أطلقت الضربات الأمريكية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية إنذارًا دوليًا مدوّيًا، بعدما أمر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب باستهداف ثلاثة مواقع نووية إيرانية حساسة، ليعيد إلى الأذهان مشهد الحروب الشاملة والنزاعات النووية المؤجلة. وفي ظل ضبابية الرد الإيراني، تتزايد التساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن قد فتحت الباب لصراع طويل المدى، وفي هذا السياق، أجرت مجلة «ذا نيويوركر» الأمريكية، حوارًا مع جيمس م. أكتون، الخبير الغربي في السياسة النووية، تحدّث فيه عن أبعاد الهجوم الأمريكي على إيران، وقراءة ما بعد الضربة، والمخاطر المحتملة على الأمن الدولي، مُشيرًا إلى أن ما بدأ كضربة تكتيكية، قد ينتهي بصراع استراتيجي مفتوح. اقرأ أيضا| كواليس الضربة الأمريكيةلإيران| صحيفة «التلجراف» تكشف خدعة ترامب التمويهية.. صور وفيديو الضربة الأمريكيةلإيران.. ثلاث منشآت في مرمى النيران أمر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب القوات الأمريكية، يوم السبت الماضي، بتنفيذ ضربات جوية وبحرية على مواقع نووية إيرانية، شملت منشأتي التخصيب في نطنز وفوردو، إضافة إلى مجمّع يُعتقد أنه يحوي مخزونًا من اليورانيوم قرب أصفهان، بينما كانت إسرائيل تضغط بشدة لتنفيذ هذا الهجوم، نظرًا لصعوبة الوصول إلى منشأة فوردو إلا عبر سلاح الجو الأمريكي. ما الذي حدث تحديدًا ليلة السبت؟ قامت الطائرات والغواصات الأمريكية، بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشنّ هجوم ثلاثي على مواقع إيرانية شديدة الحساسية، وهم: منشأة "نطنز" النووية، ومنشأة "فوردو" المحصّنة تحت الأرض، ومجمع قرب أصفهان يُعتقد أنه يضم مخزونًا من اليورانيوم. لماذا تم اختيار هذه المواقع تحديدًا؟ وفقًا ل الخبير الغربي في السياسة النووية، تم اختيار هذه المواقع، لأنها تُعدّ من الأعمدة الأساسية للبنية النووية الإيرانية، وموقع "فوردو" تحديدًا لا يمكن ضربه إلا بأسلحة أمريكية متقدمة، ما جعله الهدف الرئيسي لضغوط إسرائيلية على ترامب. ما الهدف من هذه الضربة؟ قال جيمس م. أكتون، إنه بحسب ترامب، الهدف هو تدمير البنية التحتية النووية الإيرانية وإجبار طهران على العودة لطاولة المفاوضات. وفي خطابه قال (ترامب): "إننا دمرنا المواقع بالكامل، وعلى إيران التوصل إلى السلام، وإلا فالعواقب ستكون أكبر". هل كانت الضربة فعالة فعلاً؟ وفقا للخبراء فإنهم يشككون في فعالية الضربة الأمريكيةلإيران، رغم أن الضربات أصابت أهدافًا كبرى، إلا أن البرنامج النووي الإيراني لا يعتمد فقط على مواقع ثابتة، بل على مواد قابلة للنقل وأجهزة طرد مركزي مُتنقلة قد تكون مُخبأة في أماكن أخرى، مما يصعّب تدمير البرنامج كليًا. اقرأ أيضا| تسريبات تكشف اختراقًا إسرائيليًا لدوائر القرار الأمريكي بشأن إيران ما موقف إيران بعد الهجوم؟ حتى الآن لم تُصدر إيران ردًا مباشرًا على الولاياتالمتحدة، لكن خبراء يتوقعون ردًا انتقاميًا باستخدام الصواريخ قصيرة المدى ضد المصالح الأمريكية في المنطقة، كما قد تعمد إلى تسريع برنامجها النووي كرد فعل على التصعيد. هل يمكن أن تنسحب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي؟ هذا احتمال وارد، بحسب محللي السياسة النووية. في حال انسحابها، ستطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وستصبح أنشطتها أكثر سرية وخطورة، مما قد يُجبر واشنطن أو تل أبيب على تنفيذ ضربات متكررة مستقبلاً. ما علاقة الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب بالأزمة الحالية؟ قال جيمس م. أكتون، الخبير الغربي في السياسة النووية، إن الاتفاق الذي تم توقيعه عام 2015 في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما كان يمنح المجتمع الدولي أدوات رقابة فعالة ومهلة زمنية طويلة (10 إلى 25 عامًا) لكبح البرنامج النووي الإيراني، والانسحاب منه عام 2018 أدخل المنطقة في مسار تصعيدي غير منضبط. هل هناك خطر حقيقي من أن تطوّر إيران سلاحًا نوويًا؟ نعم، إذ تؤكد تقارير الاستخبارات الأمريكية أن إيران كانت على بُعد أسابيع من إنتاج سلاح نووي لو لم تحدث الضربة الأمريكيةلإيران. أما الآن، فرغم تدمير بعض المواقع (المنشآت النووية الإيرانية)، فإن الدافع الإيراني نحو امتلاك القنبلة أصبح أقوى، كوسيلة ردع مستقبلية، بحسب تعبير الخبير الغربي في السياسة النووية. ما السيناريو المتوقع الآن؟ السيناريو المتوقع الآن، هو إما أن تُسرّع إيران تطوير قدراتها النووية سرًا، أو أن تتجه المنطقة نحو سلسلة من الضربات المتبادلة والردود العسكرية. وفي كلا الحالتين، فإن الضربة الأمريكيةلإيران قد تكون بداية لمسار طويل من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. ما خطورة هذه الضربة الأمريكيةلإيران؟ بحسب الخبير النووي جيمس م. أكتون، فإن هذه الضربات قد لا تكون حاسمة كما تأمل إدارة ترامب، بل قد تؤدي إلى نتائج عكسية. فبدلاً من إنهاء البرنامج النووي الإيراني، قد تكون بداية لصراع طويل الأمد، وقد تدفع إيران إلى تسريع امتلاك سلاح نووي، كرد فعل على العدوان العسكري. هل يمكن أن تؤدي هذه الضربات إلى رد عسكري من إيران؟ وفقًا ل الخبير النووي جيمس، نعم، وبشدة، حيث قال، إن إيران تمتلك صواريخ باليستية قصيرة المدى يمكنها استهداف قواعد أمريكية في المنطقة، وفي حال قررت طهران الرد على الضربة الأمريكيةلإيران، فإن ذلك سيضع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب أمام ضغط للرد مرة أخرى، ما يفتح باب التصعيد العسكري واسع النطاق. ما تأثير الضربات على البرنامج النووي الإيراني؟ هل نجحت؟ قال جيمس م. أكتون، إن هذا غير مؤكد حتى الآن، والنجاح الحقيقي يعتمد على حجم ما تم تدميره فعليً، فإيران كانت تُخزن مواد حساسة في أماكن تحت الأرض، وبعضها محمول ويمكن إخفاؤه بسهولة، وإذا لم يتم تدمير تلك المواد، فبإمكان إيران إعادة بناء قدراتها خلال عام أو عامين فقط. وعن سؤاله بشأن إذا كان يرى الخيار العسكري الأمريكي ضد إيران كان حتميًا؟، أجاب الخبير أكتون أن الخيار البديل كان موجودًا طوال الوقت، يتمثل في «العودة للاتفاق النووي، والتفاوض، وليس التصعيد العسكري» بحسب قوله واعتبر أن انسحاب ترامب من الاتفاق فتح الطريق أمام هذا التوتر الحالي، وأن الحل الدبلوماسي كان ولا يزال مُمكنًا. اقرأ أيضًا| 3 عواقب خطيرة.. ماذا بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران؟