدللة ما يصلح لقيام المسلم بحياته في العصر الحديث. هذا من الفتاوي المهمة التي تجعل المسلم مندمجاً في مجتمعه. والتي تتناسب وعالمية الإسلام ودعوته.