في إطار اليوم العالمي لمكافحة الألغام المنتشرة في أراضي الصحراء الغربية والتي يصل عددها إلي 7.22 مليون لغم وجسم متفجر خلفتها الحرب العالمية الثانية يتركز منها حوالي 71 مليونا في منطقة العلمين فقط نظمت مؤسسة هانز سايدل Hans Seidel الألمانية بالتعاون مع جمعية الناجين من الألغام بمحافظة مطروح ندوة لإلقاء الضوء علي مخاطر هذه الألغام ليس فقط علي صحة وسلامة المواطنين من سكان هذه المحافظة وإنما أيضا علي الآثار السلبية لعمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة لهذه المنطقة الهامة التي تمثل 22 في المائة من إجمالي مساحة مصر هذه المنطقة التي كانت تعرف بأنها »سلة الخبز« للدولة الرومانية. القضية إذن ليست مجرد قضية المواطنين الأبرياء الذين فقدوا أرواحهم عندما وطأت أقدامهم هذه الألغام الجهنمية التي زرعتها قوات الحلفاء والمحور إنجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا أثناء المعارك الدامية التي دارت بينها أثناء الحرب العالمية الثانية علي أراضي الصحراء الغربية وخاصة العلمين. وبالرغم من مرور 56 عاما علي الحرب العالمية الثانية ومدي ما تمثله منطقة الصحراء الغربية من أهمية بالغة بالنسبة للاقتصاد القومي المصري وحفاظا علي حياة المواطنين الذين يعيشون في هذه المناطق إلا أن عمليات إزالة الألغام وتطهير هذه المناطق منها تسير ببطء شديد بل وتقاعس من كافة الأطراف المضنية وفي مقدمتها الدول العظمي التي شاركت بقواتها في معارك العلمين وقامت بزراعة هذه الألغام وأصبحت ملزمة قانونيا وأدبيا في المساهمة بإيجابية وصدق في إزالة هذه الألغام. لقد تابعت بأسي حجم المساعدات المالية والفنية الهزيلة التي قدمتها هذه الدول لمحو آثار معاركهم الدامية علي أراضي الصحراء الغربية والتي لا تتفق إطلاقا مع التزاماتهم القانونية والأدبية والأخلاقية.. إننا لابد أن نخاطب حكومات وشعوب هذه الدول للوفاء بالتزاماتها وتعويض هذا البلد وشعبه عما لحقه من دمار وخراب بسبب أفعالهم وهذا بالتأكيد ليس فقط دور الحكومات والجهات الرسمية ولكن هناك دوراً كبيراً ومهماً يقع علي مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني المصري التي ينبغي أن تفعل وتكثف علاقاتها مع مثيلاتها في هذه الدول بعد أن أصبح لها دور واضح ومؤثر في تشكيل الرأي العام والضغط علي حكوماتها لتحقيق العدل والسلام بين الأمم. ونظرا لأهمية منطقة الساحل الشمالي اقتصاديا وتنمويا وما تحتويه من أراضي خصبة قابلة للزراعة وثروات تعدينية هائلة ومتنوعة وموقع إستراتيجي هام لذا فإنه ينبغي علي الدولة بكافة أجهزتها ومؤسساتها أن تبذل أقصي الجهد لتنمية هذه المناطق وتأهيل سكانها ولكي تصبح أيضا مناطق جذب سكاني لمحافظات الدلتا المكتظة بالسكان وتساهم في تمكين مصر من الاكتفاء الذاتي من القمح مثلما كانت »سلة الخبز« للدولة الرومانية خاصة أن زراعة الحبوب فيها تقوم بدرجة كبيرة علي الأمطار. ولأن القوات المسلحة هي الجهة الوحيدة المنوط بها أو المسموح لها بإزالة الألغام وتطهير هذه المناطق منها فإنه أصبح من الضروري أن تبذل القوات المسلحة جهدا أكبر في تحقيق هذه الجهة الوطنية الكبري امتدادا للنجاحات التي حققتها في قطاعات أخري من العمل في الخدمة الوطنية كالطرق والكباري وذلك بالتعاون مع قطاع البترول والثروة المعدنية ووزارة الزراعة والموارد المائية والتعاون الدولي. إن الساحل الشمالي بكل تأكيد هو أحد »المشروعات القومية« خلال المرحلة القادمة نظرا لما يمثله من إضافة هائلة للاقتصاد القومي المصري.. وقضية الألغام التي كانت لها آثار سلبية خلال العقود الماضية يمكن أن تتحول إلي عوامل إيجابية خلال السنوات القادمة إذا ما أحسنا لغة التفاهم والحوار مع الدول التي زرعتها ليس فقط للمساهمة في إزالتها وإنما من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه المناطق ولكي تصبح رمزا للتفاهم والوئام بين الشعوب وهو ماأكدته د.حنان الجندي مدير مشروع دعم الجمعيات الأهلية التابع للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة خلال الندوة. ولابد من تطوير كل مدن وقري المنطقة وفي مقدمتها مدينة العلمين ومقابر جنود الحلفاء وكذلك الساحل الشمالي وهو مايؤهل المنطقة لتكون منطقة جذب سياحي واقتصادي واستثماري للدول الأوروبية خاصة تلك التي حاربت قواتها علي أرض الساحل الشمالي وهو ماسوف يستتبع بالضرورة إنشاء ميناء متطور لاستقبال لنشات السياح السريعة من مواني إيطاليا وفرنسا وأسبانيا وكذلك مطار لمواجهة متطلبات الحركة والنمو الاقتصادي الشاملة التي ستشهدها المنطقة في المستقبل. وأعتقد أنه قد آن الأوان أيضا للتفكير مرة أخري في إمكانيات تنفيذ مشروع »منخفض القطارة« ومايمكن أن يحدثه من تطور هام في طبيعة وأجواء هذه المنطقة وتطوير في إمكانياتها وقدراتها المختلفة. ومراجعة الدراسات التي أعدت سلفا طبقا لمعطيات المرحلة الراهنة وما استجد من نظريات علمية وفنية في مختلف المجالات.