مرتضى منصور قبل الأخير، ننشر الحصر العددي لأصوات الناخبين بميت غمر في الدقهلية    اللجنة العامة بالسويس تعلن نتائج الحصر العددي لأصوات الناخبين    في ذكرى ميلاده.. محطات في حياة طلعت حرب: رجل صنع استقلال مصر الاقتصادي ونهضتها الثقافية    ننشر الحصر العددى لدائرة ميت غمر فى الدقهلية    مصطفى عبده يكتب: إرادة تختصر الزمن    سيارة كيا EV5.. إضافة متميزة لعالم السيارات الكهربائية    وليد عبدالعزيز يكتب: حوافز جديدة لصناع السيارات    استخدما والدتهما كدرع بشرية.. مداهمة أمنية في الأردن تنتهي بمقتل تكفيريين    النائب العام يبحث التعاون مع الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي    بلاغ يكشف تلاعبًا في التسجيلات بقضية «سيدز الدولية»    الطب الشرعي في تركيا يكشف مفاجأة عن "الوفاة الغامضة" لسياح إسطنبول    مدحت عبدالدايم يكتب: عبدالمنعم إبراهيم كوميديان جاد.. تثيره مخالفة قواعد المرور    دار الإفتاء تؤكد حرمة ضرب الزوجة وتحث على الرحمة والمودة    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يكرم محافظ جنوب سيناء    مادورو: سندافع عن فنزويلا ضد أي تهديد والنصر سيكون حليفنا    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    مؤشرات أولية.. الإعادة بين 4 مرشحين بدائرة شبين الكوم في المنوفية    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    ستارمر: زيلينسكى قَبِل أغلب بنود الخطة الأمريكية للتسوية في أوكرانيا    ترامب: تقدم ملحوظ في مفاوضات التسوية الأوكرانية ومبادئ الاتفاق باتت شبه جاهزة    الفيوم تحتضن مهرجان البيئة وجامعة الفيوم تشارك بفاعلية في الحدث    وعكة صحية تُدخل والدة رضا البحراوى المستشفى    عودة "Stray Kids" إلى البرازيل كأول فرقة كيبوب في مهرجان روك إن ريو 2026    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    محمود فتح الله: تصريحات حسام حسن الأخيرة تعتبر الأسوأ في تاريخ مدربي منتخب مصر    ننشر المؤشرات الأولية لفرز لجان السويس في انتخابات مجلس النواب    عاجل.. قائمة الأهلي لمواجهة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا    ثقف نفسك | الأرض تغضب وتثور.. ما هو البركان وكيف يحدث ؟    قانون العمل الجديد | زيادة سنوية بنسبة 3%.. تعرف على ضوابطها    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    خمسة لطفلك | كيف تكتشفين العدوى الفيروسية مبكرًا؟    محمد صبحي يكشف تفاصيل إصابته ب«الوسواس القهري»    دراسة تكشف عن 3 مخاطر من إيقاف أدوية إنقاص الوزن قبل الحمل    ترتيب دوري أبطال أوروبا.. تشيلسي يقترب من المربع الذهبي وبرشلونة ال15    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    بيان رسمي.. الاتحاد السكندري: لم ننسحب من نهائي مرتبط السلة    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بحدائق أكتوبر    ب8 سيارات إطفاء.. السيطرة على حريق مصنع تدوير القطن والأقمشة بالقليوبية| صور    القبض على 3 متهمين بسرقة مصوغات ذهبية من شقة في الطالبية    رئيس البرازيل السابق جايير بولسونارو يبدأ تنفيذ حكم بالسجن 27 عاما بتهمة التخطيط لانقلاب    بعد تصنيف بعض فروع الإخوان كمنظمات إرهابية.. الفقي: ترامب يبعث برسالة غير مباشرة لحماس    بمشاركة مرموش.. السيتي يخسر على ملعبه أمام ليفركوزن في دوري الأبطال    لجنة السيدة زينب تعلن محاضر فرز اللجان الفرعية للمرشحين بانتخابات النواب    محمد صبحي عن مرضه: التشخيص كشف عن وجود فيروس في المخ    كريم الدبيس: أي حد أفضل من كولر بالنسبالى.. وجالى عرضين رسميين للاحتراف    بالأرقام.. مؤشرات اللجنة الفرعية رقم 44 بدائرة المطرية محافظة القاهرة    مصرع طفل 15 سنة في تصادم دراجة وسيارة نقل خلال حفل زفاف غرب الأقصر    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الخميس والسبت فى دور ال32 بكأس مصر    الفقي: نجاح البرلمان لن يتحقق إلا بوجود معارضة قوية ورجل الأعمال لا يصلح للسياسة    جامعة المنيا: اعتماد استراتيجية الابتكار والأمن السيبراني    إطلاق مشروع الطريق الأخضر لعالم أكثر أمانًا بقنا بتعاون بين الإنجيلية والبيئة و"GIZ"    الصحة: ضعف المناعة أمام الفيروسات الموسمية وراء زيادة حدة الأعراض    تطوير 5 عيادات صحية ومركز كُلى وتفعيل نظام "النداء الآلي" بعيادة الهرم في الجيزة    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    مواجهة نارية في دوري أبطال أوروبا.. برشلونة وتشيلسي لايف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



AI أو الكاتب الذى لا ينام
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 24 - 05 - 2025


إعداد: بسمة ناجى
عرفنا لعقود ما يُسمى بكاتب الظل، أو ال Ghost Writer وهو الكاتب الذى يقبع فى ظلمات عالم الأدب والنشر، ويصيغ الأعمال الأدبية خلف الكواليس نيابة عن آخرين تُنسب لهم أدبيًا فى العلن. كثير من السير الذاتية وكتب المشاهير وحتى بعض الروايات التى تحمل أسماء لامعة، ألفها كُتّاب محترفون فى الظل.
قد تبدو هذه المهنة غير جذابة للبعض، إلا أنها قد تكون مجزيةً ومليئةً بالتحديات، حيث تُتيح فرصًا إبداعيةً متنوعةً قد لا تتاح لكثيرٍ من الكُتَّاب لولاها، ومع دخول الذكاء الاصطناعى على خط صنعة الكتابة دُفع بهذا الدور إلى مستوى جديد: كاتب ظل آلى.
أثارَ صعود أدوات الذكاء الاصطناعى فى عام 2024 تساؤلاتٍ لدى العديد من الكُتَّاب حول مستقبل الكتابة.
هل ستحل هذه الأدوات محلّ الكُتّاب البشر، أم سيحظى كل كاتب بكاتب ظل فائق الذكاء يعمل على مدار الساعة وبتكلفة تكاد تكون معدومة، ليساعده فى إنهاء تأليف كتاب خلال جزءٍ بسيط من الوقت الذى يستغرقه الإنسان؟ صار المستقبل حاضرًا بقوة، ويُحدث تحولًا جذريًا فى منتجنا الإبداعى كما يفعل بحياتنا اليومية.
لا تُنتج برامج مثلChatGPT وTexta.ai نصوصًا مُهيكلة فحسب، بل يمكنها تقليد أساليب أدبية، وبناء شخصيات، واقتراح حبكات.
أصبح الكاتب البشرى فى كثير من الأحيان مديرًا للنص، يشرف عليه ويحرّره، وليس مُنتِجه الأوحَد. لم تعد أدوات الذكاء الاصطناعى مقتصرة على تسهيل النشر أو التحرير، بل أصبحت منصات متكاملة لتأليف الكتب.
تستخدم منصات مثل Texta.ai وFastPencil الذكاء الاصطناعى لتأليف النصوص، وتحريرها، وتنسيقها، وتوصية القراء بها، بل وتسويقها عبر مواقع مثل Amazon و Apple Books .
هنا يظهر نموذج صناعة ثقافية جديدة: أدب يُنتَج بواسطة الذكاء الاصطناعى، ويُحرّر ويُنشر ويُوزَّع ويُسوّق آليًا، تاركًا الأدباء منقسمين فى مواجهة أسئلة جوهرية عن مستقبل الإبداع الأدبى فى ظل تطور هذه التكنولوجيا: هل نعاصر ثورة إبداعية تفتح آفاقًا ثقافية جديدة؟ أم نواجه تقنيات تشكل تهديدًا للكتابة البشرية الأصيلة؟
فى يناير 2024 أثار فوز الكاتبة اليابانية رى كودان بجائزة أكوتاغاوا، إحدى أعرق الجوائز الأدبية فى اليابان، ضجة كبيرة عندما كشفت فى مؤتمر صحفى أنها استعانت ببرنامج ChatGPT فى كتابة حوالى 5 بالمائة من روايتها الفائزة «برج التعاطف فى طوكيو».
صرحت كودان بعد فوزها بالجائزة بأنها تخطط لمواصلة استخدام الذكاء الاصطناعى فى كتابة رواياتها، بما لا يعوق إبداعها بالكامل.
هذا الحدث لم يكن الأول، فقبله بعدة أشهر، منحت لجنة تحكيم مسابقة جيانغسو للشباب للخيال العلمى فى الصين أستاذًا بجامعة تسينغهوا فى بكين يُدعى شين يانغ الجائزة الثانية للمسابقة عن رواية «أرض الذكريات»، ما يعنى أن ثلاثة من إجمالى ستة مُحكمين صوتوا لصالحها.
لم يكن معظم المحكمين على دراية بأن الرواية من تأليف الذكاء الاصطناعى بالكامل، أُبلغ واحد منهم فقط مسبقًا بهذه الحقيقة، بينما استطاع آخر تخمين قدر التدخل الآلى فى الرواية وقرر عدم التصويت لها بسبب افتقارها الملحوظ للعاطفة.
الحقيقة هى أن الذكاء الاصطناعى، كأداة، أقرب إلى محرك احتمالات منه إلى عقل إبداعى. يمكنه كتابة محتوى بسرعة بناءً على أنماط، ولكنه يحتاج إلى مزيد من الدقة والفهم البشرى العميق الذى لا يمكن أن ينبع إلا من التجربة والشعور والفهم الشخصى.
بالرغم من القدرات التقنية الهائلة التى يمتلكها الذكاء الاصطناعى، تظل الميزة الحاسمة لصالح الإنسان هى قدرته على الإحساس: تلك اللمسة الإنسانية التى تنبض بالعاطفة، العمق الوجودى، والتأمل فى تناقضات الحياة، وانعكاس التجربة المَعِيشة، وسياق داخلى للشخصيات لا يمكن محاكاته آليًا.
لا تزال أدوات الذكاء الاصطناعى عاجزة عن الإلمام بتعقيدات جوهر التجربة البشرية وغموضها، ما يجعلها حتى اللحظة أداة داعمة، لا بديلًا عن الكاتب.
من هذا المنطلق، يرى بعض المختصين أن مستقبل الكتابة لن يُقصى المؤلف البشرى، بل سيعيد تشكيل دوره ليصبح أشبه ب«مُخرج سردى» يتولى إدارة النص، يختار مساره، يُعيد صياغته، ويمنحه روحه الخاصة، بينما يتكفل الذكاء الاصطناعى بالمهام الأولية، فى دورٍ شبيه بدور الكاميرا فى السينما: أداة قوية، لكنها آلة، ويظل الإبداع فى يد من يعرف كيف يستخدمها.
لا تُمثل جودة النصوص التى يؤلفها الذكاء الاصطناعى وحدها الشاغِل الأساسى، بل مسألة الأصالة أيضًا. من أين تأتى الفكرة؟ ما مصدر المشهد؟ هل تم نسخ تركيب لغوى من نص بشرى آخر؟ فى عالم تسوده الأتمتة، يصبح السؤال الأخلاقى: هل ما نقرؤه يُعتبر «أدبًا»؟ ومن هو صاحب النص؟ هل هو الإنسان الذى حرَّر الجمل؟ أم الآلة التى أنتجتها؟ أم الشركة التى دربت الخوارزمية؟ هل سيُنتج الذكاء الاصطناعى يومًا رواية تُغيِّر حياة قارئ؟ رواية تجعلنا نبكى، نعيد التفكير فى أنفسنا، نُشفى؟ هذا هو التحدى الحقيقى. الذكاء الاصطناعى ليس كاتبًا، ولا يمكنه أن يحلم، أن يشعر بالخوف أو بالحب، أن يعرف معنى فقدان شخص، أو الانتماء لوطن، أو أن يكتب من عمق ظُلمة الإحباط والشك والألم. لكنه بلا شك أداة قوية، تعيد تشكيل دور الكاتب، وتطرح تحديات وجودية على مهنة الكتابة.
يُغذى هذا التصاعُد شعور الكثير من المبدعين والعاملين فى صناعة النشر بأن سبل عيشهم مُهددة بسبب تقنيات الذكاء الاصطناعى. فقد انضم مؤلفون مثل جورج ر. ر. مارتن وجودى بيكولت وجون جريشام إلى دعوى قضائية جماعية ضد OpenAI، الشركة المطورة لChatGPT، قائلين إنها استخدمت أعمالًا محمية بحقوق الطبع والنشر أثناء تدريب أنظمتها على ابتكار استجابات أقرب إلى البشرية. ووقَّع أكثر من عشرة آلاف كاتب، من بينهم جيمس باترسون وروكسان جاى ومارجريت أتوود، رسالة مفتوحة تدعو قادة صناعة الذكاء الاصطناعى إلى الحصول على موافقة المؤلفين عند استخدام أعمالهم لتدريب نماذج لغوية كبيرة، وتعويضهم بشكل عادل عند القيام بذلك.
إلى جانب قدراته فى التأليف، أصبح الذكاء الاصطناعى لاعبًا رئيسيًا فى مجال تحرير المحتوى، فالأدوات التحريرية المعتمدة على الذكاء الاصطناعى باتت تقدم دعمًا كبيرًا للكتَّاب، حيث تساعدهم فى اكتشاف الأخطاء النحوية والإملائية وتصحيح علامات الترقيم، كما تقترح تحسينات تتعلق ببنية الجمل وأسلوب الكتابة.
تُستخدم أدوات مثل Grammarly وHemingway Editor وTexta.ai على نطاق واسع لتحسين جودة النصوص المكتوبة باللغة الإنجليزية، وتوفير الوقت والجهد المبذولين فى عملية المراجعة. لا تكتفى هذه الأدوات بتصحيح الأخطاء، بل توفِّر أيضًا توصيات تتعلق بوتيرة الكتابة، ومدى وضوحها، وملاءمتها للجمهور المستهدف، ما يتيح للكُتَّاب إنتاج نصوص دقيقة وسلسة وسهلة القراءة.
لكن، رغم هذه الإمكانيات الهائلة التى توفرها أدوات الذكاء الاصطناعى فى مجال الكتابة والتحرير، تبقى اللغة نفسها تحديًا رئيسيًا أمام المستخدمين فى العالم العربى. فمعظم هذه التطبيقات المتقدمة صُمِّمت أساسًا لتعمل بكفاءة مع اللغة الإنجليزية، بينما لا تزال اللغة العربية تعانى من دعم محدود، سواء على مستوى الدقة اللغوية أو فهم السياق الثقافى والنحوى.
إن التكوين اللغوى الغنى والمعقَّد للعربية، بما تحمله من اشتقاقات وصيغ صرفية، يُشكل عائقًا تقنيًا أمام العديد من نماذج الذكاء الاصطناعى الحالية، ونتيجة لذلك تفتقر السوق العربية إلى أدوات تحرير ذكية توازى ما هو متاح فى اللغات الأخرى، ما يجعل المستخدم العربى مضطرًا إما لاستخدام أدوات غير دقيقة، أو إلى اللجوء إلى مراجعة بشرية مكثفة.
هذا التحدى اللغوى لا يؤثر فقط على الكُتَّاب، بل ينسحب أيضًا على أنظمة ترشيح الكتب من خلال تفضيلات المستخدمين وسلوكهم القرائى لتقديم اقتراحات شخصية لكتب قد تثير اهتمامهم، وخدمات النشر الرقمى، حيث يتم إقصاء كمّ هائل من المحتوى العربى، أو على الأقل، لا يُقدَّم له الدعم الكافى للظهور والانتشار. وبالتالى، فإن أحد أهم مفاتيح المستقبل يكمن فى تطوير نماذج ذكاء اصطناعى أكثر عدالة لغويًا، تُراعى تنوع اللغات، وتكفل تمثيلًا أوسع للثقافات غير الغربية فى عالم الكتابة الرقمية.
قد لا تكمن التحديات فى الذكاء الاصطناعى ذاته، بقدر ما تتضح فى كيفية توجيهه لخدمة التنوع اللغوى والثقافى، كأداة تمكين معرفية حقيقية وعادلة لا مجرد انعكاس للمركزية الغربية. واللغة، فى هذا السياق، ليست عائقًا فقط، بل مرآة لعدالة المستقبل الرقمى أو انحيازاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.