يربت بكفه الصغيرة علي كتفها فيطير قلبها فرحا.. تضمه فيلتف بكلتا ذراعيه ويطوق عنقها. تسمع نبضات قلبه الوليد فيتنتعش لصداها روحها. يغمرها إحساس طاغٍ بالسكينة والهدوء والرضا . تنتقل ذبذبات راحتها إليه فيهدأ وينام مبتسما. تهم بوضعه في سريره فيأبي ويزيد التصاقه بها. تتشبث قبضته الرقيقة بذراعيها رافضا أن يفارق حضنها. تتعجب من أين تأتيها كل تلك القوة لتلبية كل احتياجاته. وكأن الحياة دبت في كل ذرات جسدها فجأة. يشتد الجسد الواهن بعدما تشعله بهجة الروح تألقا وخفة. تبتسم في نفسها متسائلة في تعجب تري من فيهما في حاجة حقا للآخر!! هو الحفيد الصغير الباحث دوما عمن يعطيه الإحساس بالأمان. من يعرف احتياجاته ويلبي مطالبه التي لا يدركها ويجهل حتي التعبير عنها. من يعينه علي اكتشاف أبجديات الحياة وهو مازال يحبو بخطواته الأولي تملؤه الدهشة من كل جديد والخوف من كل مجهول. تدرك كل جدة مدي احتياج حفيدها إليها. لكنه لايدرك هو أن حاجتها إليه يفوق احتياجه لها. تحتاج إلي لمسته لتشعر أنه مازال في الدنيا شيء جميل يمكن أن تعيش من أجله. وتحتاج لضحكته ليمنح عمرها الحزين قدرا من البهجة. تحتاج لحضنه لتنسي فيه كل سخافات الحياة وتفاصيلها الموجعة. هذا هو حال كل الجدات مع ولد الولد. علاقة فريدة دفعت العقول الواعية في الغرب لاستثمارها بإنشاء دور لرعاية الأطفال والمسنين معا. هي فكرة عبقرية في رأيي. فلن يخفف آلام هؤلاء الصغار سوي قلوب حنون ضعيفة ربما تعاني هي الأخري من آلام الفقد والحرمان. كلاهما في أمس الحاجة للآخر. وكلاهما يخشي المجهول. صغير يكتشف عالمه الأول ومسن ينتظر بقلق عالمه الآخر. ما أحوج قلوب وليدة ليد حنون تفك لها طلاسم حياة تبدو مخيفة وما أحوج روح مسنة أثقلتها متاهات الحياة لقلب وليد نابض بكل ماهو مبهج ومفرح وجميل.