تظل مشكلة الالغام بمصر واحدة من اهم العوامل التى تعوق العديد من خطط التنمية حيث ان حوالى 23مليون لغم تحتل 22% من مساحة مصر الاجمالية ، ورغم ان مصر اجرت العديد من المباحثات مع الصليب الاحمر من اجل تطهير الاراضى من الالغام، كان اخرها مباحثات، فايزة ابوالنجا وزيرة التعاون الدولى مع السفير جيرار باترينى مدير مكتب اللجنة الدولية للصليب من اجل التعاون لأزالة هذه الالغام واعادة تنمية المناطق التى يتم تطهيرها، الا ان الازمة تكمن فى عدم امتلاك الصليب الاحمر للخريطة التى تضم مواقع الألغام بمصر... ففي عام 2004 بدأت حملة التوعية بالألغام، وخطورتها وآثارها السلبية علي المجتمع المصري، وذلك بهدف تطهير الأراضي المصرية منها، ومساعدة ضحاياها، ودرء أخطار وقوعها.. حيث تعد مصر اكبر دولة في العالم بها ألغام منها 20 مليون لغم وجسم خطر، زرعت فى منطقة العلمين اثناء الحرب العالمية الثانية والتي دارت رحاها بين قوات الحلفاء والمحور.. وهذه الحرب لم تكن مصر طرفا فيها..ونتيجة لذلك ظلت أيدي التنمية والعمران غير قادرة ان تمتد الى الاراضى التى تعد من أفضل الاراضى الصالحة للزراعة بمنطقة الصحراء الغربية والساحل الشمالي الغربي بسبب عدم تطهيرها من الألغام.. رغم ان القانون الدولي واتفاقية جنيف تلزم تلك الدول التي قامت بزرع الألغام في صحرائنا بإزالتها، ولكن كان هناك تقصيرا من جانب الحكومات المتعاقبة علي مدي 62 عاما، في المطالبة 'دوليا' بحقوقنا، والإعلان عن خطورة هذه المشكلة اجتماعيا واقتصاديا وامنيا، والتي عانينا منها طويلا وبسببها فقدنا مليارات الجنيهات وسقوط آلاف القتلى والجرحى من جراء انفجار هذه الأجسام في وجه الأبرياء... خريطة الألغام يملك الصليب الاحمر وهو الجهة المنوطة بمشكلة الالغام، الخريطة التي توضح مواقع الالغام في العالم ولكن للاسف هذه الخريطة لاتضم مواقع الألغام بمصر... رغم ان مصر بها أكبر نسبة ألغام أرضية مدفونة في العالم، تقدرها منظمات دولية وخبراء عسكريون بنصف عدد الألغام في القارة الأفريقية وبخمس عدد ألغام العالم، ولا توجد دولة عربية تتهددها مشكلة الألغام كما تتهدد مصر سوى لبنان. فعلى المستوى العالمي يوجد أكثر من 110 ملايين لغم مدفون في أراضي أكثر من 70 دولة يذهب ضحيتها كل عام قرابة 26 ألفا معظمهم من الأطفال والنساء والمزارعين البسطاء، هؤلاء فقط هم الذين استطاعت المنظمات الدولية المتخصصة في التوعية ضد مخاطر الألغام رصدهم. وتتربع مصر على قائمة الدول الأكثر تضررا بالألغام في العالم، فبحسب إحصائيات لجنة الشؤون العربية والخارجية والأمن القومي بمجلس الشورى والذي نشرته صحيفة الأهرام في يونيو/حزيران الماضي 2007 فإن مصر تعتبر أكبر دولة في العالم من حيث الألغام المدفونة في أراضيها منذ الحرب العالمية الثانية. حيث تجاوزت هذه الألغام 22.7 مليون لغم منتشرة في مساحة تمتد من الساحل الشمالي حتى منخفض القطارة جنوبا فضلا عن أماكن متفرقة من شبه جزيرة سيناء. أضرار اقتصادية وتعيق هذه الألغام عمليات التنمية، فعلى سبيل المثال أعاقت العمل في مشروع منخفض القطارة الذي يعد -في حال تمامه- ثاني أكبر مشروع لتوليد الكهرباء بعد السد العالي، حيث اكتشف القائمون على المشروع أنهم بحاجة إلى إزالة أكثر من 4 ملايين لغم أرضي. فضلا عن ذلك فإن هذه الألغام جعلت من شبه المستحيل التنقيب عن النفط والغاز في المناطق الموبوءة بها والتي قدرها الخبراء بنحو 5 مليارات برميل نفط وقرابة 13.5 تريليون قدم مكعب غاز، ولم يستغل من كل ذلك سوى 14% فقط بسبب الألغام. ولا تتوقف الخسائر عند جانب الطاقة وإنما تمتد كذلك إلى القطاع الزراعي، حيث تقدر الهيئة المصرية العامة للاستعلامات وفقا لإحصائيات رسمية إجمالي الأراضي التي أعاقت الألغام زراعتها ب3 ملايين فدان منها على الأقل 148 ألف فدان أثبتت الأبحاث إمكان زراعتها قمحا لتوافر الموارد المائية بغزارة. معوقات التطهير الحكومة المصرية تحمل بريطانيا وألمانيا مسؤولية تلغيم منطقة العلمين وتطالبهما بالمساهمة المالية والتكنولوجية في إزالة هذه الألغام، لكن هاتين الدولتين ترفضان، فتوكد بريطانيا أنها وضعت الألغام لحماية مصر طبقا لمعاهدة 1936 وتلبية لمطلب الملك والحكومة المصرية آنذاك. أما ألمانيا فتبررعدم تحملها المسؤولية بالقول بإن مصر لا يحق لها المطالبة الآن بشيء خاصة بعد مرور سنوات عدة على الحرب العالمية الثانية. والجيش المصري وعلى مدى السنوات الماضية استطاع نزع حوالي مليون لغم فقط الأمر الذي حدا بالحكومة إلى طرح فكرة تمليك هذه الأراضي للقطاع الخاص مقابل قيامه بنزع الألغام. هذه الفكرة وعلى "وجاهتها" تكتنفها المخاطر ويصعب تنفيذها باطمئنان كامل كما يقول الخبير العسكري العميد صفوت الزيات وتتمثل المخاطر في كون هذه الألغام قد وضعت في مساحات شاسعة تعرضت لعوامل تعرية وتغييرات مناخية وسيول جارفة على مدى خمسين عاما جعلت حتى "بعض" الخرائط الموجودة حاليا عن هذه الألغام قليلة الجدوى. ويخلص الخبير إلى أن مشكلة الألغام من التعقيد والخطورة والأهمية بحيث لا تحتاج في علاجها إلى "جرعات موسمية" وإنما هي بحاجة إلى أن تصبح "هما قوميا" مؤرقا ليلا ونهارا حتى تجد لها حلا جذريا. الأثار السلبية للألغام فى مصر نتيجة للعدد الهائل من الألغام بالاراضى المصرية والتى تعوق التنمية على النحو التالى : - فى الصحراء الشرقية : 1- إعاقة العديد من مشروعات التنمية السياحية بشواطئ البحر الأحمر وسيناء وإرتفاع تكلفة المشاريع التى تقام بهذه المناطق لإرتفاع تكاليف تطهيرها من الألغام . 2- إعاقة عمليات التنمية الصناعية وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة بجانب التكلفة الباهظة لتطهير المناطق المخطط لتنميتها . 3- إعاقة عمليات التنمية الزراعية فى بعض مناطق سهل الطينية و بالوظة وشمال سيناء . 4- تعطيل عمليات التنقيب عن البترول . - الصحراء الغربية : أ- تعطيل زراعة مساحات شاسعة من الأراضى الصالحة للزراعة على توافر المياه اللازمة لها فى مناطق مثل الحمام والعلمين . ب- تعطيل إقامة مشروعات التنمية فى الساحل الشمالى وبعض مناطق مرسى مطروح . ج- تعطيل مشروعات منخفض القطارة كأحد المشروعات العملاقة لتوليد الطاقة بسبب اعتراض الألغام لطريق القناة . د- التنقيب عن البترول . مشكلات وعوائق إزالة الألغام في مصر أ- تعدد أنواع الألغام المضادة للأفراد والدبابات التى زرعتها قوات الحلفاء والمحور فى صحراء مصر الغربية خلال الحرب العالمية الثانية . ب – مشكلات تحريك الألغام من اماكنها بسبب الكثبان الرملية ، والتغيرات المناخية على مدى نصف قرن . ج - مشكلات حساسية الألغام للإنفجار بسبب تقادمها أو بسبب العوامل الجوية . د – إختفاء و عدم وجود خرائط لهذه الألغام . ه - عدم وجود طرق ممهدة للمناطق الملغومة . و – عدم توافر معدات حديثة متقدمة تكنولوجياً لإستخدامها فى عملية إزالة الألغام . ز – التكلفة المالية التى تحتاجها عملية إزالة حوالى 23 مليون لغم . ح – ضخامة الأعباء البشرية المرتبطة بعملية إزالة الألغام ، وعدم وجود العدد الكافى من الخبراء . ط – عدم إدراج مصر على خريطة العمل الدولية لمكافحة الألغام . مركز مكافحة الألغام بمصر تأسس كأول مركز فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط لمكافحة الألغام وهو منظمة غير حكومية، تم تأسيسها فى الثالث من ديسمبر عام 1997 ، بهدف التعاون مع العديد من المنظمات الدولية والإقليمية والجهات الرسمية التى تعمل فى مجال مكافحة الألغام فى العالم ، وهو يضم نخبة من أساتذة الجامعات والصحفيين والمحاميين والأطباء والمهندسين والكيميائيين ، وتقوم مرجعية المركز على قواعد القانون الدولي الإنساني ، والإتفاقيات الدولية التى تكافح الألغام . ويهدف هذا المركز الى تطهير المناطق المصابة بالألغام عبر الأستفادة من الجهود الدولية والرسمية والشعبية المحلية وقد حرص المركز فى سبيل تدعيم عمله على تبادل البيانات والمعلومات والخبرات فى مجال مكافحة الألغام مع الدول والمنظمات المعنية (ولكن حتى الان لم يستطع هذا المركز القضاء على الالغام الموجودة بمصر) موقف مصر من أتفاقية اوتاوا لحظر الألغام على الرغم من أن مصر لم توقع على إتفاقية اوتاوا لحظر استخدام ونقل وتخزين وإنتاج الألغام المضادة للأفراد فى ديسمبر 1997..إلا أنها ساندت من حيث المبدأ الهدف من هذه الاتفاقية ..وقد طالبت مصر فى اجتماعات الخبراء لمناقشة مشروع الإتفاقية فى أوسلو فى سبتمبر 1997 .. بمزيد من الضغط الدولى لدفع الدول التى شاركت فى معارك الحرب العالمية الثانية على أرض مصر ، وإلى تقديم خرائط الإلغام ، وتقديم الدعم الأكبر لإزالتها . ويمكن عرض الموقف المصري من عدم توقيعها على إتفاقية اوتاوا كالآتي : - إن مصر تتفق تماماً مع الهدف الأنسانى للإتفاقية .. إلا أن صعوبة موافقاتها على الأنضمام ، يرجع لإنها تعيق مصر عن ممارسة حقها المشروع فى الدفاع عن النفس والحفاظ على أمنها القومى ، وكذلك حقها فى الحصول على المساعدات اللازمة لتطهير ألغام زرعت فى أراضيها . - مطالبة مصر بالنظر بعين الأعتبار للطبيعة الجغرافية لها .. حيث الحدود الشاسعة والتى ليس فيها اى موانع تحول دون عمليات التسلل ، وقد تلخص مطلب مصر الأمنى فى الحصول على بديل اقتصادى مناسب للألغام .. وقد تم شرح هذا الموقف خلال المراحل التمهيدية لإعداد مشروع الإتفاقية . - إن استفادة مصر من المساحات الملغومة والتى بها ثروات كثيرة مختلفة .. لن تتحقق إلا بتوافر المسئولية الدولية للمساعدة فى تطهير الألغام ، والمسئولية النسانية التى تحتم احترام الحقوق الشرعية للأنسان . لقد أضحت الصورة أكثر إيضاحاً للمأساة التي تخلفها الألغام على البشرية ، ومع تدفق المعلومات التى أصبحت الآن متاحة للجميع وتبين مدى حجم الخسائر البشرية من إستخدام هذه الألغام ، و أصبح التحرك الدولي حاسماً ونشطاً فى مواجهة هذه القضية .فقد ولدت هذه المعلومات اهتماماً دولياً واسع النطاق بمشكلة الألغام فى العالم وسبل مواجهتها بعد أن كان العالم إلى وقت قريب يجهل هذه القضية تماماً ، أو لا يضعها فى دائرة إهتمامه . ولعل الحملة الدولية لحظر الألغام التى بدأت نشاطها منذ عام 1991 ، وتدخل الأممالمتحدة بثقلها وامكانياتها من عام 1994 للبحث عن حلول جذرية لهذه المشكلة . وما تمخض عن الإهتمام الدولى بها فى توقيع 135 دولة على إتفاقية دولية تحظر وتحرم إستخدام الألغام الأرضية ، كل ذلك أصبح مدعاة لتحقيق حاجة المجتمع الدولى الملحة لتضافر الجهود الدولية والإقليمية والمحلية لمواجهة هذا الحظر والقضاء عليه . غير أنه يبقى السؤال المهم .. حول مدى إلتزام الدول التى زرعت ألغاماً فى أراضى الغير ، وتركتها رغم إنتهاء العمليات الحربية ، والأمثلة على ذلك كثيرة مثل الألغام المزروعة فى مصر وافغانستان .. وللإجابة على هذا التساؤل .. أننا نعتقد بوجود إلتزام على عاتق هذه الدول بإزالة وتطهير هذه الألغام للأسباب الآتية : - إن الجمعية العامة للأمم المتحدة إيدت مطالبات الدول التى تصيبها أضرار نتيجة لتواجد مخلفات الحروب ومنها الألغام على أراضيها ، والتى تطالب بدفع تعويضات لها من الدول المسئولة عن ذلك ( القرار 36 / 188 لسنة 1981) والقرار (39/139 لسنة 1984) والقرار (48 / 7 لسنة 1993) والقرار (49 / 215 لسنة 1994) . - وجود قاعدة من قواعد القانون الدولى العام أو العرفى تقضى بإلزام من وضع الألغام بطريقة تؤثر على حياة المدنيين أو سلامتهم الجسدية .. بإزالة تلك الألغام وتحمل تكاليف إزالتها . وهو إيضاً ما يمكن الاستفادة به من إتفاقية اوتاوا لعام 1997 ، والتى اعترفت بوجود قواعد يقرها القانون الدولى بخصوص الألغام حيث نصت المادة 20 / 4 من الإتفاقية على أن انسحاب الدولة الطرف من الاتفاقية لا يؤثر بإى طريقة على واجب الدولة فى الاستمرار بالوفاء بالإلتزامات المقررة وفقاً لأى من قواعد القانون الدولى ذات الصلة . وبالنظر إلى واقع مشكلة الألغام الأرضية فى العالم ، فإن إزالة الألغام أو تطهيرها يجب أن يتم عن طريق : - التعاون بين كل طرف من الأطراف المتحاربة والمسئولة عن زراعة هذه الألغام بغض النظر عن ملكية الأرض المنزرعة فيها . - تفعيل التعاون الدولى طبقاً لقواعد القانون الدولى وللإتفاقيات الدولية . - إنشاء آلية فعالة تقوم بمهمة التنسيق والمتابعة لعمليات إزالة الألغام ومراقبة زرعها إبان النزاعات والحروب . - تفعيل دور المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية وغير الحكومية المتخصصة ومدها بالدعم المناسب لممارسة دورها على اكمل وجه .