أجرى الباحث الإسرائيلي شاؤول شاي، نائب رئيس مركز الأمن القومي الإسرائيلي السابق، والباحث بمركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية بإسرائيل، التابع لجامعة بار إيلان، بحثا مطولا عن سياسات التسليح بعد ثورة يناير، ومدى التغير الذي طرأ عليها في فترة تولي الرئيس محمد مرسي للرئاسة، مشيرًا إلى احتمالية وصول مصر إلى فكرة محاولة الوصول للسلاح النووي. خلصت الدراسة إلى أنه على الرغم من أن مصر بعيدة تمامًا عن السلاح النووي وبرامج الطاقة النووية في الوقت الحالي، إلا أن الواقع قد يتغير في القريب العاجل، مع الأخذ في الاعتبار أن الرئيس المنتخب محمد مرسي، أوضح أن مصر ترغب في إنشاء برنامج نووي سلمي، كما أن تصريحات قادة حزبه الحرية والعدالة والتي تنادي بضرورة امتلاك مصر لسلاح نووي، تثير المخاوف والقلق حول مستقبل البرنامج النووي المصري. وانتهت الدراسة إلى أنه مازالت توجهات الرئيس الجديد غير مفهومة، ما إذا كان متمسكا برغبته في إطلاق برنامج نووي سلمي، أم أنه يتفق مع إخوانه فكريا في ضرورة تملك سلاحا نوويا. في البداية، سلطت الدراسة الإسرائيلية الضوء على أن مصر لا تمتلك برنامج طاقة نووية في الأساس، وهو ما يجعلها بعيدة كل البعد عن تملك أية أسلحة نووية، إلا أن الدراسة أكدت على أنه هناك عدة عوامل مختلفة لها علاقة وطيدة بالواقع الحالي، بما في ذلك أولويات النظام السابق، والقيود المفروضة على الموارد، والمصاعب الاقتصادية التي تلاحق مصر منذ الثورة، وبالطبع عوامل ومخاوف الأمان. وأشار مُعد الدراسة إلى أن التزام مصر باتفاقية نزع السلاح النووي قد لا يطول كثيرا، مشيرا إلى تصريحات الرئيس للجالية المصرية في الصين، والتي أكدت على ضرورة إحياء المشروع النووي المصري لأغراض سلمية. ويرى شاي أن هناك تغيرا واضحا في سياسات ونوايا مصر، بداية من تقرير وزارة الكهرباء والطاقة المصرية في يوليو الماضي، والذي أكد على ضرورة البدء في تنفيذ البرنامج النووي على الفور، مشيرا إلى تزايد حاجة مصر للكهرباء، وهو ما لا يمكن توفيره في ظل النظام الحالي، وهو ما يؤكد ضرورة الشروع في تنفيذ البرنامج النووي. وتابعت الدراسة:"على الرغم من أن مرسي لم يعلن رسميا ما إذا كان ملتزما بالبرنامج النووي، أم أنه سيوقف تنفيذ الفكرة برمتها، إلا أن العديد من الشركات الدولية والأجنبية من كندا والصين وفرنسا وروسيا وجنوب كوريا والولايات المتحدة، بدأت تبدي اهتمامها بالدخول في مزايدات لتنفيذ المشروع النووي لمصر". وعلى الرغم من أن مصر جددت التزامها سابقا ومطالبتها بالحد من انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين نادت منذ عام 2005، بالبدء في تنفيذ البرنامج النووي وتصنيع أسلحة نووية، ونادت الجماعة خلال انتخابات البرلمان في عام 2005، باتخاذ الحكومة إجراءات فورية لتنفيذ عدة مشاريع وبرامج قومية، بما في ذلك البرنامج النووي السلمي، وبرنامج التسلح النووي. وفي عام 2006، بدأ عدد من أعضاء الجماعة بالدعوة لتصنيع أسلحة نووية، وقال د.حمدي حسن، أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، في العام نفسه، أن "مصر تتضور جوعا لحيازة السلاح النووي"، وهو ما أكده سعد الحسيني، الذي أشار إلى أنه على مصر البدء في تنفيذ "برنامج عسكري عاجل وقوي"، كما حث على البدء في تنفيذ برنامج التسليح النووي، حتى يكون أكثر فعالية في حماية مصر، بدلا من المطالبة بالحد من انتشار السلاح النووي في المنطقة. وأشارت الدراسة إلى أنه في عام 2009، طالب عضو البرلمان الإخواني، إبراهيم الجعفري، بتزويد مصر بالأسلحة النووية، لمواجهة التطلعات العسكرية الاستعمارية للدول الإقليمية المختلفة. وأمام لجنة الدفاع والأمن القومي التابعة للبرلمان، أكد الجعفري على ضرورة السعي للحصول على الأسلحة النووية، مع الأخذ في الاعتبار سباق التسلح النووي الجاري بين إسرائيل وإيران. وأكد شاي على أن تزايد الحاجة للطاقة ليس الدافع الوحيد لمصر للسعي للبرنامج النووي، والحصول على أسلحة نووية، ف "شاي"، يرى أن مصر ترى في نفسها قائدا للدول العربية؛ وعلى هذا، فإن قرار السعي للحصول على الطاقة النووية يخدم عدة أغراض سياسية محلية وإقليمية، إضافة إلى الأغراض الدولية. ولاشك أن النشاط النووي الإيراني قد يخلق صراعا إقليميا للتسلح نوويا، فخصوم طهران التقليديين في الشرق الأوسط، وهو مصر والسعودية وتركيا والأردن، ودول الخليج، قد يسعون للأسلحة النووية في محاولة منهم للسيطرة والحد من الطموحات النووية الإيرانية، ومواجهة التهديد الإيراني إذا ما لحق بهم. وباستثناء الإخوان المسلمين، ذكرت دراسة شاي أسماء مصريين بارزين طالبوا بالسعي للحصول على الأسلحة النووية، وكان منهم اللواء أركان حرب المتقاعد عبدالحميد عمران، حيث طالب السلطات المصرية بالدخول لسباق التسلح النووي للسيطرة على التهديدات الإسرائيلية. وقال عمران، "ربما يخلق اتخاذ خطوة بهذا الحجم معارضة دولية وعالمية، إلا أنه بالتأكيد سيمنع أيا كان من مهاجمتنا بوقاحة". وأنهى شاي دراسته بأن سعي مصر للتسلح النووي، أو حتى إطلاق برنامج نووي سلمي، لن يكون بمثابة بداية من الصفر، فالمبادرات النووية السابقة تركت للمصريين خبرة لا بأس بها، ومجموعة من العلماء والمهندسين والفيزيائيين، وعددا من الجامعات القادرة على تدريب جيل جديد من العلماء النوويين. وتابع:"إلا أنه ومع كل ذلك، وعلى الرغم من الخبرات التي حصلت عليها مصر سابقا، مازالت مصر بعيدة بعض الشيء من الحصول على أسلحة نووية، إلا أنها ليست بعيدة بالقدر الذي تتخيله بعض الدول. ومع هذا، أنهى الباحث الإسرائيلي دراسته بأنه مازال الأمر مطروحا للتساؤل، فاحتمالية اتباع مصر لسياسات ونهج النظام السابق في مسألة التسلح النووي، بعيدة عن الواقع، واحتمالاتها شبه معدومة بحسب رأي الجميع.