قنا: أبو المعارف الحفناوى جرائم بشعة، عبارة عن مذابح لذوي الأرحام، فهنا قتل الابن والدته، وتخلص الأخ من شقيقه، وتعدى الابن العاق بالضرب على والدته، وحرم الأخ شقيقته من ميراثها الشرعي، جرائم قتل تستهدف من كانوا سندًا وعونًا للمتهمين. لحظات قاسية بل مرعبة، ومشاعر تقشعر لها القلوب والأبدان، ومشاهد كلها كانت ممتلئة بالحسرة والندم، على جرائم وصفها أمنيون بأنها بسبب غياب الوعي والطمع للمتهم، في لحظة تسيطر عليها الجحود والكسب في إرث الدم. هنا قلوب انتزعت منها الرحمة، وعقول سيطر عليها الغل والطمع، بعد تدخلات من أصحاب الفتن، الذين كل همهم التفرقة ونشوب المشاجرات بين الأخ وشقيقه أو والديه أو حتى الخال والعم وأبنائهم، ثم يراقبون من قرب ماذا يحدث، وسرعان ما ينتهي كل هذا بجريمة قتل بشعة، يموت من يموت، ويُسجن من يُسجن أو يُعدم، ويتحول المنزل الذي كانت تسيطر عليه روح المحبة والأخوة والفرح، إلى حزن وصراخ وعويل، سواء على الفراق أو حتى على الحبس. يقف البعض حائرًا ماذا سيفعل؟ الكل في حيرة وتعجب، فهل قيراط أرض أو حتى فدان يقود الناس لأن يودي بحياة أحد مالكيه أو يسجن أحدهم؟! ، صدمات متتالية تؤثر على الجميع، خاصة الأم إذا كانت على قيد الحياة، فربما تفقد ابنها أو زوجها، ويسجن القاتل، وهو أقرب الناس إلى قلبها بل سندها في الحياة. جرائم بشعة هنا في قنا، جرائم بشعة حدثت، سببها ميراث الدم، أبرزها في قرية أبو مناع غرب في دشنا، عندما خشي الابن أن يحرمه والده من الميراث، فأمسك بسلاحه وتخلص من والده وأشقائه الأربعة، وأصاب وقتها والدته، بعد أن نما إلى علمه ظنًا، أن والده قرر أن يكتب كل ما يملك لأبنائه، ويحرمه من الميراث. الجريمة البشعة، التي سيطرت بأحزانها على القرية وجميع من شاهد الجثث غارقة في الدماء، أو حتى من سمع عنها، كانت بمثابة ناقوس الخطر على الجميع، المتهم اعترف بارتكابه الجريمة، بسبب قسوة معاملة والده له على حد قوله، ورفض والده استكمال منزله، وأعطى – على حد زعمه - الحنان والمال لأشقائه، وتفكير والده في حرمانه من الميراث، حاول مرارًا وتكرارًا الانتقام، ولكنه كان يتراجع، حتى فاض به الكيل، وتخلص من والده وأشقائه الأربعة، ولدان وبنتان، حتى والدته لم تسلم منه ولكنها أصيبت بطلقات نارية، حاول بعدها الهرب، لكن الأمن كان له بالمرصاد، والسؤال هنا ربما كان الأب يؤدبك كي تعود إلى رشدك لا أن يحرمك من الميراث، لكنها تُعمى القلوب التي في الصدور. وفي قرية فاو بدشنا، أيضا، لقي 5 أبناء عمومة مصرعهم، بسبب خلافات على الميراث على 9 قراريط أرض، بدأت المشاجرة، بنزاع على قطعة الأرض، بين أبناء العمومة، تطورت إلى مشادات كلامية واستخدام الأسلحة النارية، حتى مات من مات وسُجن من سُجن. ميراث الدم لم ينته عند ذلك الحد، بل تخلص شاب من خاله في قنا، بسبب حرمانه من ميراث والدته، بعد محاولات عديدة للحصول على ميراثها الشرعي، لكن دون جدوى، وعند إصرار الخال رفضه إعطائه الميراث، قتله نجل شقيقته بدلا من أن يلجأ للقضاء، كما تخلص آخرون من أبناء عمومتهم بسبب الميراث، في الوقت الذي أصدرت المحكمة أحكامها في مثل هذه القضايا، والتي وصلت ما بين السجن 7 سنوات إلى المؤبد والإعدام شنقًا. استهداف ذوى الأرحام يقول الخبير الأمني اللواء حسن العمدة، مدير أمن سوهاج الأسبق: إن مثل هذه الجرائم التي تستهدف ذوي الأرحام، يكون من أهم أسبابها الإرث أو الشرف خاصة في قرى الصعيد، ومن بين الجرائم الكبيرة جرائم يكون سببها خلافات على الميراث. وعلل العمدة، ما يحدث في مثل هذه الجرائم إلى غياب الوعي، فضلا عن الجشع والطمع، وعدم تدخل العقلاء في وأد الجريمة قبل وقوعها، فترى الشاب يتخلص من أقرب الناس إليه بسبب قيراط أرض أو منزل أو مبلغ مالي أيًا كان، وهنا يفقد من كانوا له سندًا وعونًا، ويفقد نفسه أيضا، فمصيره السجن، ويترتب عليه إذا كان متزوجا، أن يترك زوجته وأبناءه دون سند لهم، ومن هنا يتحول المنزل إلى خراب، بعد فقد العائل سواء بالموت أو بالسجن. ويوضح العمدة أنه لا بد من عمل حملات توعوية، للحد من هذه الخلافات، وتدخل الكبار لحل الأزمة قبل تفاقهما، والسيطرة على أي خلاف يكون سببه الميراث أو حتى أي خلاف آخر، للحد من الجريمة والحفاظ على الأسرة . ويشير اللواء رأفت الشرقاوي،الخبير الأمني؛ إلى أن قديما قالوا معادن الأخوات تظهر في الميراث، وما نشاهده ونسمع عنه كل يوم من خلافات بين الأشقاء عند توزيع الميراث فيما بينهم تكشف حقيقة التربية الخاطئة من الوالدين اللذين كانا يميزان الولد الذكر عن البنت في المعاملة ويمنحانه ميزة وتفضيلا منحه شعورًا بأنه الأفضل والاحق بكل شيء حتى أصبح أنانيًا فينعكس ذلك على معاملته لأشقائه خاصة البنات عند توزيع التركة. ويوضح؛ أن الأبوين طوال العمر يبحثان عن تدبير لقمة العيش للأبناء من جانب، وكنز ما تبقى من مدخرات بعد الوفاة لتكون عونا للأبناء فى أمور حياتهم، وما يفعله الآباء هو دافع غريزى، ولكن لا يعلم هؤلاء ماذا سيحدث بين الابناء بعد وفاتهم، فنجد الأخ يقتل شقيقة أو شقيقته بسبب الميراث، ونجد الفرقة والشقاق والخلافات امتدت من جيل إلى جيل فى ذات الأسرة بسبب الميرات الملعون، فما حدث فى مركز طلخا بمحافظة الدقهلية لذات السبب يندى له الجبين، حيث هدم شقيق منزل شقيقه باللودر في واقعة تبدو وكأنها مأخوذة من فيلم تشويقي، تحوَّل خلاف عائلي إلى مشهد مأساوي . ويتابع في جريمة أخرى شهدتها قرية طوخ القراموص التابعة لمركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، حين أقدم شخص يبلغ من العمر 45 عاما على قتل شقيقه وأطفاله خنقًا بسبب الميراث. وأضاف اللواء الشرقاوى: أن الحبس 6 أشهر وغرامة 100 ألف جنيه عقوبة الامتناع عن تسليم الميراث، هكذا عاقب القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث، المعدل بالقانون رقم 219 لسنة 2017، جريمة الامتناع عن تسليم الميراث الشرعي إلى الورثة رغم أحقيتهم، بالحبس والغرامة، إلا أنه أجاز الصلح حتى بعد صدور حكم بات ضد من يمتنع عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث. ونصت المادة 49 من القانون، على عقوبة الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من امتنع عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث، أو حجب سنداً يؤكد نصيباً لوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أى من الورثة الشرعيين، وفى حالة العودة تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة. وأجاز القانون الصلح فى هذه الجرائم فى أى حالة تكون عليها الدعوى ولو بعد صيرورة الحكم باتاً، ونص على أنه لكل من المجنى عليه أو وكيله الخاص، ولورثته أو وكيلهم الخاص، وكذلك المتهم أو المحكوم عليه أو وكيلهما الخاص، إثبات الصلح فى هذه الجرائم أمام النيابة أو المحكمة بحسب الأحوال، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوة الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها، ولا يكون للصلح أثر على حقوق المضرور من الجريمة. ويشير الخبير الأمني، إلى أن الخبراء أكدوا أنه لابد من زيادة حملات التوعية خاصة في قري الصعيد التي مازالت تحرم البنت من الميراث بحجة أن أموال الأسرة سوف تذهب للأغراب ويقصدون زوج الابنة مما يخلق ضغينة وظلمًا وشعورًا بالقهر عند الاخت التي ترى حقوقها أمامها ولا تستطيع الحصول عليها خوفا من شكل الأسرة وحتى لا تكسب عداوة أشقائها الذكور، فحقوق الميراث هي الفريضة الغائبة عن مجتمعنا حيث ظهرت الصراعات والنزاعات الماليه بين الاخوة والاقارب بسبب تقسيمالميراث والتي تصل إلي القضايا والمحاكم، واصبحنا نسمع قصصًا حزينة عن قطع الارحام بين الاخوات وتحولهم الى أعداء وتصل الى رفع دعاوي قضائية بسبب النزاع على الميراث وهناك أسر فقدت أبناءها بسبب هذا الإرث الملعون. اقرأ أيضا: المشدد 7 سنوات لعاطل قتل شخصا بسبب الميراث في سوهاج