لا تتعجب إذا سألك حفيدك صباح يوم العيد: هى العيدية السنة دى كاش ولا إنستاباى! كلا..يا أخى لم تفتر فرحتى أبداً بالعيد، رغم التقدم فى العمر.. تبدلت الأدوار فقط.. بدلاً من أن أشترى لبناتى ملابس العيد، أصبحن هن يهاديننى بها. كم كانت فرحتى حين أهدتنى صغرى بناتى فى عيد الفطر الماضى «جاكتا»، واحتضنتها مع دعائها لى: «لبست جديداً وعشت سعيداً ومت شهيداً». وإذا قدمت إحداهن لى هدية فى وقت لم يكن فيه أحد العيدين قريباً، احتفظ بها بغلافها لأرتديها جديدة فى أقرب عيد.. أسعد كثيراً بهذا التبدل فى الأدوار الذى تفرضه سنن الله فى الكون، بين طفولة تأخذ العيدية وكهولة تعطيها، وهذا هو حال الدنيا، وهذه هى دورة الحياة.. لذلك أرفض سخرية البعض من هذا التبدل الطبيعى للأدوار قائلين: «فى الطفولة نعد العيديات بحماس، أما فى الكبر فنحاول الهروب منها بهدوء».. ببساطة لأنه «ما استوى عيدٌ لم تُمدّ فيه اليد، ولا تُملأ فيه الكف»، لذلك «كُن كريماً فى العيدية، تُذكر فى المجالس بالتحية». لا أنسى سعادتى وأنا طفل، حين كان أبى وجدى وخالى (رحمات الله ورضوانه عليهم جميعاً)، وباقى أقاربى، يخرجون أوراق البنكنوت الجديدة المكدسة فى رزمة ملفوفة ب «أستك» البنك ليعطونى العيدية.. قبلها كانت عينى تدور يميناً ويساراً متلهفة على أوراق البنكنوت التى تلمع من جدتها، وتجرح من شدتها (ورق يدبح) وهى فى يد أهلى، حتى يهنأ بالى حين يدس كل واحد منهم ورقة فئة العشرة قروش فى يدى، وكانت مبلغاً كبيراً فى ستينيات القرن الماضى، اليوم أحس بنفس هذه السعادة حين يصطف أحفادى فى طابور، (الصغير قدام والكبير ورا)، لأصافح يده بالعيدية.. السعادة التى أراها فى عيونهم، تسرى كالعدوى فى جسدى. أشعر وقتها بفرحة غامرة كما لو كنت أنا الآخذ لا المعطى، (مع الإيمان بأنه فى المبتدأ والمنتهى الله هو المعطى)، وأعتبر العيدية ضمن أمور حياتية كثيرة تأتى تلبية لأمر رب العزة فى حديثه القدسى: «يا ابن أدم أنفق ينفق عليك». لكن مازال وضع العيدية فى محفظة من الجلد يسبب لى عقدة منذ الصغر، أتحامل بها على كل المحافظ فلا أحملها.. حدث حين كنت بالسنة الثالثة الإعدادية عام 1968، أن وضعت كل عيديتى، وكانت 35 قرشاً فى محفظة من الجلد، كان هذا المبلغ يعد ثروة كبيرة بمقاييس تلك الأيام، اعتبرتها وديعتى التى سأظل أصرف منها باقى العام.. لكن يا فرحة ما تمت، خدها النشال وطار، فخلال فسحة العيد بحديقة الحيوان مع أصحابى، وقفت أشرب من صنبور، وكانت المحفظة فى جيبى الخلفى، ولم أحس إلا وهى فى خبر كان، ولولا أصحابى لعدت ماشياً للبيت.. من وقتها حملت المحفظة مسئولية سرقة وديعتى، فأصبحت حتى الآن أكره وضع الفلوس بها، وأستعيض عن حمل الفلوس بكروت الائتمان.. وقى الله أحفادنا شر سرقة عيدياتهم. قالوا فى العيدية ● العيدية لا تشترى السعادة.. لكنها تشترى باكو شوكولاتة، وهما تقريبًا نفس الشيء. ● انتبه أنت فى عصر العيديات الرقمية.. فلا تتعجب إذا سألك حفيدك: هى العيدية السنة دى كاش ولا انستاباى. ● أى بيت فيه طفل ديجيتال ستجده يحتفظ ب»شيت إكسل» يسجل فيه العيديات، واللى قصر فى العيدية السنة دى هيتفضح السنة اللى جايه. ● يا عم يا خال يا جار الدار، لا تبخل بعيدية ولو بدولار. عيديتى إلى: ● كل من طهر قلبه من الحقد، ولسانه من الكذب، وسمعه من النميمة، وأقواله من النفاق، وأفعاله من الرياء، ويده من الحرام، وعينه من الخيانة، وقدمه من السعى فى الخراب. ● كل من سار بين الناس جابراً للخواطر، يبسط لهم طيب العيش فيسعدهم ويريح قلبهم. ● كل من يجعل الجميع يصبح «آمناً فى سربه، معافى فى جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا». ● كل من يعدل بين الناس، ويقيم الحق بينهم، فلا يظلم ولا يتكبر. فرحتنا بالأهلى أذكرأن فرحتنا كانت كبيرة، وتكررت مرتين، حين صعد منتخب مصر لكأس العالم عامى 1990 بإيطاليا، و2018 بروسيا، وقرأت فقط عن أفراح المصريين بصعودنا لكأس العالم عام 1934بإيطاليا، لأن مصر كانت حينها أول منتخب خارج أوروبا والأمريكيتين يشارك فى البطولة، وإن شاء الله تصعد مصر للمشاركة بكأس العالم التى ستقام بأمريكا وكندا والمكسيك عام 2026. لكن الفرحة القريبة ستكون مشاركة النادى الأهلى فى بطولة كأس العالم للأندية، التى ينظمها الاتحاد الدولى لكرة القدم الفيفا، والمقامة بعد أيام قليلة فى الولاياتالمتحدة بشكلها الجديد، بمشاركة 32 نادياً. ويدل اهتمام الفيفا بهذه البطولة أنها ستكون كل أربع سنوات بالتناوب مع كأس العالم لمنتخبات الدول. النادى الأهلى هو الممثل الشرعى الوحيد لمصر فى البطولة، وإلى كل الذين يريدون تجريد الأهلى من هذا التمثيل، نقول إن الأهلى يكاد يكون النادى المصرى الوحيد الذى يجب أن يقرن اسمه بجنسية بلده، لأن هناك31 نادياً فى العالم العربى بجانب الأهلى يحملون اسم الأهلى: من البحرين شرقاً حتى الجزائر غرباً، ومن اليمن جنوباً حتى فلسطين شمالاً. ففى فلسطيين وحدها هناك ثمانية أندية تحمل اسم الأهلى: فى قطاع غزة يوجد (أهلى غزة، وشباب بيت حانون الأهلى، وأهلى النصيرات، وأهلى البريج)، وستعود إن شاء الله كلها أقوى بعد إعادة إعمار القطاع.. وفى الضفة الغربية هناك (أهلى الخليل، وأهلى بلاطة، وأهلى قلقيلية، وأهلى دورا).. وهناك أربعة أندية أيضاً فى السودان باسم الأهلى، ومثلها فى اليمن، وثلاثة فى ليبيا، واثنان فى لبنان، وأشهرها جميعاً أهلى جدة الفائز بكأس آسيا هذا العام، بجانب أندية تحمل أيضاً اسم الأهلى فى سوريا وسلطنة عمان وقطر والبحرين والإمارات والجزائر وتونس والأردن.. لكل ذلك لابد فى البطولات العالمية أن يقرن اسم الأهلى باسم مصر، يرفع فيها العلم المصرى، ويعزف السلام الوطنى لبلدنا الحبيبة. وإذا كنت أثنى على الخطوة التى قامت بها وزارة الشباب والرياضة بحشد الجماهير لمؤازرة بيراميدز فى مباراته ضد «صن داونز» فى إياب نهائى دورى أبطال إفريقيا.. أتمنى أن تقوم نفس الوزارة واتحاد الكرة، وكل الأجهزة المعنية بدعم النادى الأهلى خلال مشاركته بكأس العالم للأندية.. لأننا يوم مباراة الافتتاح بين الأهلى وانتر ميامى علينا أن نسعد جميعاً (إسماعيلاوى أو زملكاوى أو اتحادواى أو مصراوى) بأن نادياً يمثل مصر فى هذا البطولة، التى سيشاهدها2 مليار نسمة.. علينا أن نخمد نزعة التعصب، ونبغض ما قاله أحد اللاعبين السابقين والإدارى الآن بأحد الأندية، أنه لن يشجع الأهلى فى كأس العالم للأندية، والأغرب أن تصريحه جاء خلال استضافته فى فضائية مصرية احتفاء ببث حفل إجراء قرعة الأندية المشاركة فى البطولة، فلماذا حضر إذن لبرنامج كله احتفاء بالأهلى، ليثير اشمئزاز كل من شاهد هذه المراسم، بعد أن كشفته عارضة الأزياء البرازيلية «ادريانا ليما» حين ابتسمت بملء فيها، عندما أخرجت الكرة التى تحمل اسم الأهلى، وتمنت أن تزور مصر التى تحبها.. فى فجر 14 يونيو الجارى، سنسهر لنشجع «الأهلى» ضد «انتر ميامى» حين يرفع علم مصر، ويعزف السلام الوطنى لمصرنا الحبيبة.