طالب علماء الدين والطب بتقنين القواعد والضوابط الفقهية المتعلقة بأحكام التداوي واضافتها الي مناهج علوم الصيدلة المقررة علي الطلبة المسلمين حتي لا تكون مرجعيتنا في المجال الصحي قاصرة علي الغرب.. والعمل علي إقامة صناعة دوائية في البلاد الإسلامية تعمل علي إيجاد أدوية خالية من المشتقات المحرمة.. وأجاز العلماء التداوي بالمستحضرات الطبية الحديثة والتي يدخل في مشتقاتها مواد محرمة في حالة الضرورة فقط وإذا لم يجد بديل حلال.. وأن التداوي بهذه الأدوية وفي حالة عدم وجود بديل لا تؤثر علي صحة العبادات من صلاة وصيام وحج. في البداية يؤكد الدكتور صيدلي جمال عبد الحكيم المغربي علي وجود بعض الادوية التي تسبب التعود عليها إذا استخدمت لفترة طويلة بدون ضوابط طبية وأحيانا تكون الجرعات العالية من بعضها قاتلة وتشمل المهدئات المضادة للهياج العصبي ANXIOLYTIC SEDATION مثل مجموعة البرازولام والتي منها الدواء المعروف XANAX وأهميتها انها تستخدم في حالات الهياج العصبي الشديد وفي الغالب يكون المريض في حاجة لها ولا تصرف الا بوصفة طبية وبجرعات محددة ولفترة محدودة ومجموعة برومازيبام ومنها LEXOTANI والمهدئات التي تستعمل لحالات انفصام الشخصية والجنون فقليل منها يسبب التعود والادمان وكذلك أدوية التخدير العام وهي تستعمل قبل وأثناء العمليات الجراحية فقط وباشراف طبيب متخصص ومن امثلتها "الهالوثان" ومجموعة المسكنات القوية والتي تستعمل كمسكن قوي للآلام خاصة بعد العمليات الجراحية وفي حالات الكسور وهي غالبا تسبب التعود عليها أو الإدمان إذا استخدمت بجرعات عالية أو لفترات طويلة وهناك مسكنات قوية تسبب الإدمان في جرعات قليلة منها وتستعمل غالبا في الحوادث لانقاذ المريض من الصدمة العصبية ولا تستعمل هذه الأدوية الا تحت إشراف طبي كامل وتصرف بروشتة مخدرات مثل "المورفين" والاستخدام الخاطيء لهذه المجموعة من الادوية يجعلها مثل الأفيون المخدر لأنها تعمل علي الجهاز العصبي المركزي ولها آثار سيئة عليه وعلي الجسم وخاصة الادوية التي تحتوي علي مادة الترمادول مثل AMADOL. وأوضح الدكتور جمال انه لا توجد أدوية أو كريمات مسجلة بوزارة الصحة في مصر تحتوي علي دهن أو مشتقات الخنزير وكان يوجد دواء مستورد لعلاج الحموضة به مشتقات خنزير وتم إلغاء استيراده منذ أكثر من 20 عاما ولكن في الوقت الحالي توجد الكثير من الأدوية التي يدخل الكحل الايثلي في تركيبها بنسب قليلة ومن أمثلتها أدوية الكحة العشبية وبعض الادوية التي من أصل نباتي ويستخدم الكحل في استخلاص المادة الفعالة من النبات. وأكد الدكتور المغربي علي وجود بدائل لبعض هذه الأدوية التي تحتوي علي مواد مخدرة ومطلوب من العلماء والمراكز البحثية تدعيم البحث العلمي لإيجاد بديل يتم به استخلاص المادة الفعالة من النبات بدلا من الكحل الايثيلي والبحث عن أدوية بديلة لا تسبب التعود أو الإدمان يمكن استخدامها في علاج الكثير من الأمراض النفسية. الضرورات تبيح المحظورات وحول الحكم الشرعي عن التداوي بالأدوية التي يدخل في تركيبها مواد مخدرة يقول الدكتور حلمي عبد الرءوف أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر: الأصل في الشريعة الاسلامية انه لا يجوز التداوي بأدوية بها مشتقات محرمة لقول الرسول صلي الله عليه وسلم "ما جعل الله داء الا وجعل له دواء". وقال صلي الله عليه وسلم "ما جعل الله دواء أمتي فيما حرم عليهم" إذن فكل داء له دواء حلال كما أقر رسول الله صلي الله عليه وسلم. وأوضح الدكتور حلمي انه اذا كانت هناك ضرورة قصوي لاستعمال أدوية أو مستحضرات طبية قد تكون محرمة ولا يوجد لها بدائل فيجوز استعمالها بقدر الضرورة فقط كما يستعمل البنج للتخدير في العمليات الجراحية وبشرط أن يصفه طبيب مسلم ماهر عالم بأن الشفاء في هذا الدواء وأن يكون المستعمل قليلاً لا يسكر والقاعدة الفقهية تقول "الضرورات تبيح المحظورات" كما أحل الله سبحانه وتعالي للمضطر ان يأكل الميتة وهي محرمة إذا أشرف الانسان علي الهلاك. دهن الخنزير أما عن التداوي بأدوية أو مستحضرات بها مشتقات نجسة مثل دهن الخنزير فيقول الدكتور احمد كريمة استاذ اصول الفقه بجامعة الازهر : النجاسات نوعان إما عينية وإما أعيان متنجسة وبالنسبة للنجاسات العينية فقد اتفق الفقهاء علي بعضها وهي الدم المسفوح والميتة والبول والكلب والخنزير والنجاسات العينية لا تطهر لأنها في ذاتها نجسة بخلاف الاعيان المتنجسة وهي التي كانت طاهرة في الأصل وطرأت عليها النجاسة ويمكن تطهيرها والمحرمات منها ما هو طاهر كالحرير بالنسبة للرجال ومنها ما هو نجس كالنجاسات العينية. وأضاف : الراجح عند أكثر العلماء جواز التداوي بالمحرمات والنجاسات كدهن الخنزير إذا لم يوجد غيرها أو بدلا منها لعموم قوله تعالي "إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم" سورة البقرة آية 173. وقال: صح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم انه أباح لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لبس الحرير حين أصابته حكة في جسده مرض جلدي وذلك لأن الشرع يصون بدن الانسان عن التلف والهلاك ويعد ذلك من أعلي المصالح الضرورية وأتفق الفقهاء علي جواز التداوي بالمواد السمية علي أن يكون المقدار قليلاً ظاهره السلامة بخلاف القدر المضر فإنه يحرم تناوله. عباداته صحيحة وحول صحة الصلاة والصيام لمن يتعاطي بعض الادوية والمستحضرات الطبية التي يدخل في تركيبها مواد مخدرة أو نجسة يقول الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة وعضو مجمع البحوث الإسلامية إذا أبيحت هذه الادوية للضرورة كعلاج ولم يوجد البديل الطاهر فإنها في هذه الحالة لا تؤثر علي صحة الصلاة والصيام والحج وباقي العبادات بوجه عام والذي يؤثر فقط علي صحة العبادات إذا تناول الانسان هذه الأدوية لغير ضرورة استجابة للشهوات والنفس الأمارة بالسوء ففي هذه الحالة تفسد الصلاة والعبادات الأخري. وتساءل : هل هذه الادوية تكون نجسة من حيث العين؟ بمعني هل الخمر مثلا كمادة سائلة إذا وقع منه شيء علي لباس الانسان هل يكون الانسان نجس ؟ كما جاء في القرآن الكريم : "يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا" سورة التوبة الآية 28. المقصود في هذه الآية نجاسة العقيدة بالنسبة للمشركين وليست نجاسة الجسم أو القلب. وأوضح : إذا فرضت الظروف علي الانسان أن يأخذ من هذه الأدوية و لم يجد البديل الذي يعالج به مرضه فلا حرج عليه لانه في هذه الحالة يكون مضطرا مثل الذي يأكل الميتة ولحم الخنزير وهذه تدخل في باب الضرورة والضرورات تبيح المحظورات لقوله تعالي : "وما جعل عليكم في الدين من حرج" سورة الحج الآية 78. ولهذا لا يجوز الامتناع عن الصلاة في فترة تناول الدواء الذي يدخل فيه مشتقات مخدرة أو نجسة لأن تلك المخدرات أو المحرمات حينما يأخذها الإنسان تتحول إلي مادة من جزء الإنسان ولا يمكن اطلاقا قطع هذا الجزء من جسم الإنسان.