ما حكم أكل المأكولات التي تحتوي علي كميات قليلة من دهن الخنزير أو الكحول بالنسبة للمسلم الذي يعيش في دولة أجنبية؟ مع العلم بوجود فتوي صدرت من أمريكا تبيح ذلك إذا كانت كمية المادة الحرام لا تغير لون أو طعم أو رائحة المادة الحلال؟ فإنه لا يجوز أكل أي مأكول أو مشروب فيه لحم أو دهن أو غضاريف الخنزير أو الخمور والكحول المسكرة لقوله تعالي: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسى مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" وقال تعالي: "إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ" وَقَالَ تَعَالَي : "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ" وَقَالَ تَعَالَي: "قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَي طَاعِمي يَطْعَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيري". فلا يجوز أكل أي جزء من الخنزير أو شرب الخمور والكحول المسكرة ولو قلت نسبتها لحديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" أخرجه أحمد والأربعة وصححه ابن حبان. ونحوه حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ما أسكر ملء الفرق فملء الكف منه حرام" الفرق: مكيال يسع ستة عشر رطلاً أخرجه الترمذي : الأشربة "1866" . وأبو داود : الأشربة "3687". وقد فرق بعض العلماء بين الأكل والشرب من جهة وبين التداوي باليسير من الخمر أو بدهن الخنزير فقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوي ص 270 ج 24 من مجموع الفتاوي: "التداوي بأكل شحم الخنزير لا يجوز. وأما التداوي بالتلطخ به ثم بغسله بعد ذلك فهذا مبني علي جواز مباشرة النجاسة في غير الصلاة وفيه نزاع مشهور. والصحيح أنه يجوز للحاجة. وما أبيح للحاجة جاز التداوي به" أ.ه. وقال فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين في مجموع فتاوي ورسائل الشيخ المجلد الحادي عشر باب إزالة النجاسة استعمال الكحول في تعقيم الجروح لا بأس به للحاجة لذلك. وذهب بعض العلماء إلي عدم جواز التداوي بالمحرم لغير حاجة لما ورد عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم" أخرجه البيهقي وصححه ابن حبان. وعن وائل الحضرمي "أن طارق بن سويد رضي الله عنهما سأل النبي صلي الله عليه وسلم عن الخمر يصنعها للدواء فقال: "إنها ليست بدواء ولكنها داء" أخرجه مسلم وأبو داود وغيرهما وهو أرجح لنص هذا الحديث والله أعلم. وأسأل الله أن يمنّ علي الأخ السائل بالثبات والعفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة . وأن يوفقه لما يحب ويرضي. والله أعلم وأحكم وصلي الله علي نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.