بطاقات هوية ل «الأشجار».. وشهادة ميلاد ل «البيوت» التراث يقتحم «العصر الرقمى» عبر حكايات ب «لغة الحجر والشجر» حصر 4 آلاف جوهرة معمارية.. وتطوير 350 عقارًا وأرشفة 450 كنزًا تراثيًا إعادة تأهيل عمارة تيرينج.. أول مول تجارى بمصر والشرق الأوسط عودة «القاهرة الخديوية» وتجميل شارعى النبى دانيال وفؤاد ب «الإسكندرية» مشروعات لتحديث ميادين المحافظات وحماية تراث واحة سيوة ،، الأحجار والأشجار لم تعد شواهد صامتة بلا هوية، بل حولتها «ذاكرة المدينة» إلى تاريخ يحكى لمعالم شكلت جزءاً رئيسياً من تاريخ مصر، فقد اقتحم الجهاز القومى للتنسيق الحضارى العصر الرقمى بتطبيق جديد يمنح الأشجار بطاقات هوية ويكتب شهادة ميلاد ل «البيوت»، مع حصر 4 آلاف جوهرة معمارية تراثية وتطوير 350 منها وأرشفة 350 كنزاً تراثياً، إضافة إلى إعادة تأهيل عمارة تيرينج، وهى أول مول تجارى فى مصر والشرق الأوسط.. اقرأ أيضًا| انطلاق المرحلة الثانية لتطوير الميدان الإبراهيمى بدسوق بتكلفة 6 مليون جنيه التطبيق الجديد ليس مجرّد وسيلة رقمية، بل بوابة ذكية إلى أرشيف المدن، حيث تتداخل شرفات الماضى مع نوافذ الحاضر، وتُبعث فى الزائر شغف الاكتشاف، والمشروع حلقة فى سلسلة من الجهود التى يقودها الجهاز، من حصر المبانى ذات الطابع المميز، إلى مشروع «عاش هنا»، الذى يخلّد سيرة رموز مصر فى مواقع سكنهم، مرورًا بمبادرات حماية الطابع المعمارى فى أحياء مختلفة ب «العاصمة» والمحافظات، وانتهاءً بترميم الذاكرة البصرية فى جميع ربوع مصر.. «الأخبار» التقت المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، عقب إطلاق تطبيق «ذاكرة المدينة»، لنفتح معه دفاتر المدن، ونتعرف على فلسفة «التنسيق الحضارى»، والتى لم تعد ترفًا بل ضرورة وطنية. اقرأ أيضًا| محافظ القاهرة يناقش مقترحات تطوير عدد من شوارع مصر الجديدة حدثنا عن تطبيق «ذاكرة المدينة» الذى تم إطلاقه منذ أيام؟ التطبيق يُعد من أهم المخرجات، التى نتجت عن مشروعات «ذاكرة المدينة»، فهو يمثل تتويجًا لجهودنا، التى بدأت منذ أن أطلقنا مبادرات «عاش هنا، وحكاية شارع»، والإصدارات والكتب، والتى كان هدفها الأساسى تعزيز الوعى بقيمة التراث وأهمية الحفاظ عليه، والتطبيق يعد استجابة لمتطلبات العصر وتطوراته، حيث سعينا إلى توظيف التكنولوجيا الرقمية، بالتعاون مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، من أجل إعداد التطبيق، فأينما كنت فى مصر، سيُرسل لك إشعارات تتعلق بالمكان الذى تتواجد فيه. التطبيق ليس المشروع الرقمى الوحيد، فإلى أين وصل مشروع أرشفة المبانى التراثية ؟ قطعنا شوطًا كبيرًا فى هذا المشروع، حيث نعمل على توثيق كافة المبانى التى تخضع لعمليات تطوير فى منطقة «القاهرة الخديوية» وندرج هذه المباني، ضمن أرشيف خاص يشمل معلومات ومواد تفصيلية عن كل مبنى، ونستخدم فى ذلك جهازًا يدعى «ماسح ثلاثى الأبعاد»، نقوم من خلاله بتوثيق الواجهات وتفاصيل المبانى بدقة عالية، مما يجعل هذا الأرشيف مرجعًا أساسيًا لأى أعمال تطوير تُجرى مستقبلًا فى وسط البلد، فإذا فُقد جزء من واجهة مبنى، أو تضررت إحدى الشرفات أو الأبواب أو المداخل، يمكن الرجوع إلى هذا التوثيق لاستعادتها كما كانت بدقة شديدة، كما يضم معلومات تاريخية متكاملة؛ كأسماء المعماريين الذين صمموا تلك المبانى وغيرها من التفاصيل الفنية، ولم يقتصر على القاهرة فقط ولكن تم تطبيقه فى الإسكندرية، حيث عملنا على توثيق شارع النبى دانيال. توثيق المبانى هل بالإمكان تحديد أرقام دقيقة للمبانى التى تم توثيقها وأرشفتها حتى الآن؟ نعم، فيما يخص أعمال التطوير، فقد تجاوز عدد المبانى التى تم تطويرها 350 «مبنى»، أما بالنسبة للأرشيف، فلدينا حتى الآن مادة موثقة لما يقرب من 450 «مبنى»، ومع ذلك، فإن العدد الإجمالى للمبانى التى تم حصرها بهدف التوثيق بشكل مستمر يتجاوز 4 آلاف مبنى فى أنحاء الجمهورية، هذه الأرقام تعكس الجهد المبذول، لكننا لم نزل فى بداية الطريق، فما زالت هناك مشروعات عديدة نعمل عليها. خطط جديدة ماذا عن الخطط الجديدة؟ وما المشروعات التى تستهدفون تنفيذها فى الفترة المقبلة؟ نحن نعمل أولًا على استكمال ما بدأناه بالفعل، ولدينا مرحلة ثانية من مشروع تطوير شارع النبى دانيال، تشمل استكمال الشوارع الجانبية المتفرعة منه، ونعمل كذلك على تطوير شارع فؤاد بالإسكندرية، كما نولى اهتمامًا بالمدن الرئيسية فى المحافظات الأخرى؛ فعلى سبيل المثال، لدينا مشروع تطوير ساحة سيدى إبراهيم الدسوقى فى محافظة كفر الشيخ، ونستكمل أيضًا تنفيذ مشروع واحة سيوة، والذى يُعد من المشاريع البالغة الأهمية. اقرأ أيضًا| محافظ القاهرة يتابع مع «التنسيق الحضاري» تطوير شوارع مصر الجديدة توثيق الأشجار أعلنتم مؤخرًا عن مشروع توثيق الأشجار، فما تفاصيل المشروع ؟ نعتبره من المشاريع ذات الأهمية القصوى، وبات من الضروريات، إذ أن مصر تمتلك عددًا كبيرًا من الأشجار النادرة والمعمّرة، وهى بحاجة إلى التوثيق العلمى الدقيق، ونسعى من خلال هذا المشروع إلى تسجيل هذه الأشجار على خريطة الجهاز، وإنشاء قاعدة بيانات متكاملة تحتوى على معلوماتها التفصيلية، تمهيدًا لوضع خطة علمية للحفاظ عليها، نعمل على توثيق الأشجار عبر تسجيل إحداثيات وجودها، ومنحها رقمًا تعريفيًا، وتثبيت لافتات تحمل «كيو آر كود» تُمكّن الزائر أو المهتم من التعرف على عمر الشجرة وتاريخ وجودها فى هذا المكان، ويُنفذ هذا المشروع بالتعاون مع وزارتى «البيئة والزراعة»، ومركز بحوث النباتات، إلى جانب عدد من الجمعيات الأهلية العاملة فى بعض المناطق، ولا يقتصر على الأشجار الموجودة داخل الحدائق العامة أو المتاحف المفتوحة، بل يتعداها ليشمل أحياءً سكنية بأكملها، والتى تضم عددًا كبيرًا من الأشجار النادرة والمعمّرة، على سبيل المثال، تعدّ منطقة المعادى نموذجًا حيًا؛ لكنها تفتقر إلى التوثيق والتعريف، وهو ما نسعى إلى تحقيقه عبر أرشفتها، ومنح كل شجرة رقمًا تعريفيًا ومعلومات مفصلة، كما لو كانت بطاقة هوية تُسجَّل على خريطة واضحة، وقد شكّلنا لجنة علمية كبيرة تضم نخبة من المتخصصين فى علم النبات والأشجار، إلى جانب تعاون فعال مع عدد من الجمعيات الأهلية، لما لها من دور حيوى فى الحفاظ على الأشجار النادرة والمعمّرة، نهدف لتدشين مبادرات مجتمعية متكاملة تساهم فى الحفاظ عليها، فنحن نؤمن بأن التراث الطبيعى لا يقل أهمية، فهو يعكس هوية المكان وروحه، وقد جاءت فكرة الأرشيف من تجربة شخصية، حين كنت أحضر مؤتمرًا فى تونس، ولاحظت فى بهو أحد الفنادق وجود شجرة زيتون موضوعة فى مكان بارز ومحاطة بزجاج للحماية، وقد كُتب إلى جوارها أنها تبلغ من العمر 60 عامًا حينها، أدركت أن لدينا فى مصر أشجارًا أعرق وأندر، وتستحق ذات التقدير والرعاية، بل والتوثيق العلمى الدقيق، من هنا بدأنا فى التفكير الجاد فى إطلاق هذا المشروع. ما أحدث المشروعات التى لم يتم الإعلان عنها؟ ومن بين المشروعات ذات الطابع الخاص، التى يعمل عليها الجهاز فى قلب القاهرة، يأتى مشروع إعادة تأهيل «عمارة تيرينج»؛ تلك البناية الأسطورية التى تحمل بين جدرانها تاريخًا عريقًا وتراثًا معماريًا فريدًا، تقع هذه العمارة فى منطقة من أكثر مناطق وسط البلد كثافة وتعقيدًا، وظلت لسنوات طويلة بعيدة عن الضوء، خاضعة لتعديات وممارسات عشوائية، حتى بدا وكأنها اندثرت خلف الزمن، «عمارة تيرينج واحدة من المعالم المعمارية المهمة جدًا فى وسط البلد، وكانت قد وصلت إلى حالة صعبة من الإهمال، ولكن الدولة اليوم بدأت تقتحم هذه الملفات الشائكة، وتعيد النظر فى تلك المساحات التى كانت تُعتبر مناطق مغلقة أو مستحيلة الاقتراب، وأهمية هذه العمارة لا تكمن فقط فى موقعها المتميز، بل فى تاريخها المعماري؛ فهى تُعد أول «مول تجاري» فى مصر، وربما فى الشرق كله، لدينا تقرير موثق وشامل عن تاريخها، مزود بالصور، وسنقوم بمشاركته لتسليط الضوء على هذا الكنز المعماري، وضمن جهود الأرشفة التى يتبناها الجهاز، يتم حاليًا توثيق جميع التعديات التى لحقت بالمبنى، والتغييرات التى طرأت على ملامحه الأصلية، خاصة القبة والتماثيل التى تتوّج واجهته، هناك خطة دقيقة لاستعادة هذه العناصر مرة أخرى، بالشكل الذى يعيد للمبنى روحه الجمالية والمعمارية. ما أبرز التحديات التى تواجهونها فى عمارة تيرينج؟ أبرز التحديات التى يواجهها المشروع هو إعادة توظيف المبنى من الداخل، بما يضمن الحفاظ على هويته المعمارية من جهة، وإعادة دمجه فى نسيج المدينة المتجدد من جهة أخرى، وقد بدأت محافظة القاهرة بالتنسيق مع الجهات المالكة للمبنى لوضع تصور متكامل يحقق هذا الهدف، ويحوّل العمارة من مبنى مهمل إلى أيقونة معمارية نابضة بالحياة. تحديات إلى أين وصل مشروع توثيق وإحياء «وسط البلد»، وما التحديات التى تواجهونها؟ وسط البلد اليوم تشهد حالة نادرة من الاحتياج لإحياء مبانيها التراثية، ليس فقط من باب الحنين إلى الماضي، بل بوصفها فرصًا حقيقية للاستثمار الثقافى والعقاري، نحن، كجهاز، نؤمن بأن كل ما يتم اليوم فى قلب القاهرة، ما كان ليتم دون وجود رؤية متكاملة تستثمر هذا التراث وتعيد توظيفه بما يليق بقيمته، وإعادة إحياء وسط البلد لا يمكن أن يتحقق إلا بتعاون حقيقى مع أصحاب المبانى التراثية أنفسهم، ودعم أى تجربة جادة تسعى لإعادة توظيفها بشكل يليق بقيمتها، لأن مبانيها لا تُعامل كآثار، بل تظل مملوكة لأصحابها، وطالما أن هؤلاء الملاك لا يشعرون بأن المبنى يمكن أن يحقق لهم مردودًا اقتصاديًا مجديًا، فإن الإهمال يظل مصيرًا حتميًا لها، وقد مررنا بتجارب كثيرة فى عدد من العمارات التى كانت بحالة معمارية ووظيفية متدهورة، لكن ما إن بدأت الحياة تدبّ فيها من جديد، وأعيد توظيفها بنشاطات مختلفة، حتى بدأت النماذج الناجحة تفرض نفسها»، سواء تحوّلت إلى شقق بنظام Airbnb، أو إلى مراكز تجارية صغيرة، أو مساحات عمل مشتركة، فإن النتيجة الأهم أن المبنى يعود إلى قلب الحياة اليومية، ويسترد قيمته كعنصر فعّال فى نسيج المدينة، وأرى أن تعديل قانون الإيجارات القديمة سيُحدث عند تطبيقه فارقًا كبيرًا فى إعادة توظيف المبانى وإحيائها، مما يغيّر جذريًا من طبيعة التعامل معها، كما تُسهم الإجراءات التى تتخذها محافظة القاهرة، ومنها إخلاء المخازن والورش من الوحدات السكنية التى لم تكن مخصصة لهذا الاستخدام، فى إعادة توجيه هذه المساحات لأغراض تنموية تتماشى مع طبيعة وسط البلد، ونحن نسعى من خلال ما نقوم به اليوم لا سيما مشروع تطوير واجهات المحلات إلى خلق تجربة حضرية متكاملة تعيد الرونق إلى الشوارع القديمة، وتقدم نموذجًا حيًا لتعاون مثمر بين جهات متعددة، منها المحافظة والأحياء، ووزارة الإسكان والمرافق، وأطراف كثيرة أخرى... لكن أهم الأطراف فعلًا هم أصحاب المصلحة الحقيقية «أصحاب المحلات أنفسهم». ما أبرز تحديات تطوير وسط البلد؟ التحديات التى واجهناها فى البداية مع أصحاب المحلات الذين استثمروا أموالًا طائلة فى ديكورات غيّرت من الملامح الأصلية للمبانى التراثية، دون وعى بأن هذه التعديات تضر بجوهر القيمة المعمارية، فنضطر إلى إعادة التصميم لأصله، وهذا بالنسبة لصاحب المحل أمر كارثي، لأنه يشعر إنه خسر كثيرًا، وعندما بدأت أولى خطوات المشروع من ميدان التحرير، واجه الفريق فى البداية مقاومة شديدة من أصحاب المحلات، خاصة مع تغييرات الواجهات، لكن شيئًا فشيئًا، بدأت النظرة تتغير، فعندما بدأوا يستوعبون المردود الاقتصادى العائد لهم، وإن الجمهور والسائحين يحبون الشكل التراثي، بدأ التجاوب مع التغيير، وذلك بعد عقد اجتماعات مع كل الأطراف وشرح العائد وتحملت الدولة جزءًا من التكاليف المالية بالمشاركة مع أصحاب المحلات. عواصمالمحافظات ماذا عن عواصمالمحافظات؟ عملنا بالفعل فى طنطا، وسيوة، والمنصورة، وإسكندرية، وبدأنا نربط كل مكان بتراث المدينة نفسها، والعمل يتم على مستويين: الأول هو تطوير الميادين الرئيسية فى كل محافظة، باعتبارها بوابة العبور الأولى لأى زائر، ثم ميدان المحطة، لأن هذا أول ما يراه زائر المدينة، أما المستوى الثاني، فهو الأهم على المدى البعيد: الحفاظ على هوية كل مدينة، وإعادة تقديمها برؤية تحترم تاريخها وتلائم حاضرها، فما يجرى ليس مجرد تطوير سطحي، بل إعادة تشكيل للهوية البصرية لكل مدينة، وذلك عن طريق وضع السياسات العامة التى ترسم ملامح المدن. سيوة سيوة لها طابع معمارى فريد، ولكن العمارة بشكلها العصرى بدأت تجتاحها فما خطواتكم لمواجهة ذلك؟ لا نكتفى بالقوانين التقليدية للبناء التى تحدد الكثافة والارتفاع، لكن نحرص أن الترخيص يشمل تفاصيل الكاراكتر، الألوان، والمواد المستخدمة، لتصبح جزءًا أساسيًا من رخصة البناء، وفى تجربة سيوة، واجهنا تحديات كبيرة فى الحفاظ على الهوية المعمارية، فقد لاحظت تحولًا كبيرًا... بدلاً من الطراز الطبيعى والأصلي، وجدنا المبانى بواجهات من الألمنيوم والزجاج، وهذا لا يتماشى مع تراث المكان، فالهجرات الداخلية أثرت على المشهد العمرانى هناك، لذلك كان لابد من وضع معايير صارمة تحمى الطابع الأصلى لسيوة، لذلك وضعنا معايير خاصة بسيوة، لحماية اللوحة المعمارية الأصلية، وعقدنا اجتماعات طويلة مع القبائل هناك، لنوضح لهم أهمية الحفاظ على الهوية لنصل إلى اتفاق أنه يمكن استخدام مواد حديثة لكن على شكل يتناسب مع التراث، لكى لا نفقد روح المكان، وهنا بدأ الحوار حول التحدى الحقيقي: كيف نوصل بين الحفاظ على التراث ومتطلبات العصر؟، وكانت أولى الخطوات أن نقسم سيوة لمناطق سياحية ومناطق حماية قصوى لابد من الحفاظ على شكلها الخارجي، بحيث تصبح اللوحة المعمارية متناسقة ومتجانسة، واتفقنا أن تكون المبانى السكنية من مواد عصرية ولكن سنقوم بعمل تكسية خارجية بالمواد التى تناسب الطبيعة السيوية، وذلك فى محاولة قدر المستطاع لتلبية الاحتياجات الاجتماعية، فلا بد من التوازن بين احترام التراث واستيعاب متطلبات الحياة الحديثة. مواجهة التعديات ما هو دوركم فى مواجهة التعديات على المبانى ذات الطابع المعمارى المتميز؟ دورنا هو وضع الضوابط، أما التشريعات فمسئولية جهات أخرى، لكننا نراقب التنفيذ ونتعاون مع الجهات التنفيذية لمنع التعديات والحفاظ على الهوية، ولذلك، قرر الجهاز أن هناك بعض المناطق يجب ألا تخضع لقانون البناء الموحد، بل تحتاج لقانون خاص يصدر عن الجهاز نفسه، لحمايتها من التشوه المعماري، مثل المناطق ذات قيمة تاريخية أو عمرانية، تخضع لقانون خاص لحماية هويتها المعمارية، حُددت كمناطق حماية ذات اشتراطات بنائية دقيقة، لا تُطبق فيها القواعد العامة مثل البناء بارتفاع مرة ونصف عرض الشارع. الواجهة النيلية هل لديكم خطة للحفاظ على الواجهة النيلية؟ الواجهة النيلية يتم التعامل معاها حسب المنطقة اللى تقع فيها، ودائمًا الاشتراطات التى نضعها تمنع أى إنشاءات تحجب رؤية النيل، لأن النهر روح وهوية، وهذا ما تم تطبيقه عندما أنشأت الدولة ممشى أهل مصر، كان الهدف الرئيسى هو فتح مساحة عامة للناس لكى يروا النيل ويستمتعوا به من غير عوائق، والأماكن المطلة على النيل تخضع لاشتراطات خاصة وقواعد دقيقة، خصوصًا فى المناطق ذات القيمة التاريخية والعمرانية مثل جاردن سيتي. كيف ترى تفاعل وإقبال الشباب لما يقدمه الجهاز من مبادرات؟ كنت أظن أن الشباب ليس مهتمًا بالطرز المعمارية وتاريخها، لكنى اكتشفت العكس، فهم يقومون بتصوير الأماكن وعمل جولات، ويرسلون لنا أسئلة عن المباني، وهذا هو هدفنا الأصيل، فالأهم من القوانين والتشريعات التعوية بقيمة الأماكن لتصبح حمايتها مسئولية مجتمعية، وإطلاق تطبيق ذاكرة المدينة هدفه الأساسى استهداف الشباب، لأن اغلبهم يسعى وراء المعلومة السريعة فكان لابد من مخاطبتهم بلغتهم، وغير ذلك فإن لوحات «حكاية شارع» المنتشرة فى بعض الشوارع صُممت، بشرح لا يتعدى سطرين موجزين، لكن تتيح عبر QR Code التعمق فى تفاصيل أكثر لمن يرغب، ونفس المنهجية طُبقت على المبانى التراثية وعاش هنا، فلكى يحب الإنسان مدينته، عليه أن يجد فيها قيمة، ولإيجاد هذه القيمة يجب أن تكون المعلومات المقدمة سريعة ومركزة، بحيث يستطيع الزائر أن يشعر بالارتباط عند تنقله بين الأماكن». انتقادات هناك انتقادات بأنكم تهتمون بالوجهات الخارجية فقط للمباني.. فما ردك؟ حتى لو افترضنا أن كل شيء خراب من الداخل والخارج، لكن داخل تلك المبانى تسكن أسر، ونحن نحترم ذلك، فأنا لن أسمح لأحد أن يضر بمنزله أو بيته، فالتفاصيل الداخلية مهمة، ودور الدولة يكمن فى المحافظة على شكل المدينة، وعندما رأى أصحاب المبانى أن شكل عماراتهم قد تحسن من الخارج، بدأوا هم أنفسهم يتجهون إلى تحسين أوضاعهم ، وفى وسط المدينة الآن، تشهد حركة نشطة، حيث يتم إصلاح الأسطح، وتنظيم المداخل، وتحديث شبكات الصرف الصحي، وذلك لأنهم أدركوا أن للعمارة قيمة حقيقية. ماذا عن المشروعات الجديدة بالقاهرة؟ نقوم بإعادة الحياة إلى حى الأزبكية والحديقة، ونادى الشيش، بالإضافة إلى العمل بجد فى المنطقة المحيطة بميدان الأوبرا والعتبة، التى تشهد حركة تطوير مستمرة، فقد تم سابقًا بإصلاح المطافى ومبنى البريد، بالإضافة إلى منطقة طلعة حرب، والتحرير، وممرات وسط البلد، ونعمل على نقاط متعددة بحيث تتكامل هذه التأثيرات معًا. إلى أين وصل تطوير قرية حسن فتحي؟ أنجزنا سابقاً تطوير الخان، وقصر الثقافة، والمسجد، واستغرق العمل نحو ثلاث سنوات، ثم وفى عملنا على الساحة ، وجرى ترميم ثلاثة منازل، وهناك بعض المنازل ليست من تصميم حسن فتحي، بل هى بيوت مستحدثة، ولكننا قمنا بتحديثها وترميمها بحيث تحاكى الطراز الأصلى ولا تبدو مختلفة تمامًا، وتم بناء منزل حسن فتحى من جديد بنفس الطراز المعمارى الأصلى بعد إطلاعنا على التصميم الأول له، وأريد التوضيح هنا أن السبب الرئيسى فى انهيار أجزاء من القرية او تضررها هو عدم وجود شبكة صرف صحى وتم الاتفاق مع المحافظة على إدراج القرية ضمن مشروع حياة كريمة لتوصيل شبكة صرف صحى وهذا سيوفر الكثير ويحمى الطراز المعمارى الفريد للقرية. ماذا يقدم الجهاز لتوعية الأجيال الجديدة ؟ نحن نستغل موقعنا فى القلعة لتنظيم المبادرات، حيث يأتى طلبة المدارس إلى القلعة بانتظام، ويتم التنسيق بين وزارة الثقافة ووزارة التربية والتعليم لتحقيق ذلك، ويتعرف الطلاب على دور الجهاز وأهمية المبانى التراثية، وفى قاعة مخصصة نحدثهم عن الحضارة المصرية القديمة، وذلك من خلال عرض بانورامى أُنجز بالتعاون مع مركز التوثيق للتراث الطبيعي، يتكون من شاشات تعرض تسلسل الحضارة بدءًا من مصر القديمة مرورًا بالحضارة الفرعونية، ثم الإسلامية، ثم العصر الحديث، وتُعرض باللغتين «العربية والإنجليزية»، وتحكى لهم تاريخ البلاد، فى مدة لا تتجاوز 45 دقيقة.