مازالت الهجرة غير الشرعية في مصر مسلسلا لا ينتهي فمازال سماسرة الوهم يبحثون عن الطرق والوسائل التي ينجحون من خلالها في صيد الشباب لمساعدتهم علي السفر إلي الخارج مستغلين أحلامهم وآمالهم في مستقبل أفضل وهم في الحقيقة يبيعون لهم الوهم، التعليم هو "الحلم" الجديد الذي يصطاد من خلاله بعض السماسرة علي موقع "فيسبوك" الطلاب للإيقاع بهم في فخ حلم السفر إلي الخارج، وفي النهاية يشترون الوهم. رصدت "آخرساعة" مؤخرا صفحات جديدة علي مواقع التواصل الاجتماعي تدعو الطلاب المصريين إلي السفر إلي روسيا لاستكمال دراستهم بالخارج، وتقوم بتقديم كافة الوسائل التي تجذب الطلاب للسفر مستغلين أحلامهم في السفر واستكمال دراستهم والعمل بالدول الأوروبية، فينجحون في اصطياد أكبر عدد من الطلاب، وفي النهاية يسافر الطلاب إلي الخارج ولا يجدون سوي الوهم. إحدي الصفحات تقدم للطالب خدمة السفر إلي روسيا مقابل مبلغ كبير يبدأ ب 200 دولار ويصل إلي 900 دولار في بعض الأحيان، ويقدم السماسرة تخفيضات كبيرة للطلاب في حال جذبهم لعدد آخر من زملائهم، بل ويقدمون عمولات للطلاب في حال جلب طالب آخر، حتي تحول الأمر إلي تجارة أشبه بالفيزا الدراسية.. عالم السماسرة علي الفيسبوك يستطيع تقديم كل ما يجذب الطلاب لتحقيق حلم السفر واستكمال الدراسة بالخارج، ومع استقطاب عدد من الطلاب ينجح السماسرة في النصب علي الطلبة وتحقيق مكاسب كبيرة ويسافر الطالب إلي الخارج ولا يجد أي جامعة أو أي شيء ينتظره، ويعود من الخارج فاقداً الأمل. اللواء مجدي البسيوني مساعد وزير الداخلية الأسبق قال إن هناك جانبا أمنيا وجانبا إعلاميا لحماية الطلاب المصريين من الوقوع في فخ النصب من براثن هذه الصفحات، وبالنسبة للشق الأمني فإن الداخلية تقوم بدورها في تتبع هذه الصفحات ومعرفة القائمين عليها لإلقاء القبض عليهم وإحالتهم للقضاء. أما الجانب الإعلامي فيجب علي الإعلام بجميع أنواعه المسموع والمقروء والمرئي إلقاء الضوء علي مثل هذه الشركات الوهمية لحماية أبنائنا من براثن نصب هذه الشركات. استطلعنا آراء الطلاب حول نصب هذه الصفحات، حيث قال الطالب محمد أحمد 16 عاما إن هناك العديد من الصفحات علي مواقع التواصل الاجتماعي التي تدعو إلي السفر لاستكمال الدراسة إلي الخارج ، مشيرا إلي أنه قام بالتسجيل في هذه الصفحات وحينما علم بنصب هذه الصفحات ، لم يستكمل إجراءاته. موضحا: وجدت صفحة علي الفيسبوك تدعو إلي السفر إلي روسيا لاستكمال الدراسة، قمت بالتقديم فيها علي الفور والتسجيل بها قبل أن أعرف الحقيقة وأتراجع عن الخطوة. يتابع: مؤسس الصفحة طلب مني مبلغ 200 دولار لكي أسافر إلي روسيا لاستكمال الدراسة، واتفقت معه علي أن يكون الدفع بالفيزا، لم أستكمل منه باقي التفاصيل، لأني وجدت مواقع إلكترونية تحذر من هذه الصفحات. وتقول مني محمد - 22 عاما - إن الهجرة غير الشرعية باتت حلم الكثير من الشباب خاصة في ظل انتشار البطالة، وعدم وجود فرص عمل تتناسب مع مؤهلاتهم الدراسية، لذلك يلجأ إلي الشباب إلي السفر للخارج من أجل البحث عن حلم السفر، وتحقيق آمالهم وطموحاتهم الدراسية والعلمية ، فالسفر إلي الخارج فكرة تراود عدداً كبيراً من الشباب في مصر. وتوضح أن هناك العديد من الشباب ينساقون وراء أحلامهم وطموحاتهم في السفر إلي الخارج بغض النظر عن الوسيلة التي يحققون من خلالها أفكارهم وطموحاتهم، وفي النهاية يقعون ضحية النصب أو لا يجدون مفرا من الموت المحتم، لذلك يجب عدم الانسياق وراء مثل هذه الأحلام التي تبيع الوهم. يتنفق معها في الرأي إبراهيم محمد - 18 عاما - قال إن هناك عددا كبيرا من الصفحات التي تبيع الوهم للطلاب وتنصب عليهم في أموال طائلة، مشيرا إلي أن الطالب يلجأ إلي مثل هذه الصفحات التي تبيع له الوهم، ولا يلجأ إلي وزارة التعليم العالي التي توفر هذه البعثات للطلاب من أجل حمايتهم من الوقوع فريسة النصب واستنزاف أموالهم، خاصة أن عددا كبيرا منهم قد يحصل علي الأموال التي سيدفعها لتحقيق حلم السفر للخارج بالكاد. وعلي الرغم من أن وزارة التعليم العالي المصرية توفر بعثات السفر إلي الخارج إلي روسيا، إلا أن الطلاب يتركون وعود الحكومة ويبحثون عن الوهم، مؤخرا أعلنت إدارة الشئون الثقافية والبعثات بوزارة التعليم العالي عن تخصيص عدد من المنح الدراسية للطلاب المصريين، للحصول علي درجة الدكتوراه للدارسين الذين يعتزمون الدراسة في الجامعات الحكومية الروسية علي حساب الطرف الروسي. وبموجب هذه البعثات يحصل الطلاب المصريون طوال فترة دراستهم علي منح مالية للالتحاق بهيئات الدراسات العليا فقط، وأماكن السكن الجامعي تتطابق ظروفها المعيشية مع ظروف المواطنين الروس الذين يدرسون علي حساب تخصصات الميزانية الفيدرالية الروسية. كما تتم تغطية المصروفات المتعلقة بتنظيم استقبال الطالب المصري عند وصوله إلي روسيا الاتحادية في المطار ونقله إلي مكان دراسته، ويتحمل الدارس قيمة شراء بوليصة التأمين الصحي الروسية، علي أن يتم توافر شروط البعثات في المرشحين أن يكون المرشح مصري الجنسية، وألا يزيد سنّه عن 32 عاما، وألا تقل مدة الخدمة بالعمل عن عامين. الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع قالت إن حلم السفر إلي الخارج يراود الكثير من الشباب المصريين مع انتشار البطالة وعدم وجود فرص عمل مناسبة لهم، وللأسف الفيزا الدراسية أحد أشكال الهجرة غير الشرعية. فالسمساسرة يبحثون عن كافة الوسائل التي تجذب الطلاب للسفر إلي الخارج، فحلم السفر للخارج هو حلم الكثيرين من الشباب لتحقيق أهدافهم بتحقيق مكاسب كبيرة.. فالسفر بالنسبة للشاب هو جمع أموال طائلة، فمازالت هذه الفكرة تترسخ عند كثير من الشباب، مما يجعلهم يقعون ضحية النصب. وتوضح إن علي الحكومة المصرية تشديد الرقابة علي هذه الصفحات ومراقبتها لتتبع القائمين عليها، لأن مثل هذه الصفحات ستنجح في صيد عدد كبير من الطلاب الراغبين في الدراسة والسفر إلي الخارج. وتؤكد أن علي الطلاب أن يكونوا أكثر وعيا بالولاء إلي بلادهم، مشددة علي أن السفر يجب أن يكون عبر الجهات الرسمية للدولة وليس من خلال طرق يكون طريقها إما الموت أو النصب. وقد نشر المكتب الثقافي المصري بروسيا تحذيرا مهما للطلاب المصريين الراغبين في الدراسة في روسيا وجاء فيه ما يلي: "يهيب المكتب الثقافي المصري في روسيا بأولياء الأمور والطلاب المصريين اتخاذ الحذر من الشركات الوسيطة التي تستقدم مئات الطلاب للدراسة في روسيا وما يدفعه الطلاب لهذه الشركات من مبالغ طائلة بشكل مخادع".. وطالب المكتب الثقافي الدارسين المصريين الراغبين في الدراسة في روسيا بأنه لا داعي للجوء لهذه الشركات الوسيطة وعليكم الكتابة (باللغة الإنجليزية) إلي الجامعات الروسية مباشرة عن طريق البريد الإليكتروني للجامعة". وقد بدأت ظاهرة الهجرة غير الشرعية منذ ستينيات القرن الماضي، وتقدر منظمة العمل الدولية معدل حجم الهجرة غير الشرعية ب10-15% من عدد المهاجرين في العالم، أما منظمة الهجرة الدولية فتقدر بأن حجم الهجرة غير القانونية في دول الاتحاد الأوروبي يصل إلي 1.5 مليون فرد. المنظمة الأوروبية لمراقبة الحدود (فرونتكس) التابعة للاتحاد الأوروبي أعلنت أن نسبة المهاجرين غير الشرعيين الوافدين إلي دول الاتحاد الأوروبي، زادت بنسبة 250% خلال شهري يناير وفبراير 2015، مقارنة بنفس الفترة من عام 2014. وتعاني مصر من ارتفاع نسبة البطالة والتي تعد السبب الرئيسي وراء انتشار ظاهرة الهجرة ووفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الذي أظهر ارتفاع معدل البطالة الإجمالي من سن "15-64 سنة" إلي نحو 12.8% من إجمالي قوة العمل، وذلك خلال الربع الثالث "يوليو - سبتمبر" لعام 2015، بمقارنة بنحو 12.7% خلال الربع السابق، في حين سجل معدل البطالة نحو 13.1% في نفس الربع من عام 2014. وأضح الجهاز أن تقدير حجم قوة العمل بلغ نحو 28.0 مليون فرد، بزيادة قدرها 218 ألف فرد بنسبة 0.8% عن الربع السابق، وبزيادة قدرها 351 ألف فرد، بنسبة زيادة 1.3% عن نفس الربع عام 2014. وأشار إلي أن عدد المتعطلين بلغ نحو 3.6 مليون متعطل بنسبة 12.8% من إجمالي قوة العمل، وبزيادة قدرها 78 ألف متعطل عن الربع السابق وبانخفاض قدره 33 ألف متعطل عن نفس الربع عام 2014.