يواجه الشرق الأوسط تحديًا وجوديًا خطيرًا يتمثل في ندرة الموارد المائية، والتي أصبحت توظف سياسيًا وأمنيًا، وقد أكد السفير الدكتور يوسف الشرقاوي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن سلاح المياه هو السلاح الرئيسي القوي الذي تستخدمه إسرائيل منذ عام 1948. ويتجلى ذلك بوضوح في الضفة الغربيةالمحتلة، حيث ترفض قوات الاحتلال حفر الآبار وبناء السدود، وتستولي على معظم المياه المتاحة للشعب الفلسطيني. وأوضح السفير الدكتور يوسف الشرقاوي مساعد وزير الخارجيه الأسبق، خلال مداخله على قناة القاهرة الاخبارية، أن أزمة المياه في الأراضي الفلسطينية هى المقدمة لإجبار الناس على الهجرة أو النزوح القسري، لتكون الخطوة الأخيرة هى الضم وتوسيع المستوطنات. هذا الاستغلال للمياه كسلاح تجويع وعطش اتضح بشكل أكثر حدة في قطاع غزة خلال العامين الماضيين، وبالمثل، أشار الدكتور سعيد شاوردي، المحلل السياسي من طهران، إلى أن إسرائيل لا تكتفي بالاستيلاء على المياه في الضفة، بل تسرق أيضًا المياه السورية واللبنانية. اقرأ ايضا القاهرة تستضيف قمة لتثبيت الهدنة في غزة إيران.. أزمة العطش تتفاقم وخطط ضخمة للمواجهة تشهد إيران تصاعدًا غير مسبوق في أزمة العطش، مع جفاف الأنهار وتراجع مخزون السدود، الأمر الذي أدى إلى احتجاجات شعبية في بعض المحافظات. وعلق الدكتور شاوردي على دعوات إسرائيلية موجهة للشعب الإيراني للثورة مقابل الحصول على دعم تكنولوجي في تحلية المياه، واصفًا إياها بأنها دعوة سياسية تسعى لخلق خلافات داخلية. وأرجع شاوردي تفاقم الأزمة إلى عدة عوامل، أبرزها الزيادة السكانية الهائلة "من 30 مليون إلى حوالي 90 مليون نسمة"، وشح الأمطار وذوبان الثلوج بسبب التغيرات الإقليمية. بالإضافة إلى ذلك، تسببت سدود تركيا وأفغانستان في شح مياه الأنهار المشتركة، مما أثر ليس فقط على العراق وسوريا، بل وعلى المناطق الجنوبية الغربية في إيران. ورغم وجود خطط حكومية إيرانية طموحة لجلب المياه من بحر عمان وبحر قزوين، إلا أنها مشاريع ضخمة تحتاج إلى أموال طائلة وإلى فترة زمنية. الأردن.. ندرة وجودية ومساعي للاعتماد على الذات تعاني المملكة الأردنية الهاشمية، وهى من أفقر بلدان العالم في المياه، من أزمة مائية تشكل تهديدًا وجوديًا، فحصّة الفرد الأردني من المياه سنويًا هى الأقل على مستوى العالم، ويحتاج الأردن إلى 400 متر مكعب سنويًا من المياه للوصول للحد الأدنى للمستوى الطبيعي. كما أكد الدكتور حمزة العكايلة، المحلل السياسي من عمان، أن ملف المياه بات سلاحًا سياسيًا ضاغطًا تستخدمه دول إقليمية مثل إسرائيل وتركيا. ورغم وجود اتفاقية مياه مع إسرائيل موقعة بعد اتفاقية السلام عام 1994، يدرك الأردن جيدًا خطورة الاعتماد على الخارج، ولهذا السبب انطلق مشروع وطني ضخم هو الناقل الوطني، الذي يحظى برعاية الملك عبد الله الثاني، بهدف الاعتماد على الدولة حتى لا يتم لا الضغط عليها لا من إسرائيل ولا من غير إسرائيل. النجاحات العربية والدعوة للتكاتف الإقليمي بالرغم من التحديات، أكد السفير الشرقاوي أن فكرة أن إسرائيل هى الوحيدة التي تتمتع بتكنولوجيا متقدمة في تحلية المياه كانت موجودة زمان. وأشار إلى أن هناك دولاً عربية حققت نجاحات فائقة في هذا المجال، مثل المملكة العربية السعودية "التي قد تكون الأولى عالميًا"، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وقطر. كما أثنى الشرقاوي على النجاح المصري في إدارة المياه وترشيد استخدامها، من خلال مشاريع تبطين الترع والري بالتنقيط واستخدام عدادات المياه، مما أدى إلى تقليل الاعتماد على المياه الجوفية. وشدد السفير الشرقاوي على أن الحل الأساسي لمواجهة الأزمة يكمن في نقطتين: 1. الاعتماد على الذات في كل دولة عربية. 2. التعاون الإقليمي العربي العربي المخلص والتكاتف. ودعا إلى ضرورة عقد مؤتمر لوزراء الموارد المائية العرب، يليه قمة عربية بشأن المياه، لاتخاذ حلول استباقية لمواجهة هذه الأزمة المحدقة التي تؤثر على جميع الدول العربية، بعيدًا عن الحاجة لدعم أو دبلوماسية مائية إسرائيلية.