الأزمة التي حدثت الخميس الماضي في أعقاب مصادرة أجهزة بث قناة الجزيرة في اليمن تعيد فتح الملف الشائك حول العلاقة بين الدولة والفضائيات، علاقة مازالت في حاجة لمواثيق يحترمها الطرفان، وإذا كنت مع الرافضين للمساس بحرية الإعلام وحق الصحفي في أداء رسالته المهنية، لكنني في الوقت نفسة لاأستطيع قبول ما يحدث من تجاوزات، حرية الإعلام لابد أن يقابلها الالتزام، السبق الصحفي لايبرر العبث بقضايا تتعلق بمصائر الشعوب، قناة الجزيرة تتميز بقدر كبير من المهنية، وتضم كفاءات صحفية مهمة لكنها في الوقت نفسه تعمل من خلال أجندات ترتبط بمصالح، تنعكس للأسف علي أسلوب معالجة الأخبار والتقارير والمتابعات، يمكن ملاحظة ذلك من خلال أسماء الضيوف الذين يتم اختيارهم لقضايا وأهداف محددة، ونوعية الأسئلة التي يحاصرون بها البعض لتوصيل رسالة خاصة، ومحاولة التفتيش والتنقيب عن الأزمة وكل ما يشوه الأنظمة التي تعمل خارج أجندتهم السياسية، قبل المعلومات الموثقة والتعامل الحيادي، في الأزمة الأخيرة تقول السلطات اليمنية إن الجزيرة تتعامل مع القوي الانفصالية، ولاتنقل بحياد الجانب الحقيقي، وتضخم الأحداث وتحول العمل الإعلامي إلي عمل سياسي، لذلك قرروا سحب جهاز البث، لأنه يعمل بدون ترخيص، بينما يقول المسئولون في الجزيرة، إنهم حصلوا علي موافقة رئيس الدولة، وأن سحب الجهاز واقتحام مكتب القناة خطوة سلبية في اتجاة تكميم الإعلام الذي يغطي ما يحدث فوق أرض اليمن، وأظن أن كثيرين يتساءلون، لمصلحة من التركيز علي القوي التي تدعو للانفصال في دولة عربية تشهد حراكا سياسيا وصدامات وتوسعا لتنظيم القاعدة، بخلاف حرب صعدة التي انتهت بإيقاف هش لإطلاق النيران، لاأحد يطلب من الفضائيات الابتعاد عن المصداقية والمهنية، أو حجب الحقائق عن المشاهدين، في ظل وسائل الاتصال الحديثة أصبح من السهل الحصول علي المعلومات عبر الفيس بوك ومواقع الإنترنت المختلفة، لكن تظل المادة التي تبثها الفضائيات ذات تأثير عميق، مما يضع القائمين عليها أمام مسئولية أخلاقية ومهنية، ويضع الدول أيضا أمام خيارين كلاهما صعب، المنع والمصادرة ومواجهة غضب الرأي العام، أو ترك الفضائيات لضمائر أصحابها، وتحمل نتائج العبث والتهور في تناول القضايا القومية تحت ستار حرية الإعلام.