لا جريمة تهز الضمير الإنسانى وتزلزل وجدان المجتمع مثل اغتصاب الأطفال، فهى ليست مجرد اعتداء على البراءة، بل طعنة فى قلب الإنسانية ، وكانت بعض القضايا رغم قسوتها شرارة العدالة، وبرزت قوة السوشيال ميديا كسلاح مزدوج: أداة للوعى، ومنصة للإنذار المبكر، وأعادت تنبيه الأسر إلى مسئولياتهم الغائبة. لكنها سلاح ذو حدين: الخطورة الحقيقية لا تكمن فقط فى الجريمة، بل فى جعل الألم سلعة رائجة للبحث عن الترند، و تحولت بعض الصفحات والحسابات الرقمية إلى « نشطاء رعب»، يتاجرون بخوف الآباء والأمهات، لا من باب كشف الحقيقة أوالسعى للعدالة، بل بهدف تضخيم الحوادث الفردية وصبغها بطابع الكارثة العامة. لا يجب الوقوع فى مصيدة التضخيم والتهويل والإسراف فى نشر الحوادث سواء حقيقية أو مختلقة، فأصبح كل ولى أمر يرسل ابنه إلى المدرسة يشعر بالخوف، وصارت المدارس فى نظر البعض أماكن غير آمنة وليست مرافق تربوية. لم يعد الحديث عن تصدّع العلاقة بين الأسرة والمدرسة نوعًا من المبالغة بل شيئا مقلقا، وبدأ رصيد الثقة المتبادل فى التآكل، وتطول نظرات الشك المعلم، ذلك الرمز التربوى الذى طالما ارتكزت عليه العملية التعليمية وهيبة المؤسسة التعليمية ذاتها، وقدرة المدرسة على خلق بيئة آمنة ونزيهة للتعلم، فى مناخ مشحون بالتوتر هل نسينا أن ملايين الأطفال يذهبون يوميًا إلى مدارسهم ويعودون بخير وسلام، وأن المجتمع يحتفظ بالكرامة وقيم الأسرة والاحترام المتبادل. فى زحام فيديوهات مفبركة،يجب أن يسود الرشد الرقمى ، فمن يرتكب فعلا كهذا ينزل عليه أشد العقاب دون هوادة أو رحمة ،بعيدا عن مناخ دائم من الشك والخوف. نعم نُدين مثل هذه الجرائم ونُطالب بالقصاص العادل ، ونريد أن نحمى أطفالنا بكل ما أوتينا من قوة، ولكن لا نقبل أن يُستخدم وجع الطفولة وقودًا لحرب نفسية ضد الأسرة والمدرسة والمجتمع ،ويجب التفرقة بين تسليط الأضواء وبين المتاجرة ،ولنتذكّر أن حماية الأطفال تبدأ بالعقل، لا بالفزع. المحرضون لا يهمهم الطفل ولا الأسرة ولا المجتمع، بل «عدد المشاركات» و«التفاعل» و«الترند»، ولو على حساب سمعة مدرسة أو حياة أسرة أو أمن مجتمع. ●●● قضية الميراث بين الذكور والإناث ليست جديدة، بل هى جرح قديم يتجدد كلما ضاقت الحياة واشتد الصراع على المال،وحين يتغافل الأب عن حماية بناته فى حياته، يتركهن فى مهبّ الجشع. وفى الزمن الذى نعيشه الآن تنتشر عادة عدم توريث البنات فى كثير من العائلات بسبب الطمع ، أو الخوف من انتقال الممتلكات لأزواج البنات ،واستغلال الذكور لسلطتهم داخل العائلة، والبنت هى التى تقع فى مرمى النيران والعداء. خلاصة المناقشات التى تابعتها مؤخرا لا تحرّم قيام الأب بنقل ثروته إلى بناته حال حياته، بشرط ألا يكون فى تصرفه ظلم أو حرمان مقصود للورثة الآخرين أو نية الإضرار بهم، أو الاحتيال على الميراث الشرعى.