«الضربة الأكثر جدلا وغموضا بالعقود الأخيرة»، هكذا يمكن وصف الضربة الامريكية على المنشآت النووية الايرانية، الجدل والغموض ليسا فقط بسبب ما أثير حول شرعية الضربة وأسبابها وجدواها، إنما الأهم حول طبيعتها ونتائجها، ورغم متابعتي للحرب علي إيران منذ بدأها الكيان المجرم إخباريا وكذلك التحليلات الإقليمية والدولية، لكني أعترف بفشلي فى تفسير الكثير من الغموض والجدل حول طبيعة الضربة الأمريكية ونتائجها، ومما زاد الطين بلة تناقض التصريحات والمعلومات الرسمية حولها!! وأول ما نتوقف عنده غياب أي توثيق بصري للضربة الأمريكية ونتائجها، فلا صور أو فيديوهات لقوة او ضعف الضربة وتأثيرها، بل إن وكالة فارس الرسمية الايرانية بثت فيديو من موقع فوردو النووي بعد لحظات مما أعلن عن تعرضه لضربة ساحقة يظهر كأن شيئا لم يحدث، وإذا كانت أمريكا بدأت منذ أيام تحريك قواتها وفيديوهات ومعلومات مسربة عن توجيه قاذفات اللهب وغواصات وحاملات طائرات للمنطقة، فهل من المنطقي أن تقف إيران مكتوفة الأيدي دون حفظ مخزونها من اليورانيوم المخصب؟! وقد تحدثنا بمقالي السابق عن أن ما يتم بين إسرائيل وإيران حرب بالوكالة عن قوى تقف وراءهما، فهل يسمح حلفاء إيران بتدميرها وسحق برنامجها النووي وهم بمقاعد المتفرجين؟ وإذا كان وزير الدفاع الأمريكي أكد أن الضربة دمرت برنامج إيران النووي، فكيف سربت وسائل إعلام أميركية كبرى تقارير تكشف حركة سيارات نقل غير طبيعية حول المنشآت النووية قبل الضربة مباشرة، بما يوحي بنقل وتأمين المخزون المخصب، فهل تلك التقارير مقدمة وتبرير لضربات قادمة أكثر فتكا، وهل كانت إيران على علم بالضربة؟! ولو كانت الضربات الامريكية والاسرائيلية بتلك الدقة والكفاءة، فلماذا لم تقض على نظام الملالي المعادي لهما؟ أم أن الرحمة ولدت فجأة لدى البلدين؟! وهل لو انتهى بالفعل برنامجها النووي ستقف إيران مكتوفة الايدي؟! والمفاعلات النووية جزءان، منشآت ومبان ثم أجهزة ومعدات فنية، فهل ما يقصده الوزير الأمريكي أنهم دمروا تماما المباني وليس الأجهزة؟! وهنا نتوقف كثيرا عند تصريح الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنه لم يتم تسجيل أي ارتفاع فى مستوى الإشعاع خارج تلك المنشآت! لنتأكد فى النهاية أن الأسئلة مازالت حائرة!