علي بعد 174 مترا من الشاطئ الشرقي لمدينة سوهاج تقع جزيرة الزهور بمنظرها الرائع تزين نهر النيل وقد بدأت رحلتنا إلي أكبر جزيرة ترفيهية في المدينة . حيث كانت قبل عام 1989 عبارة عن أرض زراعية و تربي فيها الماشية إلا أنه كان بها مساحات رملية كبيرة لم تكن مستغلة بعد وكان هناك مركب صغير يصل بين الجزيرة والبر الشرقي وفي تلك الفترة كانت تلك المنطقة غير مأهولة بالسكان ولم يكن قد وصلها العمران بعد. هذا ما أكده لنا الحاج إسماعيل منصور من كبار قاطنيها وأضاف كثير من أهالي تلك المنطقة كانوا يذهبون الي الجزيرة للترفيه حتي قبل استصلاحها ومن هنا جاءت فكرة الجزيرة مشيرا إلي أنها شهدت العديد من قصص الحب بين شباب المنطقة والذين اعتبروها مكانا رومانسيا رائعا كما أن الأطفال كانوا يذهبون في أيام الأجازات للإقامة بها وكانوا يقومون بحراسة المواشي التي كانت تتخذ من الجزيرة مأوي لها . وأشار إلي أن كبار رجال المنطقة والتي كان أغلبهم من الأشراف كانوا يذهبون إليها أيضا وكان ذلك في سبعينات وثمانينات القرن الماضي لقضاء أوقاتهم وسط الخضرة كما أن الجزيرة كانت مكانا رائعا للعب كرة القدم بين الشباب. وأوضح أن الثعابين الصغيرة كانت مشكلة تؤرق السكان في تلك المنطقة فبالرغم من عدم إقامة أي شخص داخل الجزيرة إلا أن بعض الأطفال لم يسلموا من لدغات الثعابين التي كان لها حكايات عديدة مع أهالي المنطقة في السابق. وحتي وقتنا هذا هناك مسئول عن تطهيرها من الثعابين ولكنها انقرضت بشكل كبير في الوقت الحالي وأصبح لاوجود لها تقريبا. وتأخذ الجزيرة شكل مركب في عرض النيل وعندما تصل اليها تجد الأشجار تحيط بمداخلها وأرضيتها رملية ويسيطر علي الجزيرة الهدوء الشديد بالإضافة إلي تساقط العديد من أوراق الشجر بسبب الهواء الشديد وتحيط بالجزيرة شاليهات للإقامة علي النيل مباشرة بالإضافة الي وجود بعض المناضد والكراسي للاستمتاع بجمال النيل. ويصل إجمالي مساحة الجزيرة الي أربعة أفدنة أي حوالي 16400 متر مربع وتبعد 174 مترا من الشاطئ الشرقي حيث المرسي ويتم الوصول إليها عن طريق عبارة تابعة للمحافظة أو لنش صغير سعة 18 راكبا يتبع الجزيرة. وتلك الجزيرة في الأصل هي مركز شباب تم اشهاره بقرار برقم 201 لسنة 1989 باسم نادي التجديف وتم تحويل اسمه الي مركز شباب الزهور بقرار من مديرية الشباب والرياضة رقم 2887 لسنة 1994 ثم تم تحويله إلي مركز يمارس فيه النشاط الاجتماعي ثم إلي مركز شباب نموذجي يعرف باسم جزيرة الزهور حاليا. ويحيط بالجزيرة 24 شاليها مجهزة وصالة مؤتمرات تسع 200 فرد وصالة لاستقبال كبار الزوار والاجتماعات الخاصة الي جانب مطعم يسع 200 شخص بالإضافة إلي حمام سباحة صغير للأطفال وبعض الألعاب الصغيرة للأطفال وعلي أطراف الجزيرة وعلي النيل مباشرة هناك أماكن للجلوس وشاشة عرض سينما كبيرة. كانت بداية حديثنا مع عم محمد سائق العبارة والتي تقوم بتوصيل المواطنين إلي الجزيرة وكان جمال الجو في هذا اليوم تجعلك تريد الاستمرار داخل العبارة للأبد وسألت عم محمد عن عدد الرحلات التي يقوم بها خلال اليوم فأكد أن العبارة تقوم بأربع رحلات في الساعة أو أكثر علي حسب أعداد الركاب وتنطلق العبارة من شرق سوهاج بالقرب من الجامعة باتجاه الجزيرة ولاتستغرق سوي خمس دقائق أو أقل. وعن أعداد المواطنين الذين يذهبون يوميا الي الجزيرة أشار الي أن أعدادهم تختلف باختلاف فصول السنة ففي فصل الشتاء لانجد زوارا للجزيرة وخصوصا في المساء أما في الصباح فأكثر من يحبذ الذهاب إليها هم طلاب الجامعة والشباب بصفة عامة حيث الهدوء وروعة الجو ولكن يختلف الحال في فصل الصيف فهناك إقبال كبير من العائلات عليها فالجميع يأتي لقضاء وقت إجازته علي النيل بعيداّ عن حرارة الجو الشديدة كما أن الجزيرة تقوم بفتح حمام السباحة للأطفال وتزيد عدد رحلات العبارة في فصل الصيف إلي أكثر من 8 رحلات في الساعة الواحدة. وأوضح أن هناك بعض المواطنين يفضلون البقاء في العبارة أكبر فترة ممكنة للاستمتاع بها مشيرا إلي أن تكلفة الفرد جنيه واحد فقط وهو مايجعل من العبارة مكانا ممتعا للبسطاء. وبعد نزولنا من العبارة كان الهواء النقي في انتظارنا علي أبواب الجزيرة إلا أنها لم تعد علي بريقها منذ عشر سنوات عند افتتاحها وكانت شبه خاوية من النزلاء او المواطنين العاديين وظهرت وكأنها مهجورة فالكراسي تآكلت من حرارة الشمس وحمام السباحة ملأه التراب بدلا من الماء وحتي لعب الأطفال كانت متهالكة كما أن المسجد الذي يوجد بالجزيرة لايهتم به أحد وأخطر ما يواجه تلك الجزيرة أنه لاتوجد بها نقطة اسعاف علي الرغم من قربها من المرسي حيث إن وجودها ضروري لأي سبب طارئ. ثم قابلنا محمد يحيي الذي جاء إليها بصحبة خطيبته للاستمتاع بجوها الرائع وقال لنا أنه يأتي في أوقات فراغه إلي الجزيرة حيث الهدوء وجمال المناظر الطبيعية. وأضاف أن الجزيرة كانت في السابق جنة علي الأرض ولكن بسبب عدم الاهتمام والإهمال فإنها تحولت إلي مكان يملؤه التراب ورغم ذلك تعتبر الجزيرة من أفضل الأماكن التي من الممكن أن تستجم بها فيمكنك استنشاق رائحة النيل الجميلة والهواء العليل في وسط المياه بالإضافة الي الاستمتاع بالشمس الساطعة . وأكد أن الجزيرة كانت ملتقي العديد من الشباب حيث إن هناك شاشة سينما كبيرة يتم فيها عرض الأفلام بالإضافة الي عرض المباريات وكان الجميع يأتي ليستمتع بالمشاهدة وسط جو بديع ولكن هذا كله لم يعد موجودا في آخر ثلاث أو أربع سنوات وبدأت أحوال الجزيرة في التدهور إلي أن وصلت الي ماهي عليه الآن. والتقينا الحاج شاكر البحيري مدير جزيرة الزهور الذي أكد أن أحوال الجزيرة بالفعل بدأت تسوء إلي أن تسلمت المهمة في العام الماضي مشيرا إلي أنه عندما تسلم الجزيرة كانت خرابة كبيرة. وأوضح أن الجزيرة تحتوي علي صالة كمبيوتر ولكنها غير مجهزة وقمنا بشراء 15 جهازا ولكن لانجد مكاتب لنضع عليها الأجهزة كما أن ملعب الأطفال الذي يحتوي علي بعض لعب الأطفال يحتاج إلي صيانة وتجديد وهو ماقمت به أيضا. وأشار إلي أن المكتبة بها العديد من الكتب ولكنها غير مجهزة حاليا كما أن حديقة النادي الاجتماعي كبيرة وبها قاعة أفراح وبها شاشة عرض سينمائي ولكن لايوجد بها كراسي حاليا.. أما بالنسبة لحمام سباحة الأطفال فإننا قمنا بإصلاحه بعد أن كان غير صالح للاستخدام كما أنني قمت بإصلاح محطة المياه الجوفية ومحطة معالجة مياة الصرف الصحي. وأوضح أن الجزيرة طلبت إعانات من المجلس القومي للشباب والرياضة وقمنا بإرسال قائمة باحتياجات الجزيرة أكثر من مرة ولكن لم يتم الرد علينا حتي الآن مشيرا إلي أنها تعتبر مركز شباب ومن المفترض أن يقوم المجلس بالصرف عليها. وأكد أن هناك 16 موظفا مؤقتاّ بالجزيرة يسببون عائقاّ امام التطوير الجزيرة حيث أننا نقوم بصرف 13 ألف جنيه كمرتبات شهرية لهم من الميزانية وطالبنا مراراّ وتكرارا مديرية الشباب والرياضة بضرورة تثبيتهم حتي تتحول مرتباتهم الي المديرية مشيرا إلي أن الجزيرة يبلغ عدد الموظفين بها 31 موظفا. وأوضح أن الجزيرة مديونة بأكثر من 200 ألف جنيه مشيرا إلي أن المشكلات المالية أصعب ما يواجه الجزيرة حالياّ وخصوصا أنها تعتمد في مصروفاتها علي إيراداتها وبسبب سوء أوضاعها عزف عدد كبير عن زيارتها كما أنه في فصل الشتاء تنخفض أعداد الزوار وبالتالي تقل إيرادات الجزيرة علي مداره. والعجيب أن إيرادات الجزيرة زادت علي مدار الثلاثة أشهر الماضية بسبب انتخابات مجلسي الشعب والشوري فزوار المحافظة من القضاة ومراسلي الصحف والفضائيات ومراقبي الانتخابات من منظمات المجتمع المدني كانوا يملأون جميع الشاليهات. وأكد أن ذلك ساعد في سد بعض من مديونيات الجزيرة مشيرا إلي أن وزير الاتصالات الحالي قام بدعم الجزيرة ب15 جهاز كمبيوتر كما أنه كانت هناك خطة لتطوير الجزيرة وتتكلف 6 ملايين جنيه إلا أن قيام الثورة أوقف تلك الخطة ولم يتم البدء بها حتي الآن.